نزاع النفط والعملة يقترب من الحل بين جنوب السودان وشماله
قال جنوب السودان أمس إنه يلحظ تقدما في تسوية نزاعين مع الخرطوم بشأن تقاسم إيرادات النفط وإطلاق عملتين جديدتين وذلك في نبرة تصالحية بعد اتهامه خصم الحرب الأهلية السابق بإشعال حرب اقتصادية. وقال باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان الحاكمة في الجنوب إن جنوب السودان سيدفع رسوما تنسجم مع المعايير العالمية مقابل استخدام خطوط أنابيب تصدير النفط في الشمال بعد تخلي السودان عن طلبه الحصول على 22.8 دولار للبرميل.
ونال جنوب السودان استقلاله في التاسع من تموز (يوليو) وأخذ معه 75 في المائة من إنتاج السودان من النفط البالغ 500 ألف برميل يوميا والذي يعد شريان الحياة الاقتصادية للشمال والجنوب. وسيكون على جنوب السودان أن يدفع للخرطوم رسوما مقابل نقل إنتاجه من النفط عبر خط أنابيب إلى ميناء السودان على البحر الأحمر لكن الطرفين لم يتفقا بعد على كيفية توزيع إيرادات النفط التي كانت تقسم مناصفة.
وبين أموم أن الخرطوم سحبت طلبا سابقا للحصول على 22.8 دولار للبرميل مقابل حق استخدام خط الأنابيب أي نحو 20 في المائة من قيمة النفط المصدر وذلك بعد إجراء محادثات ثنائية جديدة في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، وأبلغ أموم الصحافيين بعد عودته إلى عاصمة الجنوب جوبا أن الجانبين يريدان حل جميع القضايا العالقة بحلول 30 أيلول (سبتمبر). وكان دبلوماسيون غربيون يأملون في التوصل إلى اتفاق قبل استقلال الجنوب.
وقال "سندفع رسوما لاستخدام خط الأنابيب.. وسندفع أيضا رسوم عبور تتفق مع الممارسات والمعايير العالمية، لكنه لم يذكر كم سيدفع الجنوب"، وأضاف "أنهت تلك المباحثات محاولة لفرض رسوم إضافية استثنائية من جانب حكومة الخرطوم التي أعلنت أنها ستفرض 22.8 دولار للبرميل.. لقد تراجعوا رسميا عن ذلك الموقف".
في حين لم يصدر رد فعل فوري عن حكومة الشمال التي لم تؤكد طلب الحصول على 22.8 دولار للبرميل الذي أعلنه الجنوب يوم الإثنين عندما وصفه بأنه "سرقة في وضح النهار"، وقد يهدد الخلاف على تقاسم إيرادات النفط بتعطيل تدفق الخام من البلد الذي يعد مصدرا مهما إلى الصين واليابان.
وحصل الجنوب على استقلاله في استفتاء أجري في كانون الثاني (يناير) بموجب اتفاق سلام وقع عام 2005 ووضع حدا لعقود من الحرب الأهلية مع الشمال. ويقول المحللون إن رصد إيرادات النفط ظل يفتقر إلى الشفافية في السودان الذي عاني لسنوات متاعب الحرب والتضخم والفساد وعقوبات تجارية أمريكية.
وأوضح أموم أن البلدين يبحثان أيضا سبل بناء الثقة في عملتيهما الجديدتين. وبدأ الشمال والجنوب طرح عملة جديدة في تموز (يوليو) دون تنسيق في خطوة تعرض كلا الطرفين لمخاطر محتملة. ويقول الشمال إن الجنيه السوداني في الجنوب سيصبح بلا قيمة الأمر الذي قد يضر بالدولة الجديدة بشدة. لكن أي محاولة من الجنوب لتصدير العملة القديمة إلى الشمال قد تزيد الضغوط التضخمية القوية أصلا هناك. وأوضح أموم قائلا: "اتفقنا على تشكيل لجنة مشتركة من البنكين المركزيين بحيث يجري إحلال واستبدال جنيه جنوب السودان "الجديد" بالجنيه السوداني القديم وأيضا تحويل الجنيه السوداني في الخرطوم بطريقة تتسم بالشفافية"، وأضاف "سيخضع الجنيه القديم لنظام إدارة بالغ الوضوح بحيث لا يحدث إغراق للسوق بالجنيه السوداني".
ويقول البنك المركزي السوداني إنه مستعد لإجراء مزيد من المحادثات لكنه سيسرع عملية إحلال العملة القديمة إذا لم تسفر المفاوضات عن شيء. وإضافة إلى القضايا الاقتصادية يواجه البلدان مشكلة ترسيم حدودهما الطويلة وإنهاء العنف في بعض المناطق الحدودية وإيجاد حل لمشكلة منطقة أبيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب.