«أرامكو» و«داو» تعتمدان مجمع البتروكيماويات بـ 20 مليار دولار

«أرامكو» و«داو» تعتمدان مجمع البتروكيماويات بـ 20 مليار دولار

أعلنت شركتا "أرامكو السعودية" و"داو كيميكال كومباني" الأمريكية أمس، أن مجلسي إدارة الشركتين قد اعتمدا تأسيس مشروع مشترك لإنشاء وتشغيل مجمع كيميائيات متكامل عالمي المستوى في الجبيل الصناعية 2، باستثمار يفوق 20 مليار دولار.
ويأتي قرار تأسيس هذا المشروع المشترك الجديد، الذي سيحمل اسم "شركة صدارة للكيميائيات"، بعد إجراء دراسة جدوى شاملة للمشروع وتنفيذ الأعمال الهندسية الأولية والتصميمية التي ترتبط به، التي بدأت منذ عام 2007.
وكان المجمع البتروكيماوي الضخم قد شهد كثيرا من التكهنات حول مصيره، بعد أن اكتنفه غموض، حيث اتفق الشريكان في المشروع على التأجيل في المضي في المشروع بسبب الأزمة المالية العالمية، المتمثلة في الحصول على قروض تمويلية.
إلا أن التحدي الحقيقي الذي واجهه المشروع، يتمثل في عدم ملاءمة الأرض التي سيقام عليها المشروع، إذ بعدما تم الانتهاء من الدراسات الهندسية للمشروع في رأس تنورة، التي تملك أكبر مصفاة للنفط في العالم، تم اكتشاف عدم ملاءمة الأرض التي سيقام عليها المشروع لارتفاع معدل المياه فيها كونها ''سبخة''، حيث يتطلب استصلاح الأرض عمليات دفان بارتفاع ثلاثة أمتار، وهو ما يحول دون استصلاحها لعدم توافر الرمل الكافي في محافظة رأس تنورة، كما أن خيار جلب رمال من البحر مكلف جدا، وهو ما دعا إلى إعادة تقييم المشروع، وحتم على الشركاء نقله إلى مدينة الجبيل الصناعية، التي تمتلك مقومات اقتصادية مذهلة تتمثل في قربها من منابع النفط السعودية الضخمة، إضافة إلى وجود البنى التحتية النفطية في المدينة.
وسيكون المجمع الصناعي، الذي يضم 26 وحدة تصنيع ويستفيد من خبرات أرامكو السعودية في مجال إدارة وإنجاز المشاريع، إلى جانب عديد من التقنيات الحديثة المملوكة لشركة داو، واحدا من أكبر مرافق إنتاج الكيميائيات المتكاملة في العالم وأكبر مرفق من نوعه يتم بناؤه في مرحلة واحدة، كما سيتميز المجمع بمرونة عالية قادرة على تكسير مجموعة كبيرة من أنواع اللقيم، وسينتج أكثر من ثلاثة ملايين طن متري من المنتجات الكيميائية واللدائن عالية الأداء، والقيمة تتيح له الاستفادة من الأسواق سريعة النمو في مجالات الطاقة والنقل والبنية الأساسية والمنتجات الاستهلاكية.
ومن المقرر أن تبدأ أعمال الإنشاء على الفور على أن يبدأ تشغيل وحدات الإنتاج الأولى في النصف الثاني من عام 2015، بحيث تكون جميع الوحدات قد اكتملت ودخلت في طور التشغيل في 2016. ويتوقع أن يحقق مشروع (صدارة) في غضون عدة سنوات من بدء التشغيل عائدًا سنويًا يبلغ عشرة مليارات دولار، وأن يوفر الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة من خلال الاستثمارات في المجمع نفسه والمصانع التي ستقام في مجمعات الصناعات التحويلية المرتبطة به.
وقال المهندس خالد الفالح رئيس أرامكو السعودية، إن هذا المشروع يمثل نقلة متميزة في استراتيجية أرامكو السعودية الطموحة الرامية لتحقيق النمو في قطاع الصناعات اللاحقة التي تشمل التكرير والكيميائيات والتسويق، كما عبر عن سروره بأن تكون شركة "داو" هي الشريك في المشروع لما تتمتع به من سجل رائع من النجاح واسم رائد في مجال الكيميائيات، مشيرا إلى أن "داو" ستوفر لمشروع "صدارة" المشترك مجموعة متميزة من تقنيات المنتجات التحويلية وقدرات تشغيلية وتسويقية عالمية تكمل نقاط القوة التي تتمتع بها أرامكو السعودية، باعتبارها أكبر مورد متكامل للطاقة والمشتقات البترولية في العالم إنتاجا وموثوقية.
