رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الاتحادات القوية تُبنى على أسس عقدية وليست قومية أو اقتصادية

يتساءل البعض لماذا تقوم إسرائيل بضرب الفلسطينيين بهذا الحقد وبهذه الهمجية؟ فماذا فعل الرضع والأطفال والشيوخ والأيامى؟ ترى أشلاء وأجساد البشر ملاقاة في الشوارع والأزقة، فوق وتحت الأسرة في المستشفيات والملاجئ، في منظر محزنٍ ومخزٍ تذرف من بؤسه العيون بالدموع وتقشعر من هوله الأبدان. والعالم ينظر في صمت كيف تبنى المدن ثم تندثر.
حقد اليهود على الأديان ومنها الإسلام ليس وليد اللحظة، فلقد كشف عنه سيدهم ''حيي بن أخطب'' أبو صفية ـــ رضي الله عنها ـــ زوج رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ، بعد أسره عندما نقض يهود بني قريظة العهد مع المسلمين إبان غزوة الأحزاب. أقبل ''حيي'' على قومه خطيبا قبل تنفيذ حكم الإعدام وقال لهم ''أيها الناس، إنه لا بأس بأمر الله، كتاب وقدر وملحمة كتبها الله على بني إسرائيل''. وعندما أتى به مكتوف الأيدي قال للرسول ـــ صلى الله عليه و سلم ـــ ''أما والله ما لمت نفسي في معاداتك ولكنه من يخذل الله يخذل'' فأمر به فضربت عنقه. يريد زعيم اليهود من هذه الكلمات في هذا الموقف العصيب أن يجعل من دين يهود عدوا للدين الجديد، وبالفعل فالإسلام واليهودية لم ولن يتعايشا في مكان واحد على وجه الكرة الأرضية ولن ينقطع الصراع بينهما طالما بقي على وجه الأرض مسلم ويهودي. يظن بعض الكتاب الغربيين غير المستشرقين الذين عرفوا حقيقة اليهود أن هدفهم تسخير غير اليهود لخدمتهم، أما نحن المسلمون فنرى أن العدو الأول لليهود هم المسلمون وليس غير المسلمين.
يعلم اليهود أن المسلمين يتفوقون عليهم بعدة نقاط منها الأعداد الهائلة والعقيدة الواضحة. العقيدة الإسلامية ليست حكرا على جنس أو لغة أو لون، أما اليهود فشرذمة قليلون وعقيدتهم غامضة وحكر على من أمة يهودية فقط، لذا يقومون بتسخير القوميات والأمم الأخرى لخدمة أغراضهم. وحتى يحققوا مأربهم يقومون ببناء تكتلات على أسس عقدية وإن كان ظاهرها يبين غير ذلك لقناعتهم أن أي اتحاد لا يمكن أن يكتب له النجاح والاستمرار إذا لم يبن على عقيدة. وإذا لم يجدوا عقيدة مناسبة فلا بأس من اختلاق أكذوبة تلم شتات البشر تحت لوائها لتحقيق أهداف محددة كما فعلوا من قبل مع الشيوعية.
الأنظمة البائدة كالشيوعية والفاشية والنازية صنعها اليهود على أسس عقدية فلما قضوا منها وطرا أسقطوها واحدة تلو الأخرى واستبدلوها بنظام القطب الواحد للسيطرة على العالم وإخضاع الشعوب بالقوة العسكرية. ورغم أن أفكار هذه الأنظمة متباينة بل ومتناحرة إلا أن أهدافها واحدة، وما ماركس، وريتر، وموسلينى وغيرهم إلا أدوات استخدمت لرفع شعارات دينية لفترات زمنية محددة، كما يرى البعض أن هتلر نفسه صناعة يهودية.
لقد بينت في مقال سابق أن أي اتحاد يبدأ بتحرير التجارة يليها مرحلة السوق المشتركة، ثم الاتحاد الاقتصادي، وأخيرا يكتمل العقد بالاتحاد الفيدرالي. وقد وصلت دول أوروبا إلى المرحلة الرابعة ما قبل الأخيرة. بينما تمثل الولايات المتحدة نموذج الاتحاد السياسي/ الفيدرالي، ولكننا واهمون إذا ظننا أن الاتحاد الأمريكي يقف عند هذا الحد وأن ليس للعقيدة دور في تقويته وصموده وترابطه. يقول منصور عبد الحكيم في الجزء الثالث من سلسلة كتبه حكومة العالم الخفية ''إن ربط السياسة بالدين أمر زرعه اليهود في الفكر الأمريكي ومن خلاله ظهرت الجماعة الأنجولية التوراتية أو المسيحية الصهيونية وهي التي تحكم أمريكا منذ بداية التحرك للغزو في القرن الـ 19'' ومن يستمع إلى خُطب الرؤساء الأمريكيين القدماء والحاليين يجد الحس الديني الاستعماري قاسما مشتركا رغم أن ظاهر الوحدة الأمريكية بعيد عن ذلك. كما أن العقيدة هي التي تربط العلاقات الأمريكية ــــ الإسرائيلية وليس المصلحة أو الاقتصاد كما يدعي البعض. ويكشف هذه الحقيقة الفيلم التلفزيوني الذي أعده القس ''مايك إيفنز'' صديق ''جورج بوش'' الأب حيث يقدم التأكيدات حول أهمية إسرائيل للولايات المتحدة بلغة دينية صرفة فيقول ''إذا تخلت إسرائيل عن المناطق التي تحتلها بصورة غير شرعية فإن الله سيدمر كلا من إسرائيل وأمريكا''، ويختم القس ''إيفنز'' بنداء إلى المسيحيين لدعم أفضل صديق لأمريكا في ذلك الجزء من العالم.
يفعل اليهود كل ذلك وفي الوقت نفسه يسعون بكل ما أوتوا إلى تشويه عقيدة المسلمين حتى أنهم يدخلون من بني جلدتهم إلى تقسيم الإسلام إلى ملل وطوائف كما فعلوا بالمسيحية من قبل عندما تنصر بعض اليهود وجعلوا أبناءهم قساوسة وكهنة لضرب المسيحية من داخلها وأخرجوا للمسيحية المذهب البروتستنتي كي يعادي الطائفة الأصولية الكاثوليكية حتى تبقى المسيحية في عراك مع نفسها. ومن الطائفة البروتستنتية ظهرت طائفة الإنجيلية الأصولية المؤيدة لقيام دولة إسرائيل. ومع الأسف فقد ساعد المسلمون اليهود في تقسيم دينهم بإحيائهم للطائفية ونبذ بعضهم وتحاشيهم بناء اتحاداتهم وتكتلاتهم على أسس عقدية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي