التعاون الصحي السعودي - الكندي: نريد الخروج بما يقنع (2 من 3)
(2) أنماط المعيشة Pattern of Living: مسألة حتمية لابد أن نعترف بها وبالتالي تؤخذ في الاعتبار عند إقرار خطة علاجية أو برنامج وقائي أو مشروع صحي أو منهج تثقيفي صحي. هنا الاهتمام ببيئة العمل بتكريس مبادئ مثل التعايش والمرونة والإبداع والابتكار تجعل مقدم الخدمة راغبا في خدمة المريض لأنه محتاج والأول قادر على تلبية احتياجاته. أما فيما يتعلق بالصحة العامة فلتناول عناصرها ومقوماتها يمكن للجمعيات السعودية الطبية المتخصصة وغير المتخصصة أن تدلي بدلوها لقربها من الواقع والخبرة المكتسبة بالمعاصرة وأعضائها البارزين مهنيا وأكاديميا؛ حيث كثير منهم تخرج في هذا النظام الطبي الكندي وخبرتهم وتجاربهم متنوعة وجيدة. من ناحية أخرى، التطور المدني والمخاطر والمحاسن المترتبة على ذلك على مستوى الأعمال أو العمران أو الإسكان في مناطق سكنية أو تجارية أو مدن صناعية وتوافر أمن صحي أو شخصي وبيئي وجودة اتصالات ومواصلات... إلخ. كل هذه لابد أن تعضد الجهات المختلفة موقف الوزارة، حيث تأكد من التجارب السابقة في أعمال موسم الحج على سبيل المثال أن التعاون بين الجهات المختلفة يخفف أعباء جمة على الوزارة ويرتقي بإنتاجها خلال الموسم، وبالتالي تكون نهاية كل موسم دروس مستفادة في كل منحى ومجال صحي للعام التالي.
(3) عدالة توزيع الخدمات Equity of Access: إن توفير الخدمات العلاجية للجميع وتسهيل الوصول لها ومن ثم المساندة والدعم في تنفيذ البرامج الصحية المختلفة، إضافة إلى تحسين الصحة النفسية والعقلية ورفع مستوى التغطية للصحة العامة مسألة ما زالت في بعض المناطق مؤرقة. الاهتمام بها كفيل بتقليص النتائج العكسية للخدمات المتواضعة أو غير المكتملة أو غير المتكاملة. كما أن في ذلك تخفيفا من حدة ردود الأفعال غير المرغوب فيها ودعم التوجهات التي من شأنها تنعكس إيجابا على همة ونشاط مقدمي الخدمة في كل موقع بغض النظر عن المنطقة أو مستوى التأهيل أو التجهيز أو خلافه. نعلم أن التوزيع غير عادل، وقد بدأت الوزارة تعالج ذلك ونعلم أن توفير الأفضل من مقدمي الخدمة والخدمات المتخصصة أيضا غير عادل، ولكن ما جمع من بيانات وتوصلنا إليه من معلومات سيختصر الطريق الطويل، خصوصا إذا ما اتبعت آلية تخفف معاناة النقل وتواضع الموارد المتوافرة من موقع إلى آخر.
(4) الموارد البشرية Human Resources: حيث تتنامى الأعداد في تقديم الخدمات بزيادة المنشآت الصحية وإداراتها ونوعية الخدمات المقدمة حسبما يستجد من تخصصات وتعقيد أساليب العمل الحديثة. المطلوب هو توفير نظام موارد بشرية يغطي الاختلافات بين أنظمة الخدمة المدنية ونظام العمل ويعنى بالعاملين من لحظة إعداد الاحتياج إلى الاستقالة أو التقاعد. المنشآت ضخمة كالمدن الطبية والمستشفيات المركزية في كل منطقة تدار بعدة أنظمة إلا أن العناية بالموظف مسألة لا بد أن تنظم إداريا أو حقوقيا بعد أن تم الاهتمام بها ماليا. من ناحية مراكز الرعاية الصحية الأولية فلا يمكن أن يقلل من شأنها لأنها خط الدفاع الأول للصحة وحري بأن يكون جل اهتمام وزارة الصحة بهذا القطاع ومنسوبيه بعد أن انتقلت العديد من المسؤوليات والمهام إلى جهات متخصصة للتخفيف من الأعباء والتركيز على الجودة وحسن الأداء في تقديم الخدمات الصحية. عددياً.. فلا تزيد المستشفيات التعليمية عن 2 في المائة من مجموع المستشفيات إلا أنها قادرة على استيعاب الطلاب والمتدربين والزائرين مع أن الإعداد في تزايد سنويا وقادرة على التعليم والتدريب للمستويات المختلفة (الدبلومات والبكالوريوس والدراسات العليا). وإذا ما عدنا للقرار الأخير الخاص بالدبلومات الصحية ورفض التعيين عليها، فإن تغيير الواقع ينتظر ظهور تأثير الحلول البديلة وإلا فإن الهموم التي أزاحتها وزارة الصحة من قبل للتفرغ للرعاية الصحية ستحل محلها هموم أخرى من صنع الإدارة وعندها يمكن القول ''لم تفدنا التجارب''.
(5) التعليم Education: إذا لم يكن في معادلة التطوير إعداد الأيدي المتخصصة المتبنية لأحدث المعايير في تقديم الخدمة فإن استمرار المعاناة سيكون مسؤولية سيتحملها مجلس الخدمات الصحية ولا غير. التعاون المستمر مع وزارة التعليم العالي الممثل في الجامعات سيخدم التخصصات وطرق التدريس ومحتوى المناهج والأساليب المتبعة حديثا في تعليم هذا المجال المهم والحساس. فلو مثلاً كانت أهداف الخطة تخريج ألف طبيب حاصلين على الزمالة خلال فترة التعاون، فإن مشروعا مثل هذا حتما سيحفز جامعات عالمية أخرى (غربية كانت أم شرقية ممن نعلم تقدمهم في العلوم الطبية)، بفتح المجال للمملكة بزيادة أعداد طلابها المبتعثين في الطب والمجالات الصحية المختلفة. كما سيفتح الأبواب أمام العديد من حملة البكالوريوس في التخصصات الصحية للتدريب بعد البكالوريوس مباشرة أو على رأس العمل، وهنا سيكون تبادل الخبرات للتدريب محليا أو خارجيا سيطور نوع ومستوى العلاقة في هذا التعاون فيجعله أكثر حراكا وأمتن صلة وأفضل على المستوى العام والخاص وستكون المنفعة مزدوجة تعزز برامج أخرى يمكن للمملكة أن تدخلها مستقبلا اقتصاديا أو ثقافيا أو اجتماعيا. وللحديث تتمة.