هل وزاراتنا وهيئاتنا تحلم مثل «أرامكو»؟
انطلاقا من النظرة لمستقبل وطننا مستنيرين من حاضرنا وماضينا، وآخذين في الاعتبار العالم المتغير بسرعة الذي نعيشه اليوم أعجبني تطلع وحلم لشركة أرامكو السعودية، يتضمن تغيير نظرتها أو تطلعها من شركة تفتخر بها المملكة، إلى شركة يفتخر بها العالم، وذلك بحلول عام 2020. هذه الشركة العملاقة عندما حددت هذا الحلم، وأصبحت تعمل على تحقيقه كهدف لم تكن تبالغ أو تطلق الشعارات يمينا أو يسارا، وإنما حددت هذا الهدف من منطلق ما تتركز عليه من تاريخ عريق أو إرث مجيد مزين بالأعمال العملاقة على مستوى العالم، إضافة إلى وجودها في أطهر بقاع الأرض، وفي دولة تحوي قبلة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، كما أن هذه الشركة نموذج يحتذى به ليس على المستوى المحلي، وإنما على المستوى العالمي أيضا، وذلك لما تتمتع به من تجارب ناجحة في مختلف الأصعدة التي تخوضها، سواء على مستوى أعمال النفط والغاز، أو على مستوى تنفيذ المشاريع، أو على مستوى المشاركة الاجتماعية، فلم تكن شركة أرامكو أكبر شركة نفط في العالم فحسب، ولكن كانت لها بصمة واضحة في تنمية اقتصادية كبرى، حيث نفذت عديدا من المشاريع الاجتماعية، وأسهمت في إنشاء مدارس متطورة ومستشفيات، وبنت أول سكة حديد تصل الرياض إلى المنطقة الشرقية، وتنفيذها أخيرا جامعة الملك عبد الله التي تعد من الصروح العلمية العالمية، إضافة إلى تحقيقها فرص عمل لآلاف الشباب السعودي من مختلف مناطق المملكة.
وأضرب مثلا بحلم تبناه خادم الحرمين المغفور له الملك فهد بن عبد العزيز بتبني إنشاء الهيئة الملكية للجبيل وينبع وشركة سابك.
وكان الحلم ضربا من الخيال، ونرى اليوم كيف تحول إلى واقع يضرب به المثل على المستوى العالمي.
إنني هنا أطرح تساؤلا مهما موجها لجميع وزاراتنا وهيئاتنا الحكومية وشبه الحكومية: هل من الممكن أن تحلم هذه الوزارات والهيئات وترسم حلما متكاملا بينهم وتعمل على تحقيقه لوضع المملكة في مكانها المأمول، أسوة بهذه الشركة العملاقة التي تعد في نهاية المطاف شركة سعودية، والسواد الأعظم من قياداتها وموظفيها هم من أبناء المملكة. والاستفادة من تجربتها ليس عيبا أو تقصيرا من الجهات الأخرى، وإنما هو سعي إلى تقديم الأفضل والاستفادة منه، ما دام أنه موجود لدينا، وأمام شواهد كثيرة على تجارب ناجحة في هذه المجالات.
فما المانع إذاً من أن تحدد وزاراتنا وهيئاتنا أحلامها، وتحولها إلى أهداف، ومن ثم العمل على تحقيقها، وبالتالي فالناتج من ذلك، من الطبيعي أنه يعمل على رقي وتنمية البلاد وتطورها في شتى المجالات، ويعزز ما تتبوأه من مكانة عالمية.. لنرى هذا الوطن شامخا بين الأوطان كما هو عليه الآن، وأبناءه مضربا للمثل في الخير وإصرار الرجال.
وختاما.. كي تكون ناجحا، لابد أن يكون لديك أحلام ورؤى وطموحات مستفيدا من ماضيك وحاضرك وهذه الأحلام أو الطموحات عندما تتحول إلى أهداف ستصبح أكثر دافعا كي يحقق الإنسان ما يصبو إليه، مع بذل الجهد والمثابرة وعدم اليأس.. فحلم دون فعل خيال، وفعل دون حلم هو ضرب من الجنون.. فأجمل شيء في الحياة الأحلام والأجمل عندما تتحقق، فالحلم شيء جميل وحق مشروع لكل إنسان، ولكن المهم أن يتمسك به ويعمل على تحقيقه.