الإمارات.. أزمة الوقود أصبحت جزءا من الروتين اليومي
أمضى راشد العلي ساعتين بحثا عن البنزين قبل أن يترك سيارته ويسير إلى الطريق السريع بحثا عن سيارة أجرة، ليجد مكانا يستطيع أن يملأ منه صفيحته بالبنزين.
قصته أصبحت جزءا من الروتين الصباحي اليومي لمئات العاملين في الإمارات، حيث خلت محطات البنزين من الوقود الأسبوع الماضي.
وقال العلي (25 عاما) الذي يعيش في المنطقة الشمالية ويعمل في دبي "يستغرق الأمر ساعتين ونصف الساعة حتى أحصل على البنزين في رحلة البحث عن محطات. هذه المشكلة تستنفد وقت الناس. أضطر إلى الاستيقاظ في وقت مبكر جدا للحصول على البنزين من محطة وقود قبل أن أستطيع الذهاب إلى العمل في دبي".
والإمارات هي ثالث أكبر بلد مصدر للنفط في العالم وتضخ الآن 2.5 مليون برميل يوميا ويقدر استهلاكها من البنزين بنحو خمسة ملايين لتر يوميا، لكنها تفتقر إلى الطاقة التكريرية الكافية في مواجهة نمو سريع للطلب مع زيادة السكان، وتضطر إلى استيراد نحو مليون طن من البنزين سنويا لتلبية الطلب من مواطنيها الذين يملك معظمهم سيارات.
وتواجه السلطات صعوبات في توضيح أسباب ثالث أزمة نقص في الوقود في الأشهر العشرة الأخيرة، ودخلت الأزمة الآن في أسبوعها الثالث، حيث بدأت في الشارقة ثم امتدت إلى الإمارات الشمالية الأخرى مثل أم القيوين.
وقد ألقوا باللوم بداية على أعمال الصيانة، لكن محللين قالوا إن المشكلة ترجع إلى الدعم الحكومي الذي يبدو غير قابل للاستمرار في ظل الارتفاع الكبير في أسعار النفط، مما يرفع تكلفة توفير الوقود بسعر رخيص وثابت.
وقال محلل من دبي طلب عدم الكشف عن هويته "إنها مشكلة ظلت موجودة لسنوات عديدة.. كانت ستحدث عاجلا أو آجلا". وأضاف "تحدث الآن نظرا لارتفاع الطلب والصعود الحاد في أسعار النفط منذ بداية العام".
وتدعم الإمارات بكثافة البنزين شأنها شأن سائر دول الخليج، حيث تضع الحكومة الاتحادية سقفا للأسعار.
وتستورد شركات التجزئة احتياجاتها من الوقود من الأسواق العالمية، حيث ارتفع سعر النفط إلى 127 دولارا للبرميل في وقت سابق هذا العام.
وهذه الشركات هي أربع شركات تكبدت ثلاث منها خسائر لعدة أعوام وهي شركة بترول الإمارات الوطنية "إينوك" المملوكة لدبي وشركة الإمارات للمنتجات البترولية "إيبكو" وشركة إمارات ذات الملكية الاتحادية. والشركة الرابعة هي بترول أبو ظبي الوطنية "أدنوك".
وقال المحلل "لا تقوم الحكومة بشكل عام بتغطية تلك الخسائر بانتظام. لذا فإنه ليس دعما حقيقيا لأن الحكومة لا تقدم مدفوعات في أوقات منتظمة".
وأضاف "تقدم الشركة الدعم ثم تتكبد خسائر". وقالت "إينوك" في أيار (مايو) إن عليها تدبير 2.7 مليار درهم إضافية (735.3 مليون دولار) في 2011 لتغطية نفقات دعم الوقود. ودفعت العام الماضي 1.5 مليار درهم. لكن يبدو أن مساعدات الحكومة ليست كافية. وأظهرت بيانات حكومية أن دبي التي تتعافى ببطء من الأزمة المالية لعام 2009 أنفقت نحو 5.4 مليار درهم على دعم مجالات متنوعة من بينها الطاقة في العام الماضي.
وخططت أبو ظبي لإنفاق 20.2 مليار درهم على الدعم ومجالات أخرى العام الماضي. ولدى أبو ظبي ميزانية سنوية تبلع ستة أمثال ميزانية دبي، ولم تواجه شركتها للتجزئة "أدنوك" أزمة في البنزين.
وقالت شركة إمارات في كانون الثاني (يناير) إنها تقوم بعملية إعادة هيكلة في محاولة للعودة إلى الربحية. ووافق المجلس الوطني الاتحادي على قانون يسمح للشركة بالاقتراض حتى 50 في المائة من رأسمالها في وقت سابق هذا العام.