«الشراكة الثلاثية» .. التحدي الحقيقي أمام تطوير بيئة الاستثمار في المملكة
أكد تقرير رسمي حديث أن التحدي الأكبر أمام تطوير بيئة الاستثمار في المملكة خلال المرحلة المقبلة، يتمثل في تعميق الشراكة "الثلاثية" بين القطاع الحكومي، والقطاع الخاص، والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وشدد التقرير الذي صدر عن وزارة الاقتصاد والتخطيط، على أهمية تحفيز القطاع الخاص الوطني على توسيع استثماراته في الداخل، وتعزيز قدراته على التعامل بكفاءة ومرونة مع تداعيات الأزمة المالية العالمية.
ويؤكد التقرير أهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به المدن الاقتصادية في المملكة في توفير بيئة استثمارية مشجعة وجاذبة للاستثمار، وفرص عمل إضافية ذات نوعية جيدة، فضلاً عن الإسهام في تحقيق التنمية المتوازنة بين مناطق المملكة، وتحويل الميزات النسبية إلى ميزات تنافسية. ويضيف التقرير أن هذه الطموحات التنموية تشكل تحديا مهما لاستراتيجية تنمية الاستثمار في خطة التنمية التاسعة للمملكة، مما يعزز الحاجة لوضع آليات تنفيذية فاعلة لمتابعة أداء الاستثمارات الخاصة في المدن الاقتصادية وتقويمها.
ويؤكد التقرير حرص خطة التنمية التاسعة على التكيف مع الظروف المرحلية محلياً وعالمياً، فضلاً عن مراعاة المتغيرات والمستجدات التي في مقدمتها التطوير التقني والمعرفي لجميع الأنشطة الإنتاجية والخدمية لكونها ركيزة أساسية لإرساء دعائم التحول نحو الاقتصاد القائم على المعرفة. وأشار إلى أن منظومة حوافز الاستثمار ستعكس خلال فترة الخطة التحولات والظروف السائدة.
وبحسب التقرير فإن خطة التنمية التاسعة تستهدف إيجاد بيئة مواتية لجذب الاستثمارات الخاصة (الوطنية والأجنبية)، من خلال توفير مجموعة متكاملة من الحوافز، يتكامل فيها الدور التنموي المتنامي لتلك الاستثمارات مع دور الاستثمارات الحكومية في الإسراع بمعدلات النمو على الصعيدين الكلي والقطاعي، فضلاً عن زيادة رأس المال والمحافظة عليه، وبما يحقق تغييرات هيكلية في الاقتصاد الوطني، من خلال التركيز على الفرص الاستثمارية الأكثر إسهاماً في تنويع القاعدة الاقتصادية، وتحسين الإنتاجية والقدرات التنافسية، والمواءمة بين زيادة الربحية التجارية والعائدات الاجتماعية، فضلاً عن زيادة المحتوى المعرفي والتقني في المنتجات والخدمات الوطنية.
وتهدف الخطة إلى نمو الاستثمار الإجمالي بمعدل سنوي متوسط يقدر بنحو 10,4 في المائة) ليبلغ نحو 1762,7 مليار ريال، ونمو الاستثمار في القطاعات غير النفطية بمعدل سنوي متوسط يقدر بنحو 10,5 في المائة خلال الخطة، لتبلغ قيمته نحو 1680,8 مليار ريال، وتشكل نحو 95,4 في المائة من الإجمالي، ونمو استثمارات القطاعات الإنتاجية بمتوسط سنوي يقدر بنحو 8,2 في المائة خلال الخطة، بحيث يبلغ إجمالي قيمة الاستثمار فيها نحو 763,1 مليار ريال، وبما يشكل نحو 43,3 في المائة من الإجمالي، ونمو استثمارات قطاعات الخدمات الخاصة بمتوسط سنوي يقدر بنحو (17 في المائة)، بحيث يبلغ إجمالي قيمة الاستثمار فيها نحو 594,2 مليار ريال، وبما تمثل نحو 33,7 في المائة من الإجمالي، ونمو الاستثمارات الحكومية بمتوسط سنوي يقدر بنحو 5,2 في المائة لتبلغ إجمالي قيمتها نحو 323,4 مليار ريال، وبما تمثل نحو 18,3 في المائة من الإجمالي.