وأضاف الفالح "إن العديد من منتجات "صدارة" ستكون مواد تنتج لأول مرة في السعودية، وسيقوم هذا المشروع بدور رئيس في توفير التنوع الصناعي والاقتصادي في المملكة، وفي الوقت نفسه سيسهم في إيجاد آلاف الوظائف المتميزة، ويتيح لنا تحقيق تطور كبير في الصناعات التحويلية المحلية، ما يدعم طموح المملكة في أن تصبح مركزا لجذب الاستثمارات في مجال تصنيع المنتجات التحويلية التي تحقق قدراً كبيراً من القيمة المضافة للموارد الهيدروكربونية".
ويبلغ إجمالي الاستثمارات في المشروع، بما في ذلك استثمارات الأطراف الأخرى، نحو 20 مليار دولار، ومن المقرر أن يكون مشروع "صدارة" مشروعا تملكه كل من أرامكو السعودية وشركة "داو" بحصص متساوية بعد طرح جزء من أسهمه للاكتتاب العام مستقبلا، وإلى جانب إسهامات الشريكين في رأسمال المشروع، ستوفر وكالات الائتمان للتصدير والمؤسسات المالية قروضا تمويلية للمشروع.
من جانبه، قال أندرو ليفريس، رئيس مجلس إدارة شركة داو "إن الإعلان هو خير دليل على التزام شركة داو المتواصل بتنفيذ استراتيجيتها في مجال النمو، فهذه الشراكة المتميزة تجسد نموذج الملكية الاقتصادية الصحيح مع الشريك المناسب، حيث تهدف هذه الشراكة إلى اغتنام فرص النمو في القطاعات سريعة النمو في مجال الطاقة والنقل والبنية الأساسية والمنتجات الاستهلاكية من خلال إنشاء مركز تصنيعي يوفر مجموعة من المنتجات المتنوعة ويحقق ميزة في مجال التكلفة".
وأضاف ليفريس "إننا نسهم في "صدارة" بأفضل ما لدى "داو" من منتجات متفوقة تقنيا ورائدة عالميا، وسيستفيد العملاء في المناطق الناشئة، كالصين والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية وإفريقيا من وجود مورد قوي يتمتع بالتكامل في مجال اللقيم، ويملك قدرات تسويقية وتوريدية وتقنيات متطورة وموارد تنمو، كلما زاد الطلب من قبلهم. وإجمالاً، فإن مشروع "صدارة" سيحقق لـ"داو" قدرا كبيرا من الإيرادات الجديدة".
وسيضم المجمع وحدة "تكسير" عالمية المستوى قادرة على تكسير مجموعة كبيرة من أنواع اللقيم التي سيتم الحصول عليها من خلال ما تملكه "أرامكو السعودية" من بنية أساسية ضخمة ومتكاملة للمواد الهيدروكربونية، ومن خلال الاستعانة بقدرات "أرامكو السعودية" في إدارة وإنجاز المشاريع، وما تمتلكه شركة داو من تقنيات متطورة لإنتاج المنتجات.
وسيتولى مشروع "صدارة" تسويق المنتجات داخل نطاق منطقة تضم ثماني دول، فيما ستقوم شركة داو بتسويق وبيع المنتجات بالنيابة عن "صدارة" في جميع الدول خارج منطقة الشرق الأوسط.
وكان كل من ''أرامكو السعودية'' و''داو كيميكال كومباني''، قد اتفقتا في 12 أيار (مايو) 2006 على تأسيس شركة مشروع مشترك تقوم ببناء وامتلاك وتشغيل مجمع عالمي لإنتاج الكيماويات والبلاستيك في المملكة، وهو مشروع رأس تنورة التكاملي، قبل أن يصطدم بالتحديات التي فرضت نقله إلى الجبيل الصناعية.
وسينتج مجمع البتروكيماويات مجموعة كبيرة ومتنوعة من المواد الكيماوية والبلاستيكية، كما سيقوم بمجموعة من الأعمال ذات القيمة العالية وإنتاج المنتجات المتخصصة التي يتم تصنيعها لأول مرة في السعودية، وعند تشغيل هذا المجمع بكامل طاقته، سيكون من أكبر مرافق إنتاج البلاستيك والكيماويات في العالم، وأكثرها ملاءمة من حيث الموقع لخدمة الأسواق العالمية الرئيسة.
يشار إلى أن مجمع البتروكيماويات سينتج مجموعة كبيرة من المنتجات الأساسية والمتخصصة، تشمل مشتقات الإيثيلين والكلورين والبروبلين والمواد الأروماتية، ويتكون المشروع مبدئيا من وحدات عالمية الطراز لإنتاج البولي إيثيلين وأكسيد وقليقول الإيثيلين وأكسيد وقليقول البروبيلين، وكلور ألكالي، ومركبات الفينيل كلورايد ومركبات البولي يوريثان وراتنجات الإيبوكسي والكربونات المتعددة، وأمينات وقليقول الإيثير.

الأكثر قراءة