«الصدقات العشوائية» تحرم الأسر المحتاجة وترفع دخل المتسولين والمحتالين في رمضان
تعالت أصوات الجمعيات الخيرية وخاصة النسائية منها بضرورة استحداث سبل وطرق تنظم إخراج الصدقات من الأفراد والمؤسسات في شهر رمضان المبارك لتذهب إلى الأسر المستحقة بدلا من توزيعها العشوائي على المتسولين في الشوارع العامة.
وقالت لـ ''الاقتصادية'' إحسان صالح مكي مدير عام جمعية أم القرى الخيرية النسائية، إن الكثير ممن يخرجون الصدقات وزكاة أموالهم لا يعرفون لمن يذهبون ولمن يعطون أموالهم.. فيخرجونها لمحترفي التسول والدجل الذين أصبحوا منتشرين في كل مكان، والبعض الآخر يخرجها في غير مصارفها التي حددها الله عز وجل مما يحرم المتعففين والمستحقين الفعليين لهذه الأموال.
وبينت مكي، أن الزكاة والصدقة هي الحل للخروج من الأزمات الاقتصادية بل والقضاء على الفقر والبطالة منوهة أن فريضة الزكاة وأموال الصدقات التي فرضها الشرع تدل على روعة التشريع الإسلامي الذي استطاع أن يسبق علماء الاقتصاد والمؤسسات العالمية الكبرى في وضع الحلول للخروج من الأزمات الاقتصادية، مؤكدة أن إدارة أموال الصدقات بشكلها الحالي لا يحقق المقصود منها وهو القضاء على الفقر.
وأضافت، إن كثيرا من الأسر السعودية المتعففة هي بحاجة لمثل هذه الصدقات، مبينة أن الجمعية ترعى أكثر من خمسة آلاف أسرة فقيرة تؤمن لها المواد الغذائية والدخل المادي، مشيرة إلى أن آلية العمل دقيقة جدا في الجمعية بحيث تتحرى عن مدى حاجة الأسرة للإعانة عبر استمارة دراسة الحالة وزيارات متخصصة من قبل الإخصائية الاجتماعية حتى لا تذهب الصدقات لغير مستحقيها فضلا عن التنسيق مع الضمان الاجتماعي والجمعيات الأخرى.
وطالبت مدير عام جمعية أم القرى الخيرية، المحسنين والمتصدقين بضرورة التوجه إلى الجمعيات الخيرية بأموالهم بدلا من استقبال المحتاجين في بيوتهم أو التصدق عليهم في الشوارع دون إدراك مدى حاجتهم، لافتة إلى أن كثيرا من العمالة أصبحت تمتهن التسول في رمضان لاستدرار عطف المحسنين والخيرين الذين يقبلون بدورهم في هذا الشهر أكثر من أي وقت آخر على فعل الخيرات والصدقات وإخراج الزكاة، ولذلك يتفنن المتسولون بكل الوسائل والحيل المعروفة عنهم والقصص والحكايات الإنسانية المفبركة والعاهات المصطنعة للحصول على أقصى نصيب لهم من هذه الأموال والمواد الغذائية، في حين أن بعض الأسر المحتاجة بالفعل لا تصلهم المعونة.
وكشفت تقديرات اقتصادية أن دخل 20 ألف متسول ومتسولة في المملكة وذلك بحسب إحصائية حديثة لعدد المتسولين الصادرة عن مكتب مكافحة التسول في الرياض، يصل وفقا لمختصين إلى 120 مليون ريال خلال شهر رمضان المبارك في حال بلغ مجموع المبالغ التي حصل عليها المتسول 200 ريال في اليوم الواحد.
وقدرت لـ ''الاقتصادية'' في وقت سابق ريم أسعد المحاضرة في مجالي التمويل والاستثمار في كلية دار الحكمة في جدة، أن دخل كل 20 ألف متسول في المملكة يصل إلى ستة ملايين ريال شهريا، مبينة أن جهل الكثيرين من المواطنين والمقيمين بالمنافذ الصحيحة لأموال الزكاة والصدقات يبددها ويرفع من نسبة الفقر في المملكة باعتبار أنها ذهبت بغير وجه حق لغير مستحقيها، في حين ذهب مراقبون إلى أن إجمالي ما يحصل عليه المتسول في رمضان يصل إلى 200 ريال يوميا نتيجة تعاطف المحسنين والصائمين.
وبينت أسعد، أن هناك تقصيرا من قبل الجهات المختصة. مؤكدة أن التسول يبعثر أموال الصدقات في غير موقعها الحقيقي ويحرم آلافا من المحتاجين الحقيقيين لها وخاصة الأسر التي تعولها سيدات، لافتة إلى أن تبديد أموال الصدقات والزكاة رفع من معدلات الفقر ودفعت بكثير من المواطنات للخروج إلى التسول لتأمين متطلبات الحياة خاصة أن امتهان التسول لا يتطلب شهادات أو مؤهلات علمية.
وبحسب حصة المطيري متطوعة وعضوة في إحدى الجمعيات الخيرية: على الرغم من أنه بلغ عدد الجمعيات الخيرية المرخص لها في السعودية من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية حتى الآن 610 موزعة على كل مناطق المملكة إلا أن بعض الأسر المحتاجة لا تصلها المعونات وخاصة ممن تعولها السيدات نتيجة قصور في عمل هذه الجمعيات لعدم وجود تنسيق فيما بينها وطول الإجراءات التي قد تدخلها فيها طالبة المعونة، مبينة أن بعض أصحاب الأموال لا يثقون بعمل الجمعيات الخيرية لضعف برامجها التوعوية، ويفضلون أن يبحثوا عن الفقراء بأنفسهم حتى يضمنوا وصول أموالهم إلى مستحقيها، مقترحة تلافي هذه المشكلة بإنشاء صندوق للزكاة والتبرعات والهبات والصدقات (غير حكومي) في كل حي يضمن وصولها لمستحقيها بإشراف الجمعيات والمؤسسات ومن هم ثقة. يشار إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية أعلنت أخيرا عن أن إجمالي الإعانات التي قدمتها الوزارة للجمعيات الخيرية هذا العام بلغ 436.432.731.55 ريال. في حين تصدرت منطقة مكة المكرمة مناطق المملكة في عدد الجمعيات الخيرية المرخصة حيث وصل عددها إلى 123 جمعية تلتها منطقة الرياض بواقع 113 جمعية ثم المنطقة الشرقية بـ 66 جمعية فمنطقة عسير بـ 59 جمعية فمنطقة القصيم بـ 58 جمعية ثم منطقة حائل بـ 46 جمعية تلتها منطقة جازان بـ 28 جمعية فمنطقة تبوك بـ 21 جمعية وكذا الباحة 21 جمعية فمنطقة الجوف عشرة جمعيات وأخيرا منطقة نجران بواقع تسع جمعيات خيرية.