رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


سوريا.. والغزاة الأوائل!

هل تأخرت دول الخليج وجامعة الدول العربية وبقية الدول العربية في اتخاذ موقف جاد تجاه الأوضاع في سوريا؟
نعم.. تأخرت في التعامل مع الأزمة رغم دموية المواجهة منذ البداية، منذ تقليع أظافر الأطفال في درعا، وسحق المحتجين في صلاة الفجر أيضا في درعا.
ربما تكون هناك مبررات موضوعية عملية لهذا التأخر، وهو إعطاء الفرصة للنظام السوري لكي يتعامل مع الأوضاع بحكمة وإدراك للمخاطر، والهدف هو تجنيب سوريا كارثة الحرب الأهلية، فالمنطقة فيها من المآسي ما يكفي ومهددة من كل صوب.
ربما كان هذا المبرر للتأخر، ولكن النظام السوري اتضح أنه اختار الأجندة والمصلحة الإقليمية لإيران وحبس نفسه في اعتبارات الطائفية ووضع مصلحة سوريا وشعبها الكبير المناضل الصامد ضمن خيارات المؤسسة الأمنية الحزبية الحاكمة، وهذه المنظمة السرية، مع الأسف، اتضح أن خيارها الأول والأخير هو: البقاء حتى آخر بيت في دمشق!
لقد كشفت الأحداث في سوريا أن النظام فعليا فاقد الإرادة، فالهيمنة الإيرانية على الشأن السوري واضحة تماما، فإيران حلمها وهدفها الاستراتيجي الهيمنة على سوريا كما هيمنت وتحكمت في العراق بعد التراخي العربي الذي يوصف الآن أنه خطأ استراتيجي أضعف وسوف يضعف الأمن القومي العربي لسنوات قادمة، فالتساهل العربي مع إيران يفترض ألا يتكرر الآن مع سوريا وهذه بالدرجة الأولى مسؤولية دول الخليج ومصر والأردن.
المشروع القومي الصفوي الإيراني لا يقل خطورة عن المشروع القومي اليهودي، والذي يخشاه العقلاء هو أن تكون إيران داخلة في معاهدة سرية استراتيجية مع الكيان الصهيوني، وهذه المخاوف تدعمها شواهد على أرض الواقع، فما هي مصلحة إيران ممن دعم النظام السوري بالمال والسلاح والرجال وهو النظام الذي لم يطلق رصاصة واحدة على إسرائيل، وحمى حدود إسرائيل في الجولان، وإسرائيل الآن أكثر الخائفين من زوال الأسد ونظامه!
في السنوات الماضية شاهدنا كيف أن العبث الإيراني والإخلال الأمني في المنطقة يخدمان مصالح إسرائيل وحلفائها، فإيران هدفها تفكيك الدول الرئيسية في العالم العربي، وهذا هو نفس المشروع الصهيوني، واستماتة إيران وقوة إرادتها لتحقيق مشروعها في المنطقة الذي بدأ تحت مظلة تصدير الثورة تجلى نجاحه الآن في الهيمنة على العراق، ونجاحه في إدارة الشأن السياسي في لبنان، وكل ذلك بفضل احتوائها للقرار السياسي والأمني في سوريا.
خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله كزعيم ومخلص للقضايا العربية كان دائماً السباق إلى دعم مصالح الشعب السوري والوقوف معه سواء بدعم مصالحه واحتياجاته التنموية، أو دعمه عبر التواصل والمصارحة مع النظام السوري لأكثر من ثلاثة عقود، والمملكة تحملت الكثير من التكلفة السياسية والاقتصادية جراء دعمها لسوريا ولبنان، ولم تسلم من الإهانة والتجريح من رموز النظام السوري ومن حلفاء دمشق في لبنان، وقد تحملنا الكثير لأن المبدأ المستقر في السياسة الخارجية السعودية هو أن مصالح الشعوب هي الأولى وهي التي تدوم.
من هذا المبدأ المستقر جاءت رسالة الملك عبد الله بعد أن أدار النظام ظهره لكل النصائح والدعوات الصادقة إلى تغليب الحكمة والعقل.. وجعل آلة الدمار توغل في القتل والبطش.. وما يقوم به النظام الذي أعاد لنا صورة حية من تاريخ الغزاة المغول الأوائل الذين دمروا بوحشية العراق وسوريا!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي