رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أمريكا .. كيف نوسع التعاون؟

كيف نوسع قاعدة التعاون مع أمريكا في مجال الأبحاث والدراسات وقبول الطلاب في الجامعات المتميزة وفي التخصصات التي نحتاج إليها؟
كيف نجعل من هذا التوجه مسارا يستثمر العلاقات المتميزة بين البلدين وينقلها إلى حقبة العلاقة بين المؤسسات حتى تبعدها عن اختطاف أصحاب المصالح الخاصة والظروف السياسية الاستثنائية التي قد تترك آثارا سلبية، فالمشاكل متوقعة، ولا توجد علاقة بين بلدين بدون لحظات الاهتزاز والاضطراب وهناك الصيادون الماهرون في مثل هذه الظروف، في كلا البلدين!
برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله للابتعاث من بين ثماره العديدة أنه يطلق مرحلة جديدة لاستثمار العلم ومعطياته، والسعودية تنفق بسخاء على هذا البرنامج لقناعتها بأن التأسيس العلمي للجيل الجديد من الشباب هو إحدى الآليات الحضارية لإرساء الوحدة الوطنية في العقود القادمة، فالشعب المتعلم المنفتح على العالم المدرك لخصوصياته والتزاماته الدينية والإنسانية والعالمية يكون أكثر قدرة على تفهم مصالحه ومضحيا للحفاظ على مكتسباته.
وبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث والذي يصل عدد الطلاب الملتحقين به الآن إلى 130 ألف طالب وطالبة، يوفر أرضية خصبة لبناء قاعدة علاقات متميزة مع الكثير من الدول، فمن الدارسين والدارسات سيكون لدينا سفراء وممثلون دبلوماسيون متميزون، وفي أمريكا الآن تتوافر قاعدة كبرى من الموارد البشرية التي علينا أن نخطط من الآن لاستثمارها عبر مشاريع وبرامج محترفة متخصصة.
في هذا السياق نشير، أولا، إلى أهمية تبني الكراسي العلمية في الجامعات العريقة، وتقديم التبرعات لإقامة المباني الجامعية المخصصة لأغراض الأبحاث والتعلم، فهذه من العوامل التي تسهل وتسرع قبول الطلاب، بالذات في التخصصات النادرة التي نحتاج إليها، والجامعات الأمريكية الآن، مع تراجع الإنفاق الحكومي والخاص المتوقع في السنوات القادمة نظرا للمديونية الكبيرة للحكومة الفيدرالية، ستكون مستعدة للتعاون في مشاريع مشتركة للمدى الطويل تساعدها على استدامة مواردها المالية، وتساعدنا نحن على ضمان مقاعد دراسية لسنوات قادمة، وهذا توجه ومجال كبير، والمختصون القريبون من فهم طبيعة عمل المجتمع الأكاديمي البحثي في أمريكا لديهم أفكار عملية تنفيذية مهمة حول كيفية بناء هذا المشروع الاستراتيجي.
أيضا هناك مشروع نرجو من وزارة التعليم العالي أن تعمل عليه في إطار توجهها إلى تفعيل التعاون الدولي القائم على برامج مستقرة دائمة واضحة المعالم، وهو ضرورة تبني مشروع (رابطة الخريجين). هذا البرنامج لم نهتم به مع الأسف في الحقبة الماضية رغم تخرج آلاف الطلاب من مختلف الجامعات في العالم.
المطلوب من الوزارة أن تصمم برنامجا إرشاديا موحدا تكلف الملحقيات الثقافية بتطبيقه وتطويره لكي يتفاعل معه الطلاب، ونرجو ألا نقلل من أهمية هذا البرنامج والمنافع المباشرة التي يقدمها مستقبلا، إذا نحن توجهنا إلى (الدبلوماسية الشعبية) كما تخطط وزارة الخارجية.
هناك توجه آخر يخدم حقبة (علاقة المؤسسات) مع أمريكا، وهو ضرورة إنشاء مراكز الأبحاث والدراسات المشتركة التي يعمل فيها باحثون سعوديون وأمريكان، فهذه من الآليات التي تسهل وتسرع التعاون وتنقل الخبرة والتجربة ولها أثرها الكبير في التواصل مع النخب، ومثل هذه المراكز لها أهميتها السياسية والشعبية مستقبلا لأنها ستكون مرجعا رئيسيا لتوجه قادة الرأي والتفاعل مع الرأي العام وجماعات الضغط السياسي.
في السابق وفي سياق العمل المنظم كانت لدينا (اللجنة السعودية ـــ الأمريكية المشتركة/ جيكور) التي أشرفت على ما يقارب 35 مشروعا مشتركا للتعاون بين البلدين واستقطبت الكثير من الخبراء، والمشروع كانت له إيجابياته وأيضا له سلبياته.. المهم أن نعيد دراسة هذا البرنامج ليعود بصيغة أخرى حتى يكون مظلة لاتفاقية كبرى يقوم تحتها مشروع مراكز الأبحاث المشتركة المقترح.
بقي أن نقول أخيرا إن رصيد العلاقات بين البلدين يوفر أرضية خصبة لنمو علاقات إيجابية مثمرة. يقول عادل الجبير السفير السعودي في واشنطن: زارني طالب إيرلندي يعد رسالة دكتوراه عن العلاقات السعودية الأمريكية وسأل عن مدى توفر سياسة سعودية تجاه العلاقة مع أمريكا، فقلت له لا أعرف أن هناك سياسة سعودية خاصة محددة مكتوبة، ولو سألت بريطانياً عن سياسة محددة لبلده تجاه أمريكا لقال لا أعرف، وكذلك سياسة كندا تجاه أمريكا. هنا يقصد السفير أن العلاقات بعد فترة طويلة من الزمن تتجاوز الأطر التقليدية لتنتقل إلى طور جديد من التفاعل الدائم القائم على مبادئ أخلاقيات مستقرة، والسفير محق، فالعلاقة بين البلدين يُفترض أن تُقدَّم في إطار العلاقات الدولية المتميزة التي قد تحتاج إلى تعريف أيضا متميز وخاص، وستبقى كذلك إذا سلمت من تخريب المحافظين الجدد والصهاينة وعبثهم، وهؤلاء هم الخطر الحقيقي على الشعب الأمريكي كما هم خطر علينا!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي