هيئة الاستثمار: لم نقل إن سعودة الشركات الاستثمارية ليست مسؤوليتنا .. بل هي أولويتنا

هيئة الاستثمار: لم نقل إن سعودة الشركات الاستثمارية ليست مسؤوليتنا .. بل هي أولويتنا

سعادة رئيس تحرير صحيفة «الاقتصادية»

إشارة إلى مقال الأخ بندر الضبعان المنشور في صحيفة ''الاقتصادية'' العدد 6467 وتاريخ 24/7/1432هـ، الذي تناول فيه علاقة الهيئة العامة للاستثمار بموضوعات عدة مثل سعودة وتوطين الوظائف في شركات القطاع الخاص، كذلك تنافسية بيئة الاستثمار في المملكة، وبرنامج 10 في 10، والمدن الاقتصادية، والقطاعات التي شهدت تدفقات استثمارية. وكون المقال تضمن وجهة نظر الكاتب وآراءه حيال هذه الموضوعات، كذلك تساؤلات تم طرحها ومعلومات غير دقيقة أوردها الكاتب تتعلق بهيئة الاستثمار؛ فإننا نود التأكيد على أن الهيئة العامة للاستثمار ترحب وتهتم بكل الآراء ووجهات النظر مهما كانت درجة الاتفاق أو الاختلاف معها، ومنها رأي ووجهة نظر الكاتب الضبعان، حيث تقوم الهيئة بدراسة جميع الآراء والاقتراحات التي تقع في دائرة صلاحياتها واختصاصاتها المحددة لها وتبني المناسب منها.
وفي الوقت نفسه الذي تقدر فيه الهيئة رأي الكاتب ووجهة نظره الشخصية، فإنها ترغب في تصحيح بعض المعلومات والرد على التساؤلات التي أوردها الكاتب في مقاله. ففيما يخص سعودة الوظائف وتوطينها، ذكر الكاتب أن الهيئة العامة للاستثمار قالت: ''إن السعودة في الشركات الاستثمارية لا تعنيها''، وهذا ادعاء سبق أن نشرته إحدى الصحف المحلية، وقد تم نفيه في مناسبات عدة، ونشر النفي في مختلف وسائل الإعلام في حينها، بل العكس هو الصحيح. فإيجاد فرص العمل المناسبة للشباب السعودي للعمل في شركات القطاع الخاص يعتبر من أولويات الهيئة العامة للاستثمار، كونها قضية تمس الجميع، والكل مدعو للمساهمة في معالجتها؛ ولا يمكن للهيئة بصفتها جهازا حكومياً أن تتبنى أية خطط وبرامج تتعارض مع هذا التوجه. فقد حرصت الهيئة خلال السنوات الماضية على تطويع برامجها ومبادراتها المختلفة كافة بما يخدم هذا الهدف. ومن الأعمال التي قامت بها الهيئة لدعم جهود السعودة ما يلي:
أولاً: قامت الهيئة العامة للاستثمار بالتنسيق مع وزارة المالية بخصوص إيجاد حوافز محددة لتشجيع الشركات الاستثمارية على توظيف الشباب السعودي وتدريبهم، فتم إقرار حوافز ضريبية تقدم لتلك الشركات مقابل تعيين الشباب السعودي وتدريبهم في المناطق الأقل نمواً بهدف توجيه جزء من الاستثمارات التي تستقطبها المملكة لهذه المناطق لدعم جهود الدولة في إحداث تنمية إقليمية متوازنة وتوفير فرص عمل مناسبة لأبناء هذه المناطق.
ثانياً: قامت الهيئة بالتنسيق مع وزارة العمل والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وصندوق الموارد البشرية بإطلاق مبادرة ''كادر'' وتتلخص فكرة ''كادر'' في أن يتم إنشاء مراكز تدريب بالتزامن مع تأسيس المشروعات الاستثمارية الكبرى بهدف تأمين الكوادر البشرية الوطنية للعمل في تلك المشروعات.
ثالثاً: تقوم الهيئة العامة للاستثمار سنوياً بتكريم الشركات الاستثمارية الكبرى في المملكة خلال منتدى التنافسية الدولي، ومن أهم المعايير التي يتم بموجبها هذا التكريم هي نسبة السعودة في هذه الشركات، ومدى وجود خطط تدريبية لاستقطاب وتأهيل الشباب السعودي، وتبلغ نسبة السعودة في الشركات التابعة للهيئة العامة للاستثمار 27 في المائة، ومع أنها تفوق نسبة السعودة في الشركات الأخرى فإن الهيئة مستمرة في حفز وتشجيع تلك الشركات لزيادة نسبة الوظائف التي يشغلها السعوديون.
رابعاً: إيمانا من الهيئة العامة للاستثمار بأهمية توافر بيئة العمل المناسبة كونها عاملاً رئيسيا لجذب واستقطاب الشباب السعودي للعمل في شركات القطاع الخاص، فقد كان أحد المعايير الرئيسة لتأهيل الشركات للدخول في مسابقة جائزة الملك خالد للتنافسية المسؤولة، التي تم إطلاقها بالتعاون مع مؤسسة الملك خالد الخيرية، هو مدى توافر بيئة العمل التي تحمي حقوق الموظف، وتسهم في رفع قدراته وكفاءته الإنتاجية.
خامساً: إنفاذاً للأمر الملكي الكريم الذي صدر أخيرا وتضمن إلزام الجهات الحكومية المختلفة ومنها الهيئة العامة للاستثمار كل فيما يخصه بتنفيذ حلول عاجلة لمعالجة تزايد أعداد خريجي الجامعات في المملكة، ووضع جدول زمني محدد لذلك، وتضمن الأمر الكريم قيام الجهات ذات العلاقة بتطبيق السعودة (وزارة العمل) بمراجعة الأنظمة واللوائح التي تقوم الهيئة بتطبيقها لإزالة أي تعارض بين هذه الأنظمة وجهود وقرارات السعودة خلال شهر من تاريخه، وقامت الهيئة بالتنسيق مع وزارة العمل بمراجعة كل الأنظمة والإجراءات المطبقة بالهيئة من قبل الإدارات المختصة بالجهتين، وتم الرفع بنتائج التنسيق والمراجعة للجنة العليا المكلفة بتنفيذ الأمر الملكي، وأكدت نتائج البحث عدم وجود أي تعارض بين أنظمة وتطبيقات الاستثمار الأجنبي وقرارات السعودة، وأن المادة الخامسة عشرة من نظام الاستثمار الأجنبي تلزم المستثمر الأجنبي بالتقيد بكل الأنظمة واللوائح المعمول بها في المملكة، وهذا بالضرورة ينسحب على نسب السعودة المقررة لكل نشاط استثماري. فنسب السعودة في هذه الشركات ومنحها التأشيرات تخضع بالكامل لأنظمة وشروط وزارة العمل.
أما فيما يخص تنافسية الهيئة العامة للاستثمار وبرنامج 10 في 10 والتدفقات الاستثمارية التي شهدتها المملكة والمدن الاقتصادية وشركة كادر فنود توضيح الآتي:
1. يذكر الكاتب أن هدف الهيئة هو الوصول بالمملكة إلى مصاف أفضل عشر دول في العالم من حيث تنافسية بيئة الاستثمار عام 2010، لكنها لم تحقق مثل هذا الهدف. ونود التوضيح أن المملكة تحتل حالياً المركز (11) عالميا، بعد أن كانت تحتل المركز 67 قبل خمس سنوات في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الذي يصدره البنك الدولي الذي يعتبر من أهم التقارير التي تقوم بيئة الاستثمار ومزاولة الأعمال في دول مختلف العالم. وعند إطلاق برنامج 10 في 10 كانت الهيئة العامة للاستثمار تدرك حجم التحديات والعقبات لتحقيق هذا الهدف في فترة زمنية محددة، فكل التقارير المحلية والدولية، آنذاك كانت، تشير إلى ضرورة إحداث تغييرات جذرية وجوهرية في أنظمة وإجراءات الاستثمار في المملكة لتحقيق مركز متقدم في مؤشرات التنافسية الدولية. إلا أن الحراك غير المسبوق الذي شهدته المملكة في السنوات الماضية على صعيد الإصلاح الاقتصادي أدى إلى تحقيق قفزات متتالية في تصنيف المملكة في تقارير دولية عدة، منها تقرير البنك الدولي فانتقلت إلى المركز 38 في عام 2006، ثم إلى المركز 23 عام 2007، ثم إلى 16 عام 2008م، ثم إلى 13 عام 2009 فالمركز 11. ولعله من المهم الإشارة إلى أن ما حققته المملكة من تحسين في التصنيفات الدولية ليس الغاية، بل وسيلة لتحسين بيئة الاستثمار، كون التصنيفات الدولية بمنزلة مؤشر لقياس حجم الإصلاحات ومستوى التطور في البيئة الاستثمارية، فالنجاح الحقيقي هو حجم الإصلاحات وتأثيرها وليس بالمراكز والتصنيفات التي حققت المملكة فيها قفزات كبيرة جداً مقارنة بالوضع السابق. فقد وضع التقرير المملكة ضمن قائمة أفضل خمس دول في العالم أجرت إصلاحات اقتصادية خلال خمس سنوات، وهو يعكس حجم الإصلاحات الاقتصادية والتنظيمية التي كانت تجريها المملكة سنويا فأوصلتها إلى هذا المركز المتقدم