رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


المسؤولية الاجتماعية للشركات CSR1,2,3 ومحفزاتها (5)

استمرارا للمقالات السابقة التي ناقشت مصطلح ومفهوم وتطبيقات المسؤولية الاجتماعية للشركات، من خلال تناول بعض النظريات التي أسست أو أسهمت في بناء وتطور هذا المفهوم على الصعيد الدولي، الذي نأمل أن ينعكس محليا وإقليميا ليتجانس مع المفاهيم والأسس الدينية التي تدعو لها الشريعة الإسلامية. وقبل ذلك، أود أن أشكر كل من دعمني معنويا من خلال التواصل بالردود على المقالات المنشورة في الصفحة الإلكترونية أو المراسلات البريدية، التي بدورها أسهمت في استمرار وتطور طرح هذا الموضوع من خلال وجهات نظر مختلفة، التي عكست اهتماما لدى المجتمع عموما ومجتمع الأعمال خصوصا، وسيأتي من ضمن هذه السلسلة بعض المقالات التي تناقش دور الشركات المحلية في ممارسات وتطوير مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات.
في هذا المقال سيكون الحديث عن موضوعين، الأول عن تعدد نماذج المسؤولية الاجتماعية، والآخر عن محفزات ممارسة المسؤولية الاجتماعية للشركات. والهدف المنشود من نشر مثل هذه النقاشات، هو تطوير رؤية المجتمع وقطاعات الأعمال حول بناء موضوع المسؤولية الاجتماعية، وذلك قطعا سيسهم في رفع الوعي لدى شريحة مهمة من قطاعات المجتمع والأعمال المختلفة.
نهج عديد من الباحثين في محاولة لصياغة وتعريف المسؤولية الاجتماعية للشركات CSR مع محاولة لدمج هذا المصطلح في نماذج أخرى قد تستوعبه شكلا وتختلف معه موضوعا. من هؤلاء الباحثين على سبيل المثال Frederick, W. في أبحاثه المنشورة في (1978، 1986، 1987، 1994)، الذي حاول فيها تفسير رؤى مختلفة لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات تدرجت على النحو التالي، المسؤولية الاجتماعية للشركات Corporate Social Responsibility CSR1 ، الاستجابة الاجتماعية للشركات Corporate Social Responsiveness CSR2، النزاهة الاجتماعية للشركات Corporate Social Rectitude CSR 3. يعتقد Mitnick 1995 أن Frederick أشار إلى أن الشركات طبقت، أو بدأت في تطبيقات ترتبط بعلاقاتها مع المجتمع وتفسر المواقف أو المستويات الثلاثة السابقة.
الباحث Moir 2001 يشير إلى أن رؤية Frederick لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات، الذي كان دارجا إلى عام 1970، يعتمد على مدى التزام الشركات بالعمل من أجل تحسين وتطوير بيئة المجتمعات المحيطة، وهذا ما أشار إليه بمفهوم CSR1، بعد عام 1970 لاحظ Frederick تحولا في طريقة تعاطي الشركات مع احتياجات المجتمع المحيط بها، ليكون خير وصف لتلك الحقبة استجابة الشركات لمتطلبات المجتمع CSR2. والتي عرفها على أنها ''مقدرة الشركات للاستجابة لمتطلبات وضغوط المجتمع''، وبالتأكيد هذه المتطلبات والضغوط، لم تكن لتحسين المنتجات أو خفض تكلفتها فقط، وإنما للضغط على الشركات للمساهمة في بناء المجتمع والمحافظة عليه. وفي هذا التطور في الرؤية Frederick يلاحظ أن مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات قد تطور وارتقى من مجرد النظرة الفلسفية السابقة، لينتقل إلى مدار يتعلق بالممارسات الإدارية Managerial actions. تلا ذلك محاولة