وتسعى خطة التنمية التاسعة إلى التوسع في عقود الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص في تنفيذ مشاريع البنية التحتية، والاهتمام بوضع الإطار التنظيمي الملائم لهذه العقود، والتوسع في إنشاء "بنوك الاستثمار"، وتفعيل الدور التنموي للقطاع المصرفي بوضع سياسات وآليات لتوفير الاحتياجات التمويلية للقطاعات الإنتاجية القادرة على تنويع القاعدة الاقتصادية، ومتابعة أداء الاستثمارات الخاصة بالمدن الاقتصادية للتحقق من مدى التزامها بالمسارات المحددة، وتذليل المعوقات التي قد تحد من كفاءة أدائها، وتفعيل دور الاستثمارات الخاصة (الوطنية والأجنبية) في توفير متطلبات التوجه نحو الاقتصاد القائم على المعرفة، إضافة إلى تعزيز جهود التنمية المستدامة من خلال التزام جميع الأنشطة الاستثمارية بمراعاة البعد البيئي وفقاً للأسس المحددة بالنظام العام لحماية البيئة، والاستمرار في المحافظة على وجود مناخ تنظيمي أكثر دعماً وتشجيعاً للاستثمار، والعمل على تشجيع الاستثمار في كل منطقة من مناطق المملكة وتنميته.
ويؤكد التقرير أهمية ما تتضمنه الخطة من تشجيع للاستثمار الخاص لضمان مواصلة النمو الاقتصادي بأعلى المعدلات الممكنة، وجذب الاستثمارات في عدد من القطاعات الاقتصادية المهمة مثل قطاع الطاقة الذي يشمل الصناعات المعتمدة على النفط والغاز كالبتروكيماويات والكهرباء وتحلية المياه والصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة مثل التعدين، إلى جانب الاستثمار في مشاريع النقل للاستفادة من المزايا النسبية المتوافرة للمملكة والمرتبطة بموقعها الاستراتيجي كنقطة التقاء بين الشرق والغرب، وتوجيه الرساميل نحو مشاريع السكك الحديدية والموانئ الجوية والبحرية والطرق، إضافة لقطاعات تقنية المعلومات والاتصالات ذات الأهمية في تطوير بقية القطاعات الاقتصادية.
ويشير التقرير إلى ما شهدته خطة التنمية الثامنة (2005-2009) من جهود لتعزيز مناخ الاستثمار في المملكة وتطويره مما أدى إلى زيادة الاستثمار بمعدل سنوي متوسط بلغ نحو 11,2 في المائة خلال فترة الخطة، وهو ما ترتب عليه انعكاسات تمثلت في زيادة المخزون الرأسمالي الداعم للطاقات الإنتاجية، والمعزز للقدرات التنافسية بمعدل سنوي متوسط قدره 4,9 في المائة، وهو ما أسهم بدوره في تحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي، وتطوير البنية التحتية للخدمات العامة، ورفع مستوى معيشة المواطنين، وتحسين نوعية حياتهم..
ويوضح التقرير أن قيمة الاستثمارات المنفذة في القطاعات غير النفطية زاد من نحو 662,3 مليار ريال في خطة التنمية السابعة (2000-2004) إلى نحو 1094 مليار ريال في خطة التنمية الثامنة، أي بمعدل سنوي متوسط بلغ نحو 10,6 في المائة، بحيث شكلت نحو 95,7 في المائة من إجمالي الاستثمارات الثابتة المنفذة في الخطة الثامنة. واستحوذ قطاع النفط والغاز الطبيعي على نحو 4,3 في المائة من إجمالي الاستثمارات المنفذة في الخطة، وهو ما يعكس استمرارية العمل في دعم جهود التنويع الاقتصادي في المملكة.
وتعزى الزيادة في الاستثمارات إلى نمو الاستثمارات المنفذة في القطاعات الإنتاجية بمعدل نمو سنوي متوسط قدره 11,8 في المائة لتبلغ نحو 534,2 مليار ريال، بنسبة 46,5 في المائة من إجمالي الاستثمارات المنفذة.
وتعزى زيادة الاستثمارات المنفذة في القطاعات الإنتاجية خلال الخطة الثامنة، إلى النمو الملحوظ في استثمارات قطاعات تكرير النفط، والبتروكيماويات، والصناعات التحويلية الأخرى. وكذلك الاستثمارات المنفذة في القطاعات الخدمية، بما فيها قطاع الإسكان الخاص، حيث ارتفعت خلال خطة التنمية الثامنة بمعدل نمو سنوي متوسط قدره نحو 7,7 في المائة، كما كانت محصلة النمو في الاستثمارات في القطاعات الإنتاجية والخدمية خلال الفترة نفسها زيادة في الاستثمارات المنفذة من قبل القطاع الخاص بمعدل نمو إجمالي قدره 51,2 في المائة.
ويشير التقرير إلى الزيادة الملحوظة التي شهدتها خطة التنمية الثامنة في حصة المملكة من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر نتيجة لما تحقق من تحسن في بيئة الاستثمار، وتذليل العديد من المعوقات التي كانت تجابه المستثمرين.
وقد تماشى التوزيع القطاعي للاستثمارات الأجنبية المباشرة، مع التوزيع القطاعي للاستثمارات في الخطة الثامنة، إذ استحوذ قطاع الصناعة على أكبر حصة من الرصيد التراكمي للاستثمارات الأجنبية المباشرة، بحيث شكلت نحو 41,7 في المائة من إجمالي الرصيد التراكمي لهذه الاستثمارات 2008.