في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال، وأهّلها لتكون في المركز الثامن عالمياً من حيث حجم التدفقات الاستثمارية المباشرة التي شهدتها دول العالم عام 2009، طبقاً لتقرير الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، وهناك تقارير ومؤشرات دولية عدة تحسن فيها تصنيف المملكة مقارنة بالوضع قبل خمس سنوات، ولا شك في أن إيجاد مرجعية قياس محايدة يتفق عليها الجميع، وهي مؤشرات ومعايير التنافسية الدولية، أسهم بشكل مباشر في تسريع وتيرة التطوير والتحديث التي شهدتها المملكة، وأوجد لغة مشتركة بين الهيئة العامة للاستثمار والجهات المعنية بتطوير بيئة الاستثمار، وزاد من مستوى التنسيق والتناغم في الأداء بين الأجهزة الحكومية لتحسين أنظمتها وإجراءاتها لتتوافق مع أفضل الممارسات والتطبيقات العالمية. وما تحقق حتى الآن من تحسن، وحصول المملكة على المركز 11 عالمياً، هو بداية مرحلة جديدة في مسيرة تحسين البيئة الاستثمارية، فبعد أن كانت المملكة تتنافس مع دول في ذيل قائمة التصنيفات الدولية دخلت الآن في سباق التنافسية مع دول متقدمة في هذا المجال ولديها طموحات في التنافسية العالمية، وتسعى إلى إجراء مزيد من التحسينات في بيئتها الاستثمارية، الأمر الذي سينعكس إيجابياً على مسيرة الإصلاح والتنمية في المملكة.
2. يتساءل الكاتب عن الشركات العالمية التي دخلت السوق السعودية واستثمرت 552 مليار ريال، هل قدمت فرصا وظيفية حقيقية للسعوديين والسعوديات؟ ونود توضيح أن الاستثمارات الأجنبية والمشتركة أسهمت في إيجاد 375 ألف وظيفة، بإجمالي أجور ورواتب سنوية تبلغ 29 مليار ريال، يشغل السعوديون من هذه الوظائف أكثر من 100 ألف وظيفة، وتشكل نسبة السعودة في الاستثمارات الأجنبية نحو 27 في المائة، وهي نسبة جيدة - إلى حد ما - مقارنة بالاستثمارات المحلية التي لا تتجاوز 10 في المائة، ووصلت المبيعات السنوية للمشاريع التي تحتوي على رؤوس أموال أجنبية إلى 395 مليار ريال، كما وصلت مشترياتها المحلية السنوية إلى 225 مليار ريال، وتشكل نسبة صادرات الاستثمارات الأجنبية والمشتركة إلى إجمالي صادرات المملكة من دون النفط الخام نحو 57 في المائة، وزادت قيمة الضرائب المدفوعة من قبل رؤوس الأموال الأجنبية عام 2009 إلى أكثر من سبعة مليارات ريال، فيما بلغت قيمة الزكاة 6.7 مليار ريال وفقاً لمصلحة الزكاة والدخل. توزعت هذه الاستثمارات على عدة قطاعات مهمة وحيوية مثل قطاع الخدمات المالية والتأمين، والاتصالات وتقنية المعلومات وفي القطاع الصناعي وغيرها. فعلى سبيل المثال تضاعفت الاستثمارات في قطاع الخدمات المالية والتأمين من 21 مليار ريال عام 2006 إلى ما يزيد على 61 مليار ريال في نهاية عام 2009، أي أنها تضاعفت ثلاث مرات تقريباً. كما أن الاستثمارات في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات كانت نحو 5.9 مليار ريال عام 2006، ووصلت في نهاية 2009 إلى 30 مليار ريال، أي بنسبة زيادة 200 في المائة. وفي مجال تصنيع المعدات الطبية زاد حجم الاستثمارات من 71 مليون ريال إلى نحو 236 مليون ريال. وفي مجال إنشاء الفنادق وتشغيلها تضاعفت الاستثمارات نحو ثلاث مرات في غضون أربع سنوات، فوصلت إلى ثلاثة مليارات ريال سعودي. كما ساهمت الاستثمارات الأجنبية في النهوض بالقطاع الصناعي السعودي الذي يعد الخيار الاستراتيجي للتنمية في المملكة، وزادت الاستثمارات في الصناعة، سواء التي تمتلك فيها المملكة ميزة نسبية مثل صناعة البتروكيماويات والطاقة، أو الصناعات الأخرى. وطبقاً لإحصاءات وزارة التجارة والصناعة فإن الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع تشكل ما نسبته 53 في المائة من إجمالي الاستثمارات الصناعية في المملكة.
3. يتساءل الكاتب أيضا عن قطاع النقل الجوي قائلا: لماذا أغفلت هيئة الاستثمار قطاع النقل الجوي وهو إحدى دعائم الاقتصاد الوطني والاستثمار؟ ولماذا غابت الاستثمارات في مجال النقل الجوي وهو ليس من ضمن الأنشطة الاستثمارية المحظورة على الأجانب؟ ونتفق مع الكاتب على أن النقل الجوي أحد دعائم الاقتصاد الجوي، والهيئة العامة للاستثمار لم تغفل هذا القطاع، لكن نود التوضيح أن هناك أمرين يحكمان استقطاب الشركات الأجنبية للاستثمار في هذا القطاع: الأول هو قائمة الأنشطة المستثناة، والآخر هو التزامات المملكة لدى منظمة التجارة العالمية، التي سمحت للشركات الاستثمارية الأجنبية بالاستثمار في مجالات محددة فقط ليس منها النقل الجوي مثل صيانة وإصلاح الطائرات والخدمات المساندة للنقل الجوي CPC 746. كما أن النقل الجوي يقع ضمن صلاحيات الهيئة العامة للطيران المدني؛ والهيئة العامة للاستثمار تعمل عن قرب مع الجهات المعنية في هذا القطاع لترويج فرص الاستثمار المتاحة في مجال النقل الجوي، وهناك تنسيق مستمر من خلال اللقاءات والندوات التي تعقدها الهيئة بهذا الخصوص؛ علماً أن المملكة يوجد فيها عدد من الشركات العالمية المرخصة بموجب نظام الاستثمار الأجنبي لتستثمر في المجالات المشار إليها أعلاه.
4. يذكر الكاتب أن المدن الاقتصادية كلفت 60 مليار دولار، ويتساءل عن الفرص الوظيفية التي وفرتها المدن، ونود التوضيح أن المدن الاقتصادية من المشروعات الاستثمارية الكبرى التي يمولها وينفذها القطاع الخاص في المملكة واحتضنتها الهيئة العامة للاستثمار، وسعت إلى دعمها وتشجيعها منذ إطلاقها أفكارا ومبادرات، مروراً بتحولها إلى مشاريع استثمارية يجري تنفيذها على أرض الواقع، وانتهاء بإنشاء هيئة المدن الاقتصادية كياناً مستقلاً متخصصا للإشراف على المدن الاقتصادية. ويأتي اهتمام الهيئة العامة للاستثمار بمشاريع المدن الاقتصادية في سياق توجه الدولة إلى إيجاد قنوات استثمارية مختلفة لاستيعاب استثمارات القطاع الخاص، وزيادة مساهمته في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة، خاصة التنمية الإقليمية المتوازنة؛ فوجهت هذه المشاريع إلى مناطق غابت عنها استثمارات القطاع الخاص طوال السنوات الماضية ولم يكن للقطاع الخاص دور واضح ورئيس في ضخ استثمارات كبيرة للمساهمة في تنمية مناطق مثل (جازان، حائل، رابغ، والمدينة المنورة). وواجهت المدن الاقتصادية خلال الفترة الماضية بعض العقبات التي أدت إلى تأخر تنفيذ المشروعات فيها وفقاً للخطط والجداول الزمنية التي وضعها مطورو المدن الاقتصادية، ومن أهم تلك العقبات عدم وجود تنظيم موحد ومرجعية واضحة لمشروعات المدن الاقتصادية. كما أن تداعيات الأزمة المالية العالمية التي شهدتها مختلف دول العالم الفترة الماضية ألقت بظلالها على هذه المشروعات، وأثرت في قرارات عدد من المستثمرين المحليين والأجانب في الاستثمار في البنى التحتية ومشاريع المدن الاقتصادية بشكل عام. وتركزت جهود الهيئة العامة للاستثمار طوال السنوات الماضية على تذليل أية عقبات قد تؤدي إلى تأخر تنفيذ هذه المشروعات أو تعثرها. وفي مطلع عام 2010 صدر تنظيم خاص بالمدن الاقتصادية، وقرار إنشاء هيئة تتولى الإشراف عليها لتكون نقطة تحول مهمة في مسار المدن الاقتصادية، ويعكس أحد أوجه الدعم والمساندة الذي تحظى به هذه المشاريع من ولاة الأمر - حفظهم الله - حيث باشرت هيئة المدن الاقتصادية مع بداية العام الحالي المهام المنوطة بها، وتم فك الارتباط بين الهيئة