Frederick تفسير هذه المرحلة من خلال تأصيلها وربطها بأخلاقيات اتخاذ القرارات الإدارية، ليؤطر لنزاهة ممارسات الشركات نحو المجتمع CSR3، التي يرى فيها أن دراسة العلاقة بين الشركات والمجتمع في حاجة إلى إطار أخلاقي يضع المحددات الرئيسة التي تسمح من خلالها بنقد ودراسة أثر الشركات في الوعي، والمجتمع البشري، واستمرارية الجنس البشري. فهو يرى أن مصطلح CSR كان يعبر عن وجهة النظر المعيارية في تعامل الشركات مع المجتمع، في حين أن CSR2 أدت إلى ظهور تفسيرات غير منطقية أو تتجاوز المقاييس المعيارية، فأصبح لزاما وجود الأطر الأخلاقية لتفسير علاقة الشركات بالمجتمع من خلال CSR3.
من خلال ما سبق وخصوصا ما يتعلق بالاستجابة الاجتماعية للشركات CSR2 نستطيع القول إن ممارسات الشركات مسؤولياتها الاجتماعية، تعتمد على مدى وعي ومفهوم أعضاء مجالس الإدارة والإدارة التنفيذية للشركات لدورهم الاجتماعي، هذا الدور قد يتأثر بمستوى الوعي والمطالبات من المجتمع المحيط، وخصوصا من وسائل الإعلام المتخصص، والروابط والمؤسسات الممثلة للمجتمع.
يبقى الحديث عن محفزات الشركات لممارسة المسؤولية الاجتماعية نحو المجتمع، التي قد تعتمد على عدد من المحفزات الاقتصادية، والاجتماعية والتشريعية، جمعها Frederick من عديد من الدراسات السابقة، وأُورد منها:
- الخوف من تدخل الحكومات في عملية اتخاذ القرار في القطاع الخاص.
- امتلاك الموارد المادية والكفاءات البشرية الضرورية في المساهمة في تطوير المجتمعات وحل مشاكلها.
- وجود المهارات والمعارف الذاتية المحفزة في تطبيقات CSR لدى الإدارة التنفيذية للشركة.
- رغبة الشركات والقائمين عليها ليكونوا مواطنين صالحين لمجتمعهم، الذي هم جزء منه.
- اندثار الضوابط التقليدية وخصوصا ما يتعلق بسياسات التسعير في السوق، مع ازدياد وجود المديرين المحترفين كقوة مسيطرة في إدارة وتوجيهات الشركات.
- مساهمة مؤسسات المجتمع المدني المؤثرة لرعاية مطالب الفئات المختلفة في المجتمع.
- الفجوة بين الرغبة في تحقيق الربح لدى الشركات وبين الرغبة في المساهمة في تغيير القيم المجتمعية.
- رغبة الشركات في الالتزام بالتشريعات والأعراف الاجتماعية الدارجة حتى تكون عضوا فاعلا في المجتمع.
- ضغط بعض القيم والأعراف الإنسانية، والدينية، والشعبية.
- الخوف من انتشار العنف والاضطراب الاجتماعي.
- الرغبة في تحقيق قبول شعبي واسع.
- تطبيق رؤية ورسالة وأهداف الشركة التي جاءت في ميثاق تأسيس الشركة أو ما يعرف بـ Corporate Charter في الولايات المتحدة وكندا.
مما سبق، وبالتطبيق على ممارسات الأسواق الناشئة يمكن القول إن هناك قوتين قد يكون لهما الأثر في تحريك المياه الراكدة تحت شركات القطاع الخاص، الأولى دور الحكومات في سن التشريعات والقوانين ووضع الحوافز التي توجه الشركات للاستثمار في تنمية المجتمع كما تستثمر في منتجاتها. والآخر هو وجود قاعدة اجتماعية واعية بمسؤوليات وواجبات شركات القطاع الخاص، وتمارس حقها في الضغط على الشركات ذات الأثر الأقل للتوجه إلى الاستثمار في المجتمع وتنميته بالقدر الذي ترى أنه يحقق مفهوم المشاركة الاجتماعية والاستفادة المتبادلة. (يتبع)..

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي