لماذا ادعت «سابك» أنها مارست هذا الحق؟

أعلنت "سابك" في موقع تداول "تعلن الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) عن عزمها شراء أصول إصدارها الأول من الصكوك، البالغة قيمتها ثلاثة مليارات ريال سعودي، المصدرة بتاريخ يوليو 2006م، والمدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) وفقا لأحكام وشروط هذه الصكوك"، كما صُرح في جريدة "الشرق الأوسط" مطلق المريشد نائب الرئيس التنفيذي للمالية في شركة سابك بأن استرداد "سابك" صكوكها التي تم إصدارها عام 2006م، يصب في الأساس في مصلحة المستثمر، حيث إن تأخر المستثمر في بيع الصكوك خمس سنوات سيفقده جزءا من أصول هذه السندات.

وأكد المريشد أن الصكوك الإسلامية فيها ما يوازي "الكول أوبشن"، الذي يستخدم في السندات العادية، إضافة إلى أن "سابك" عندما أصدرت نشرة إصدار صكوك "سابك 1" نصت فيها على أن من حق الشركة استرداد هذه الصكوك خلال خمس سنوات.

وأوضح المريشد أن استرداد الصكوك ليس بمبكر، ولا لأن الشركة ترى أن هناك فرصا أخرى للاستفادة من مصادر التمويل الأخرى، مؤكدا في الوقت ذاته أن قدرة "سابك" الائتمانية تمكنها من الحصول على أي قروض تحتاج إليها وبأسعار منافسة مقارنة بأي شركة أخرى، حيث إن التصنيف الائتماني للشركة هو "A+".

وأوضح المريشد أن سوق السندات فيها حاليا فرص واعدة جدا، ولكن "سابك" ليست في حاجة إلى هذا في الوقت الحالي".

حقيقة مرة أن يتم الإيحاء بأن "سابك" تملك حق سحب أو دعوة الإصدار من صكوكها الأولى المطروحة في السوق، وفي الحقيقية فإن ذلك من حق حاملي الصكوك بإلزام "سابك" بشراء الصكوك من حامليها، وبالتالي فإن من مارس الحق هم حملة الصكوك لاسترداد كامل القيمة في ظل انخفاض سعر الفائدة ورغبتهم في استرداد كامل القيمة تفاديا لهبوط القيمة في الفترات التالية.

وليس من مصلحة "سابك" الحفاظ على حقوق حاملي الصكوك، بل أن تستمر الصكوك حتى نهاية عمرها الافتراضي في ظل انخفاض سعر الفائدة. ولا أظن أن "سابك" تهتم بحملة الصكوك لو أتاحوا لها المجال ولم يطالبوا بإلزام "سابك" بسداد قيمة الصكوك.

ومن المتوقع أن يمارس هذا الحق في السنتين المقبلتين للإصدارين الثاني والثالث. ولا ننسي أن هناك فرقا بين "الكول أوبشن" و"البوت أوبشن" في عرض الحقائق.

"سابك" اتجهت في الآونة الأخيرة، مع ارتفاع أسعار الفائدة خارجيا نحو التحول للاقتراض المحلي لانخفاض السعر وتحسن الظروف المحلية وارتباط الريال السعودي بالدولار (القروض من صندوق التنمية الصناعية ومن الاستثمارات العامة تضاعفت، وتحويل قرض الإنماء، وإصدار صكوك جديدة في عام 2008).

#2#

والملاحظ أن شهية "سابك" نحو الاقتراض في تزايد وليست في تناقص، كما يمكن أن نستقرئ من عناوين الصحف أو النشرات المختلفة أو من القرار المشار إليه أعلاه. في عام 2007 بلغت ديون "سابك" 78.71 مليار ريال، ومع نهاية عام 2010 تجاوزت الديون 110.6 مليار ريال بزيادة 40.52 في المائة خلال ثلاث سنوات كما هو ملاحظ من الجدول رقم (1).