العامة للاستثمار والمدن الاقتصادية. وترى الهيئة العامة للاستثمار أن هذه القرارات أسهمت في تعزيز ثقة المستثمرين ورجال الأعمال بهذه المشروعات، وأوجدت مزيدا من الاطمئنان على مستقبل استثماراتهم في المدن الاقتصادية؛ وستواصل الهيئة العامة للاستثمار وغيرها من الجهات الحكومية دعمها ومساندتها لهيئة المدن الاقتصادية، حتى تتمكن من القيام بدورها على أكمل وجه - بإذن الله -. وبالنسبة للفرص الوظيفية التي ستوفرها المشروعات الاستثمارية في المدن الاقتصادية نود الإشارة إلى أنها مبنية على دراسات يقوم بها مطورو مشاريع المدن وما زالت تلك الدراسات قائمة، ويستدعي ذلك تضامن الجهود وتكاملها بين مختلف الجهات للمضي قدماً لتنفيذ هذه المشاريع الكبرى. كما أن بناء مدن اقتصادية بهذا البعد التنموي الكبير ليس بالأمر البسيط، فهو يستغرق فترة طويلة، وحسب برنامج زمني يعتمد على شراكات فاعلة بين القطاعين العام والخاص، ولا يمكن إنجازه بين يوم وليلة، بسبب ما تحتاج إليه تلك المدن من تجهيزات وبنى تحتية لازمة لتقديم الخدمات الأساسية لمقومات الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وعلى مدى زمني يستغرق سنوات من أجل اكتمال جميع مكونات أي مدينة اقتصادية. وتحقق الهدف من إنشائها في إيجاد الحراك التنموي في تلك المناطق وتوفير فرص العمل المناسبة لأبنائها.
5. أما عن استراتيجية تنمية الموارد البشرية الوطنية في المدن الاقتصادية ودور ''كادر'' بتطبيقها، فقد تم في إطار مبادرة ''كادر'' إنجاز خطوات عدة في مجال تدريب وتنمية الكوادر الوطنية نذكر منها تأسيس كلية تقنية في جازان بشراكة مع إحدى أعرق المؤسسات التدريبية في العالم وهي مؤسسة الكوادر الوطنية الكندية لتهيئة أبناء المنطقة للعمل في مدينة جازان الاقتصادية، وذلك في تخصصي الكهرباء الصناعية والميكانيكا الصناعية. ويفوق عدد المنضمين إلى هذا البرنامج الموجه لمدينة جازان الاقتصادية حتى اليوم 700 طالب، وسيصل عدد الخريجين إلى ألفي طالب خلال ثلاث سنوات، ويعتبر هذا البرنامج هو الأول في سلسلة من البرامج المزمع إطلاقها بشراكة مع وزارة العمل والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وتتم فيها الاستفادة من رأس المال المستثمر من قبل القطاع الخاص في إيجاد مبادرات تهتم بتدريب وتوظيف أبناء وبنات الوطن في جميع مناطق المملكة، تلاها تأسيس معهد تدريب لمدينة الملك عبد الله الاقتصادية على غرار ما هو معمول به في مدينة جازان الاقتصادية لتأهيل الشباب السعودي وتمكينه من الاستفادة من الفرص الوظيفية التي توفرها المشاريع الاستثمارية. و''كادر'' على حداثة برنامجها، بدأت بعض الشركات المستثمرة داخل المدن الاقتصادية باستقطاب متدربيها للعمل لديها لما وجدته هذه الشركات من التزام بمعايير الجودة، فقد تم انضمام 100 من متدربي ''كادر'' إلى إحدى الشركات الاستثمارية العاملة في المدينة الاقتصادية، وجار حاليا الإعداد لتأهيل 270 متدرباً آخر بناء على طلب من مستثمرين لاستقطابهم.
جدير بالذكر أن ''كادر'' تعمل وفقاً لآليات القطاع الخاص ولا تستهدف الربح، وأي مبالغ يتم تحصيلها مقابل أنشطة وبرامج الخدمات والتدريب التي تقدمها الشركة تستثمر في مزيد من البرامج الخاصة بتدريب السعوديين وتوظيفهم.
شاكرين ومقدرين لصحيفة ''الاقتصادية'' إتاحتها الفرصة لتوضيح وجهة نظر الهيئة بخصوص ما ورد في المقال، والشكر موصول للأخ الكاتب بندر الضبعان.

ناصر بن علي الطويان
مدير إدارة الإعلام

الأكثر قراءة