رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


تعظيم ابتعاث الطب

■ استمرارا للمقالات السابقة، أيضا اليوم سوف نتحدث عن أهمية العمل المنهجي المنظم في الابتعاث الذي يضع أهدافا ثم يسعى إليها.. وهنا نقف عند قصة نجاح لرفع عدد قبول الطلاب لدراسة الزمالة في أمريكا، وكلنا نعرف أن القبول في السابق كان محدودا جدا، أما الآن فلدينا في أمريكا أكثر من ألف طبيب وطبيبة، و(300) يدرسون طب الأسنان، وأيضا (250) يدرسون صيدلة، وأكثر من (30) مبتعثا للدراسات العليا في التمريض.
كيف حدث هذا التحول؟
بدأت وزارة التعليم العالي منذ سنوات بالاتصال المباشر بكليات الطب المتميزة. وتبنت توقيع اتفاقيات تنظم العلاقة، وانتهت الآن من توقيع (95) اتفاقية مع كليات الطب الرئيسة في أمريكا، وأنشأت إدارة متخصصة في الملحقية الثقافية في واشنطن استقطبت لها الأكاديمية والطبيبة السعودية المتميزة بعملها الدكتورة سمر السقاف وكيلة جامعة الملك عبد العزيز سابقا.
جميع المبتعثين المكلفة بالإشراف عليهم ومتابعتهم بالنسبة لها (هم أبناؤها وبناتها)، وعندما تتحدث عنهم تخرج الكلمات من قلبها، إنهم قصة نجاح لبرنامج الابتعاث.
في مكتبها وجدتها مع أربعة من الطلاب قدموا للدراسة ولديهم أفكار عامة وتوجهات غير محسومة، لذا أمضت الوقت معهم تشرح لهم وتسمع منهم والهدف أن تجد لهم المكان المناسب (الذي يجعلهم لا ينجحون فقط، بل يتميزون حتى نفخر بهم)، هكذا كانت تتحدث من قلبها.
الأمر الذي ساعد على سهولة قبول الطلاب في كليات الطب، هو مستوى الطلاب السعوديين المتخرجين في كليات الطب في المملكة، والدكتورة السقاف تضع هذا ضمن الجوانب الرئيسة التي سرّعت القبول، وقد أكد لها هذا الجانب المسؤولون في كليات الطب الذين قابلتهم الدكتورة السقاف خصوصا في الجامعات الأمريكية الكبيرة التي لديها موارد ضخمة وفرص القبول فيها محدودة للطلاب الأجانب.
طبعا هناك جانب آخر مهم وهو التزام الملحقية لكليات الطب بتحمل جميع النفقات الضرورية التي تساعد الطالب على الدراسة والتدريب في المستشفيات بدون مشاكل أو متاعب تؤثر في تركيزه وتفرغه للدراسة والعمل في المستشفيات، وهذا مهم لكليات الطب، وكما تقول الدكتورة السقاف نحن نلتزم لهم (حتى بدفع رسوم مواقف السيارة). تكلفة دراسة الطب تصل في المعدل إلى (150) ألف دولار للطالب سنويا.
هذا التوجه المنظم لرفع قبول الطلاب في كليات الطب ترى الدكتورة السقاف أنه (بداية الطريق) ولديها أفكار عملية مهمة لكيفية تكريس الشراكة الدائمة مع المؤسسات العلمية الكبرى في أمريكا، ولكن ما يهمنا لإنجاح هذا البرنامج هو ضرورة أن تولي وزارة التعليم العالي أهمية خاصة لكليات الطب في المملكة، إذ يجب الاستمرار في التشدد في القبول، والالتزام بالمعايير التي تضمن جودة التعليم (وعدم المساومة عليها).
لقد كانت الكليات تلام بقسوة قبل بضع سنوات على تشددها في القبول بحثا عن الطلاب الجادين، والحمد لله أننا لم نضح بالمستوى لأجل الكم، وبعض الطلاب السعوديين الذين تخرجوا في كليات الطب في بعض الدول العربية، هؤلاء كادوا يشكلون عائقا أمام قبول الطلاب السعوديين نظرا لضعف تأهيلهم، لذا تداركت الوزارة الوضع حتى لا يتكون انطباع سلبي في كليات الطب الأمريكية عن مستوى الطلاب السعوديين.
البرامج المنظمة في دراسات الطب مهمة لضمان الجودة ودقة المتابعة، وكما نجح البرنامج في أمريكا، الوزارة لديها برنامج مماثل مع فرنسا، فلدينا (225) طالبا وطالبة يدرسون شهادة التخصص الفرنسية في عدد من الجامعات المتميزة، وكما يقول الدكتور عبد الله الخطيب الملحق الثقافي السعودي في فرنسا: هذا البرنامج يحظى باهتمام ومتابعة، ليس من الجانب السعودي، بل حتى الحكومة الفرنسية يهمها نجاح مخرجات هذا البرنامج ولا تتردد في التدخل لتعديل وإصلاح أي خلل في البرنامج.
نرجو أن تمضي الوزارة في البناء على هذه التجارب وتطويرها، فهي أداة مهمة للتعاون الدولي، وبرنامج الابتعاث مشروع طموح للمستقبل، ويفترض تطويره عبر البرامج ذات المنهجيات الواضحة والمستقرة في المدخلات والمخرجات والمعززة بآليات التنظيم والمتابعة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي