الماجستير والمشورة والمبادرة

قبل 27 عاما تخرجت في جامعة الملك سعود في تخصص إدارة أعمال من كلية العلوم الإدارية، وراودني مباشرة حلم إكمال دراسة الماجستير، فسافرت إلى الولايات المتحدة، وزرت إحدى الجامعات هناك، وأخذت في استكمال متطلبات دراسة الماجستير في تخصص العلوم السياسية، ولا أعلم لماذا اخترت هذا التخصص (مع أنه لعبة لا أجيدها)؟ بعد ذلك عدت إلى وطني الحبيب لاستكمال تجهيزات السفر، وما قد أحتاج إليه في هذه الرحلة، ذهبت إلى البحرين في زيارة لمعالي أستاذي الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله - في مبنى السفارة القديم في البحرين، وأخبرته عن قراري طالبا استشارته، فسألني: ماذا تريد أن تصبح بعد التخرج؟ فأجبته مسرعا بالحلم الذي يراودني منذ الطفولة بأن أصبح رجل أعمال، فأجابني سريعا اذهب وتعلم الماجستير في الحياة العملية، أي بالبدء في مجال الأعمال.. واستمعت لنصيحته وبدأت مشواري في مجال المال والأعمال.. وصادف قبل عدة أعوام أن كنت ضمن المدعوين للالتقاء به - رحمه الله - في جريدة ''اليوم'' وذكرته بلقائنا، وأجابني لو لم تسمع النصيحة لكنت الآن موظفا راتبه سبعة أو ثمانية آلاف.. وخلال هذه الفترة من العمل عاودني التفكير مرة أخرى في إكمال دراسة الماجستير.. وبدأت بالفعل في برنامج ماجستير تم تنظيمه من قبل غرفة الشرقية وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن قبل نحو 20 عاما، ومع الأسف ألغي البرنامج بعد دراستنا فصلا دراسيا لأسباب تنظيمية.
بعد ذلك عدت إلى أعمالي، لكن ما زالت دراسة الماجستير تراودني.. وفي يوم من الأيام وقبل أكثر من عامين تقريبا، ذهبت في إجازة قصيرة إلى معشوقتي بيروت، وذات يوم مررت من أمام الجامعة الأمريكية في بيروت، التي كنت أتمنى أن أدرس فيها مرحلة البكالوريوس، لكون كثير من قياديي العالم العربي تخرجوا فيها، لكن بسبب الحرب لم أتمكن من الدراسة في هذه الجامعة.. وراودني الحنين إليها مرة أخرى، فتقدمت لمكتب القبول في الجامعة لدراسة برنامج ماجستير إدارة الأعمال، وعندما جاءني الرد بالقبول كانت يومها فرحتي لا توصف.. لكن كان من ضمن شروط القبول أن أحضر توصيتين، فخالجتني الحيرة ممن أطلب هاتين التوصيتين أو من أين آتي بهما، وبعد تفكير لجأت إلى الصديقين الدكتور خالد السليمان والدكتور توفيق الربيعة، اللذين عبرا عن دعمهما المعنوي الكبير وشجعاني، وأرسلا توصياتهما إلى الجامعة، بعدها بدأت الدراسة واستمرت 20 شهرا تعلمت خلالها الكثير والكثير، فقد كانت الدراسة بشكل عملي وميداني بحثي، وأكاديميو الجامعة كان أغلبهم ممارسين للحياة العملية، فأفادوني كثيرا علميا وعمليا، أما الدرس الأكبر فكان في كيفية استغلال الوقت، وأنه لا مستحيل في هذه الحياة مع الجد وبذل الجهد، أما الدرس الآخر الذي تعلمته من زملائي وأصدقائي اللبنانيين بمختلف انتماءاتهم الدينية والمذهبية، كيف يتعايشون مع بعضهم بعضا، ويتقبلون الآخر.. فبالفعل أعدها تجربة كبيرة استفدت منها الكثير ولن أنساها ما حييت.. وأخيرا تحقق الحلم وحضرت بالأمس حفل تخرجي، وتفضل الوالد والوالدة وزوجتي وابنتي نور (التي تدرس في المرحلة الجامعية وكنت في سباق معها من يتخرج قبل) وابني محمد وأخي نذير وأصدقائي الأعزاء سعود وخالد ورائد بالتكرم علي ومشاركتي حفل التخرج. وافتقدت ابنتي فاطمة بسبب اختباراتها المدرسية، أود من ذلك توصيل رسالة إلى شبابنا الطموح، تتضمن حثهم على تحقيق أهدافهم مهما واجهتهم المعوقات والصعاب، فبالجد والمثابرة والإصرار تتحقق الأهداف والأحلام.. ولا ينسوا المشورة وأخذ الرأي من أهله.. فالمشورة نصف القرار الصحيح.
وفي الختام.. شكرا كبيرا لأمي وأبي لدعائهما المستمر ومساندتهما لي، والشكر موصول لزوجتي الغالية وأولادي على تحملهم غيابي المستمر وتقصيري معهم بسبب الدراسة، وأدعو الله الكريم أن يوفقني، وأدعو الجميع لإكمال دراستهم، فالتعلم لا حدود له.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي