«الشؤون الاجتماعية» وضرورة مراجعة «الفاعلية والكفاءة» في إطار خطط الدولة التنموية
الفاعلية والكفاءة هما مقياس نجاح أي منظمة كبيرة كانت أو صغيرة، ذلك أن الفاعلية توضح مدى تحقيق أهداف المنظمة في البقاء والنمو، وتلبية متطلبات المجتمع وحاجاته، وإعطاء المستفيدين ما يقدرونه، ''أو باختصار لأن الفاعلية توضح مدى تحقيق أهداف المنظمة وسبب وجودها''، وذلك أن الكفاءة توضح مدى ترشيد استخدام المصادر المتوافرة لدى المنظمة لتحقيق الأهداف، أو باختصار لأن الكفاءة توضح حجم الترشيد في استخدام الموارد والمدخلات لإنتاج أكبر كم ممكن من المخرجات والنتائج المرغوبة.
وبالتالي فإن المنظمة الفاعلة هي التي تحقق أهدافها وأهداف البيئة التي تعيش فيها، وأهداف جميع ذوي المصالح المرتبطين بها، والمنظمة الكفؤة (سواء كانت في القطاع العام أو الخاص) التي تحقق أهدافها بكفاءة هي تلك التي تحقق أكبر عائد ممكن مقابل أقل جهد ممكن وكلفة ، ومن ذلك يتضح بكل جلاء أن قياس فاعلية وكفاءة أي منظمة يتم في إطار تنمية المنظمات التي تشترك معها في القطاع، وفي إطار اتجاهات الدولة بشأن مهمة هذه المنظمة.
بعد أن اطلعت على أكثر من تصريح عام أو إيضاح خاص لي من مسؤول أو موظف في الجمعيات الخيرية وجدت أنهم جميعا متفقون بشكل أو بآخر على ضعف دعم وزارة الشؤون الاجتماعية للجمعيات الخيرية بما يتناسب وأهميتها في خدمة المجتمع والمساهمة في تحقيق أهداف خطط الدولة التنموية، أقول بعد أن اطلعت على ذلك أردت تطبيق مقياس الفاعلية والكفاءة على وزارة الشؤون الاجتماعية كجهاز حكومي يتكامل مع بقية الأجهزة الحكومية لتنفيذ مهام الدولة تجاه مواطنيها في إطار اتجاهاتها في كافة القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الأمر الذي دعاني لزيارة موقعها الإلكتروني للتعرف على استراتيجيها التي من المفروض أن تشتمل على رؤيتها ورسالتها وأهدافها العامة وقيمها وبرامجها الاستراتيجية ومشاريعها التنفيذية وآلياتها وإنجازاتها وتطلعاتها ولكنني وللأسف الشديد لم أجد ذلك الأمر الذي أكد لي صدق ما أسمع.
فكل ما وجدت موقعا يمكن أن يصنف بأنه موقع تقليدي يكاد يكون لتبرئة الذمة مقارنة بالثورة المعرفية والتطور التقني وضرورة توفير المحتوى الذي يلبي كافة احتياجات المواطنين بما في ذلك احتياجات الباحثين أياً كانت أهدافهم فهو موقع بشكل رئيسي على أنشطة وخدمات الوزارة، وإدارات الوزارة ودليل فروعها، ومشروع الخير الشامل، ولقد جذبتني أيقونة المركز الوطني للدراسات والتطوير الاجتماعي، حيث توقعت أن أجد مرجعا ثرياً لدراسات تحليلية وتشخيصية لكافة القضايا والمشاكل الاجتماعية وتوصياتها وكيف تم توظيفها تخطيطاً وتنفيذاً وتطويراً إلا أنني وللأسف الشديد لم أجد عند دخولي لهذه الأيقونة أي دراسة مرفقة فكلما وجدته نبذة موجزة عن المركز تقول إنه أنشى عام 1390هـ، ويهدف بشكل عام إلى الإشراف على عمليات الرصد والتحليل للمتغيرات والمشكلات الاجتماعية والقيام بالدراسات والبحوث الاجتماعية بالتنسيق مع المسؤولين في الوزارة، والعمل من أجل تنمية القوى العاملة المتخصصة في الوزارة وفروعها والقطاعات الحكومية المعنية بالرعاية الاجتماعية من خلال برامج التدريب، وأن المركز بكافة أجهزته يسعى لتحقيق الأهداف التالية، الأول: تدريب موظفي الوزارة والعاملين في القطاعات الحكومية والأهلية الأخرى ذات العلاقة بالشأن الاجتماعي بمختلف مستوياتهم الوظيفية لرفع مستوى أدائهم الوظيفي والمهني، والثاني: إجراء بحوث ودراسات ميدانية على بعض الظواهر والمشكلات الاجتماعية التي يستفاد من دراستها في خطط التنمية في المجتمع مع دراسة تأثيرات البرامج الإنمائية على المجتمع ومؤسساته وتقويمها. هذا فضلاً عن البحوث التقويمية للبرامج التدريبية التي يجريها المركز.
في أيقونة الجمعيات الخيرية لم أجد أي رؤية أو رسالة أو أهداف سوى سرد تاريخي لتطوير العمل الخيري في المملكة وتنظيمه ومكانته وموقف الحكومة منه، ودور الإدارة العامة للمؤسسات والجمعيات الأهلية لدعم هذا النشاط من أجل النهوض بصورة متكاملة بجوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات المحلية وتحقيق التكامل بينها من أجل التقدم الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع السعودي عن طريق الجمعيات والمؤسسات الخيرية بهدف الرفع من مستوى الحياة وإحداث تغيير مفيد في أسلوب العمل والمعيشة في المجتمعات المحلية ''ريفية وحضرية'' مع الاستفادة من إمكانات تلك المجتمعات المادية وطاقاتها البشرية بأسلوب يوائم بين حاجات المجتمع السعودي وتقاليده وقيمه الدينية والحضارية.
الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس مجلس المسؤولية الاجتماعية في أحد تصريحاته بشأن بدائل تعزيز المسؤولية الاجتماعية للشركات بدعم جمعيات العمل الخيري قال ''الجمعيات والمؤسسات الخيرية تقلل نفقات الحكومة وجهودها في مجالات عديدة، وكلما تعاظم دورها كان لذلك الأثر الإيجابي على سرعة تلبية احتياجات المجتمع الضرورية في المجالات الإنسانية والاجتماعية''، وهو كلام أكثر من منطقي وسليم وبالتالي يتطلب تخطيطاً سليماً ومعلناً وعملاً مضنياً وحثيثاً من قبل وزارة الشؤون لتحفيز إنشاء الجمعيات الخيرية في كافة المجالات والمناطق من ناحية، دعم نجاح هذه الجمعيات من خلال برامج فاعلة وأقلها دعم هذه الجمعيات في تطوير بنى مؤسسية متينة وفاعلة لتقنع المتبرعين والمنشآت الخاصة بقدرتها على النهوض بمهامها المنشودة في خدمة المجتمع، خصوصاً أن الوزارة تؤكد على موقعها أن عمل هذه الجمعيات تطور من مجرد تقديم المساعدات المالية إلى توفير الخدمات المباشرة وغير المباشرة التي تساعد الأفراد على الاعتماد على النفس من خلال تنمية مهاراتهم عن طريق برامج التعليم والتثقيف والتأهيل، وأنها تشجع المواطنين على تأسيس المزيد من الجمعيات والمؤسسات الخيرية لتنتشر في مختلف مناطق المملكة وتعمل على دعمها مادياً وفنياً وإدارياً استثماراً لطاقات الخير الكامنة في نفوس أبناء هذا الوطن وتحقيقاً للتكافل الاجتماعي الذي يحرص عليه الدين الإسلامي الحنيف.
أخيراً كلي أمل ورجاء أن أرى استراتيجية واضحة المعالم مفصلة البرامج والمشاريع لتحفيز إنشاء الجمعيات الخيرية ودعمها واحتضانها ماليا ومعنويا حتى يشتد عودها لتنهض بمهامها التكاملية مع الأجهزة الحكومية لتحقيق الأهداف التنموية في كافة أبعادها.