الحي المالي في لندن: نهج جديد لتوسيع الاستثمار الخليجي
أعلن اللورد الدرمان بير عمدة الحي المالي في لندن، أن حكومة بلاده تتبع نهجا جديدا في تقوية علاقاتها التجارية والاستثمارية في دول مجلس التعاون الخليجي من خلال ما يسمى بـ "الدبلوماسية التجارية". وأضاف أن مفهوم الدبلوماسية التجارية أطلق لأول مرة عند تسلم رئيس مجلس الوزراء البريطاني الحالي غوردون براون مهام عمله بداية العام الماضي، والمفهوم عبارة عن فلسفة جديدة لكيفية عمل السفارات البريطانية التي توجد في دول الخليج.
وأوضح اللورد بير، أنه في السابق كانت أنشطة السفارة تقتصر فقط على إصدار "الفيزا" لمن يريد السفر إلى بريطانيا أو إصدار جوازات سفر جديدة للمقيمين البريطانيين في منطقة الخليج، أما في الوقت الحاضر وبعد التعاون مع وزارة التجارة والاستثمار البريطانية تم إنشاء قسم خاص يعنى "بتسويق بريطانيا" كبلد جاذب لبيئة الأعمال والاستثمار. وقال إن مهمة هذا القسم هو توسيع نطاق الاستثمار الخليجي داخل بريطانيا من خلال إبراز أهم ما يميزها عن غيرها من العواصم الأوروبية والعالمية، ولا سيما في قطاع التجارة والخدمات المالية.
#2#
وأشار إلى أربعة عوامل أساسية تميز بريطانيا عن غيرها من عواصم العالم كأفضل بيئة لممارسة الأعمال، أولها وفرة أعداد المتخصصين في تقديم الخدمات المالية الموجودين داخل حي لندن المالي ذوي المهارة العالية والخبرة الكافية في تحسين أداء أي قطاع اقتصادي تحتاج إليه دول الخليج.
وأضاف أن العامل الثاني هو البيئة التجارية الودية التي يتمتع بها حي لندن المالي الذي يتميز باستقرار ملحوظ مع جود شفافية كاملة للمستثمر تضمنها محاكم النزاعات التجارية التي تحوز على شهرة عالمية واسعة، إضافة إلى فارق التوقيت الزمني المناسب الذي يميز لندن عن غيرها المراكز المالية العالمية. أما ثالث تلك العوامل فإنها القدرة الفائقة في سرعة الاتصال بأي أسواق عالمية أخرى من خلال البنى التحتية المتطورة من وسائل نقل مختلفة وبنية اتصالات سلكية ولاسلكية حديثة، التي كلفت الحكومة البريطانية كثيرا من الأموال لتصل إلى ما هي عليه من فاعلية قلما توجد في أحياء مالية عالمية مشابهة.
وأكد عمدة الحي المالي أن الحكومة البريطانية بدأت بتنفيذ مشروع مواصلات حيوي يعد الأول في العالم وهو عبارة عن إيجاد قطار داخل مطار هيثرو يرتبط مباشرة بمحطة القطارات في حي لندن المالي ما يضمن وصولا سريعا وبدون أي توقف من المطار إلى تلك المحطة "وسيتم الانتهاء من هذا المشروع بحلول عام 2018". وقال إن ذلك يعطي بريطانيا ميزة إضافية عن باقي العواصم، حيث إن معظم رجال الأعمال يفضلون إنجاز أعمالهم بسرعة كبيرة ليوفروا الوقت والمال.
وأضاف اللورد بير أن التنوع الديمغرافي الذي يحتضنه حي لندن المالي من خلال وجود أكبر عدد من أصحاب الأعمال في العالم يتكلمون 300 لغة يعطي مساحة أفضل للتواصل مع أجزاء من العالم يصعب على رجل الأعمال الوصول إليها، وهذا ما يوفر الجهد والمال على التجار الخليجيين. وأكد أهمية تنمية العلاقات التجارية المتبادلة بين بريطانيا ودول الخليج قائلا إن "الوقت حان لمزيد من النجاح البريطاني في الخليج".
وأضاف أن بلاده تتطلع إلى منطقة الخليج باعتبارها "شريك استراتيجي تجاري حيوي" لذلك قام أخيرا بزيارة خاصة إلى دول الخليج ضمن وفد يتكون من 15 شخصا يمثلون كبرى المؤسسات المالية والتجارية في المملكة المتحدة بهدف التعريف بمكانة بريطانيا التجارية والتعرف على الفرص الواعدة في الدول الخليجية، مبينا أنه خلال تلك الزيارة استشف مدى أهمية منطقة الخليج لبريطانيا، ولا سيما في مجال الأعمال والتجارة والتعليم والصحة، داعيا جميع الدول الخليجية إلى الاستفادة من قدرات بريطانيا في مجالات أخرى كالبحث العلمي والتكنولوجي.
ورأى اللورد بير، أن عجلة العلاقات التجارية المتبادلة بدأت بالفعل مرحلة جديدة بعد دعوة عدد من الدول الخليجية بريطانيا لإبداء اقتراحاتها حول بعض التحديات الاقتصادية التي تواجهها تلك الدول كقطر التي استعانت بخبراء بريطانيين متخصصين في بناء المدن الرياضية وآخرين متخصصين في الابتكار التكنولوجي ليساعدوا على إنجاح تنظيم نهائيات كأس العالم 2022.
وذكر أن هؤلاء الخبراء يبحثون الآن عن كيفية ابتكار تكنولوجيا مناسبة لتبريد ملاعب كرة القدم التي ستقام عليها المباريات، إضافة إلى وجود شراكة أخرى مع الكويت والسعودية والإمارات تتعلق بوضع حلول لتحديات المستقبل، ولا سيما إيجاد مصادر جديدة للدخل تكون بديلة عن النفط في المستقبل. وأكد أن من أهم تلك المصادر هي الطاقة المتجددة والبديلة والمجال الصناعي، التي تتمتع بريطانيا بكم وافر من البحوث العلمية عنها ما سيساعد دول المنطقة على إيجاد أفضل الحلول لمواجهة تحديات ما بعد النفط. وتحتل العلاقات التجارية مع دول الخليج أهمية كبيرة لدى المملكة المتحدة فهناك ما يفوق 160 ألف بريطاني يعملون في منطقة الخليج، في حين بلغت قيمة صادرات بريطانيا إلى دول الخليج نحو 15 مليار جنيه إسترليني ما يعادل ما صدرته للصين والهند مجتمعتين.
ويعد مشروع "بوابة لندن" الذي تديره إحدى الشركات التابعة لإمارة دبي أكبر مشروع استثماري من نوعه في لندن بإيرادات تبلغ 1.5 مليار جنيه إسترليني، وهو عبارة عن ميناء للحاويات في عرض البحر ومركز للخدمات اللوجستية على مستوى عالمي. وبلغ حجم الاستثمارات من دول الخليج في بريطانيا نحو 2.25 مليار دولار خلال العام الماضي، ما يعكس مدى سهولة الاستثمار فيها وسلاسة الدخول على جميع القطاعات الاقتصادية بشكل حر.