#3#

كذلك يلاحظ أن حركة القروض حسب جدول رقم (2) كبيرة وخاصة القروض طويلة الأجل مرتفعة وتتركز في القروض التجارية طويلة الأجل كما هو واضح من الجدولين رقم (1) ورقم (2)، حيث قامت "سابك" بسداد ما يوازي 17.115 مليار، واقتراض نحو 19.03 مليار ريال في عام 2010 (لم توضح القوائم المالية في 2009 و2008 وما قبلها حركة الديون).

والملاحظ حسب جدول رقم (4) أن الأعباء المالية (خدمات الديون أو الفوائد المدفوعة من سابك) ارتفع حجم تذبذبها في عام 2008 وانخفض في عام 2009 (تحويل ديون) ثم عاد إلى الارتفاع مرة أخرى نتيجة لزيادة الاقتراض وتغير الفائدة.

الملاحظ أن "سابك" يتم تحديد حجم مخاطر الإقراض فيها وللاستثمار من قبل مؤسسات التصنيف العالمية، وتحظي بتصنيف جيد حتى الآن. ويعتبر سعر الفائدة المدفوع على كل الديون أعلى مما يتم الحصول عليه في الصكوك المصدرة في السوق السعودية التي تمثل 14.5 في المائة من مجموع القروض والسندات والصكوك التي كانت تمثل في عام 2008 نحو 17.5.

التوقعات تشير إلى استمرار "سابك" في التوسع والاقتراض نظرا لدخولها في مشاريع جديدة وتوسعها في مناطق أخرى حول العالم بهدف الاستفادة من منتجات وأسواق جديدة.

ونظرا لعدم كفاية المصادر الداخلية (النقدية من العمليات) وعدم الرغبة في زيادة رأس المال عن طريق الطرح في السوق (نظرا لانخفاض تكلفة الإقراض وتأثيرها الإيجابي في العائد على حقوق الملاك وتكلفة رأس المال) تختار وما زالت الاقتراض كأفضل خيار أمامها ولكن لكل شيء حدودا.

لماذا ادعت "سابك" أنها مارست هذا الحق (كما يفهم من كل الإعلانات التي صدرت) وهو في الواقع حق لحملة الصكوك وهم من مارسه، نظرا لأن البعض قد ينظر بسلبية لرغبة حملة الصكوك في تنفيذ وممارسة الحق، ويبدو كأنه عدم رغبة منهم في الاستمرار في إقراض "سابك"، في حين أن رغبتهم نابعة من كيفية تصميم الصكوك وحماية استثماراتهم، ومن المتوقع أن يمارس حملة صكوك 2007 و2008 حقهم في إلزام "سابك" بشراء الصكوك.

ولا توجد معلومات كافية ليتسنى لنا معرفة سعر الفائدة الحقيقي نتيجة لممارسة الالتزام هذا، والتعرف على هيكلة وأسلوب تطبيق الصكوك وتكاليفها من المعلومات المتاحة مقارنة بالطرق الأخرى التي استخدمتها "سابك".

ولا يستبعد، نتيجة لهذه التجربة، أن تصدر "سابك" صكوكا جديدة نظرا لحاجتها للتمويل من خلال الدين، الذي سيستمر لفترة طويلة.

لا شك أن قرار عدم الاستمرار في الاحتفاظ بالصكوك من قبل حملتها راجع لرغبتهم في تحقيق أقصى منفعة، وبالتالي انتظارهم خمس سنوات أخرى أو حتى نهاية عمر الصكوك نابع من ذلك.

فالصكوك صممت بطريقة تضمن تطبيق الحدود الشرعية ومن خلال ما يسمى بعقود التسويق، مع وجود تكاليف تحمّل وآلية لضمان توزيع دوري مع إلزام "سابك" بدفع 10 في المائة بعد كل خمس سنوات من القيمة الاسمية ودفع قيمة محددة إذا رغب حملة الصكوك في ممارسة هذا الحق.

لماذا لا يكون الإفصاح لدينا دقيقا وواضحا، ولا أعتقد أن سمعة "سابك" ستتضرر كثيرا بهذا الخبر، وعلى العكس من التصريح الذي احتوى على عدم الحاجة في وقت تتزايد مشاريع "سابك" ويزيد حجم قروضها المدعومة من نتائج الربع الأول من عام 2011 بالزيادة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي