مطالب بدراسة بدائل للاستثمارات السعودية في الخارج

مطالب بدراسة بدائل للاستثمارات السعودية في الخارج

حث محللون اقتصاديون على إيجاد حلول بديلة للاستثمارات السعودية، ودراسة بدائل أخرى من أجل استثمار الفوائض النفطية الحالية والقادمة مع استمرار ارتفاع أسعار النفط.
وقلل محللون تحدثوا لـ"الاقتصادية" من المخاوف التي رافقت أزمة الدين الأمريكي، وتأثيرها المباشر على الاقتصاد المحلي أو استثمار فوائضه المالية في سندات الخزينة الأمريكية، في وقت دعوا فيه إلى ضرورة إيجاد بدائل أخرى للاستثمارات السعودية التي يصب معظمها في هذه السندات، في ظل تفاقم أزمة الديون الأمريكية.
وأوضح لـ"الاقتصادية" الدكتور سعيد الشيخ، كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي التجاري، أن أزمة الدين الأمريكي لها دور كبير في تباطؤ الاقتصاد، وتداعياتها ستلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي، خاصة أن الأزمة انعكست على سعر صرف الدولار الذي تراجعت قيمته أمام العملات الرئيسة، خاصة اليورو.
ونوّه إلى أن التداعيات المصاحبة للأزمة لها تأثيرها على الاستثمارات السعودية التي أغلبها تم استثمارها في سندات الخزينة الأمريكية، مشيرا إلى تراجع قيمتها مع استمرار ذلك التراجع في حالة بقاء سعر صرف الدولار متدنيا.
وقال: إنه في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي في أمريكا، فإن الاحتياطي الفيدرالي سيبقي أسعار الفائدة متدنية من أجل تحفيز النمو الاقتصادي، الأمر الذي سيكون له تأثيره على عائد هذه الاستثمارات؛ نظرا لانعكاس تداعيات الأزمة، التي تعمل على استمرار تدني العائد على هذه الاستثمارات، خصوصا أن معظم هذه الاستثمارات السعودية تتركز في أدوات قصيرة الأجل ذات عائد منخفض.
وأكد الشيخ ضرورة إيجاد حلول بديلة للاستثمارات السعودية في ظل هذا الوضع، وأهمية دراسة بدائل أخرى من أجل استثمار الفوائض النفطية الحالية والقادمة مع استمرار ارتفاع أسعار النفط.
من جانب آخر، قلل الدكتور فهد بن جمعة، المحلل الاقتصادي، من حجم الأزمة على الاستثمارات المحلية في السندات الأمريكية، في ظل ثبات سعر الفائدة على هذه السندات ما يعتبره مؤشرا على أن التأثير لن يكون خطيرا بالحجم الذي يروج له إعلاميا.
وقال: إن قضية أزمة الديون الأمريكية وما يصاحبها من خلاف على رفع سقف ديونها، لن تتسبب في إفلاس أمريكا، وإن الخطر سيكون محدودا وعلى نطاق المدى القصير، منوها إلى أن هناك مؤشرات تؤكد هذه الترجيحات، أبرزها التوقعات بتسجيل نمو للاقتصاد الأمريكي هذا العام بنسبة تتجاوز 2.5 في المائة، حسب تقرير البنك الدولي، إضافة إلى ثبات سعر الفائدة على السندات بجانب ارتفاع أسعار النفط؛ ما يقلل من المخاطر التي قد ترافق الأزمة التي تشغل الاقتصاد العالمي، مستبعدا عدم التزام أمريكا لديونها.
وبيّن أن وضع السندات ما زال مستقرا وثباتا، وأن التأثير قد يكون على مدى قصير، أما على المدى المتوسط ستكون الأمور أفضل؛ نظرا لما يصاحب التذبذبات الاقتصادية على سعر الفائدة للسندات، فهنالك علاقة عكسية بين سعر الفائدة والعائد على السندات، فكلما ارتفع سعر الفائدة ينخفض سعر العائد، بينما هناك علاقة طردية بين سعر الفائدة وأسعار السندات.
وعاد ليؤكد أن الاستثمارات السعودية التي يستثمر منها ما بين 70 و90 في المائة في هذه السندات لن تتعرض لمخاطر كبيرة؛ فالاستثمارات السعودية في مأمن، وتأثرها سيكون فقط على المدى القصير، كما تكون هناك تذبذبات انخفاضات، من المدى المتوسط إلى الطويل تعود الأمور إلى مجراها، والعوامل الأساسية تتحكم في اتجاه العملات والنفط.
وأوضح أنه لو تمت الموافقة على رفع سقف الديون سيكون الأثر على المدى القصير، حيث سينعكس على سعر الدولار الأمريكي الذي سترتفع قيمته مقابل العملات الأخرى تشهد أسعار النفط انخفاضا، إلا أن هذا الوضع سيكون لفترة محدودة حيث سيعود الدولار إلى الثبات وأسعار النفط تعود للارتفاع. وأكد الجمعة، أن ردود الأفعال تجاه أزمة ديون أمريكا قد يكون مبالغا فيها، فالمخاوف على الاقتصاد ليست كبيرة، لكن ما ستحدثه الأزمة الأمريكية تباطؤ في الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أن ما يجري حاليا يعود لدورة الاقتصادية، فكل أزمة ماليه تحدث يتبعها انهيار ثم تذبذبات ثم ركود واستقرار، وأن المرحلة التي يمر بها الاقتصاد في الوقت الراهن هي نهاية حالة التذبذبات التي يعقبها مرحلة الاستقرار، الذي قد يشهده العام المقبل حيث سيكون الأداء أفضل.
من جهة أخرى، يرى الدكتور زياد حافظ، محلل ومستشار اقتصادي ومالي، أن أزمة الديون الأمريكية وبشكل أدق أزمة سقف الدين العام الأمريكي على الاقتصاد العالمي والاقتصاد العربي، خاصة الاقتصاد السعودي لها تداعيات بالغة الأهمية، فبسبب نظام المدفوعات الدولية المعمول به، حيث الدولار كان وما زال العملة المعيارية، جعل تلك الدول رهينة تقلّبات السياسة الاقتصادية والمالية والنقدية الأمريكية.
وقال: إن السلطات الأمريكية لم تكن في يوم من الأيام محرجة بالالتزام بقيود ضابطة لسلوكها الاقتصادي والمالي والنقدي، وبالتالي استمرّت في سياسة اعتماد الاستهلاك كالمحرّك الأساسي للعجلة الاقتصادية وفرضت ذلك النموذج على معظم دول العالم. وبيّن أن من تمر به أمريكا ناتج تداعيات الاستهلاك المفرط على حساب الادخار؛ ما انعكس على زيادة حجم الاستيراد وبالتالي زيادة حجم العجز في الميزان التجاري.
وأوضح حافظ، أن المشكلة الفعلية هي أن التشريعات الداخلية الأمريكية حدّدت سقفا لحجم الدين العام التي لا تستطيع تجاوزه، فإذا لم يحصل أي اتفاق بين الحزبين المتناحرين في الكونجرس حول رفع سقف الدين العام فتصبح الولايات المتحدة بعد المدة المحددة لعدم تجاوز السقف في حالة العجز عن الدفع لأي إلتزام داخلي أو خارجي، أي بمعنى آخر في حالة التوقف عن الدفع التي تؤشّر بحالة الإفلاس العام.
ولفت إلى أنه بغض النظر حول إمكانية الحصول على اتفاق حول رفع سقف الدين العام، فهناك مشكلة كبيرة تواجه أمريكا وكل من يحمل سندات الخزينة الأمريكية، خاصة أن الاقتصادات العربية والخليجية خصوصا تابعة للتطوّرات الاقتصادية الخارجية، وخاصة ما يحصل في دول الغرب والولايات المتحدة.
وقال إن المخاوف قد تكون في المدى الطويل؛ إذا لم تتحرك هذه الدول وتستثمر فوائضها ضمن بدائل أخرى، فإن فوائضها المالية قد تتعرض للخطر، خاصة أنها تستثمر منها نسبة كبيرة في الصناديق السيادية التي تحمل كميات كبيرة من السندات الخزينة الأمريكية، التي أصبحت مهددة بالتلاشي.
وأكد حافظ، أنه لا بد على الدول صاحبة الفوائض المالية والنفطية من مسؤولية معالجة ومراجعة توظيفها في السندات الخزينة الأميركية، وإيجاد وسائل بديلة لتوظيف الفوائض المالية، مشيرا إلى أن من تلك البدائل التفكير الجدي في الانتقال من اقتصاد ريعي يستند إلى الطلب العالمي للنفط إلى قاعدة إنتاجية تقلّص الانكشاف الاقتصادي تجاه الخارج وتعالج الأمن الغذائي، إن الاستثمارات في الاقتصادات العربية كفيلة بدفع نمو تلك الاقتصادات وحماية الاقتصاد الخليجي من التقلّبات الدولية.

الأكثر قراءة