مختصان في شؤون نفط: زيادة الإنتاج وخفضه لم يعدا عاملين مؤثرين في الأسعار
أكد الدكتور محمد السهلاوي أستاذ اقتصاديات الطاقة ورئيس الجمعية السعودية لاقتصاديات الطاقة أن زيادة أو خفض إنتاج دول "أوبك" ليس العامل الوحيد في عملية استقرار أسعار النفط العالمية، بل إن المشكلات التي تواجه الاقتصاد الأمريكي وانخفاض قيمة الدولار هي عوامل أخرى مهمة في التصاعد المستمر في أسعار النفط.
وقال إن قرار زيادة الطلب لا يعني بالضرورة السيطرة على الأسعار في ظل شراهة بعض الدول في الاستهلاك، ويجب أن تكون هناك مراقبة للمعروض من النفط، لأنه في ظل زيادة العرض ستكون هناك زيادة في الطلب، ما يؤدي لاستمرار صعود الأسعار. وقال إن الأسواق كانت تتوقع أن ترفع "أوبك" سقف إنتاجها في الاجتماع الأخير لكبح جماح التصاعد في أسعار البترول، وفي نفس الوقت لتغطية الطلب المتوقع في الربع الثاني والثالث من العام الجاري والمتوقع أن يرتفع فيهما الطلب مع بداية الصيف، خصوصا فيما يتعلق بمشتقات البترول مثل البنزين.
وأشار إلى أن هناك شحا في وقود السيارات في كثير من الدول مثل الولايات المتحدة، وهذا يتطلب زيادة في المعروض من البترول الخام، ولكن قرار إبقاء نفس كميات الإنتاج يعطي دافعا لاستمرار تصاعد أسعار البترول.
وقال إن هذا القرار يعد تجاهلا لمعطيات الواقع الحالي الذي يرتفع فيه الطلب، وأضاف أنه في ظل الطلب المتسارع على مشتقات النفط وشح بعض مشتقات البترول مثل البنزين تتضح أهمية رفع سقف الإنتاج، ولكن لن يكون رفع الإنتاج هو الحل الوحيد للسيطرة على الأسعار، بل لا بد أن تتخذ الولايات المتحدة سياسات نقدية يكون من شأنها رفع قيمة الدولار.
وأشار إلى أن هناك مراجعة دائمة لمسألة العرض والطلب بالنسبة للبترول من جميع دول "أوبك"، ولن يتم السماح للأسعار بتجاوز المعدلات المعقولة، لأن ذلك سيكون عائقاً كبيرا أمام تعافي الاقتصاد العالمي. وأضاف أن المملكة تحرص على رفع الإنتاج، لأنها تتفهم جيدا تأثير ارتفاع النفط في الاقتصاد العالمي، ولديها قدرة إنتاجية عالية جدا تمكنها من مواكبة أي زيادة في الإنتاج، كما أن هناك احتياجا داخليا في المملكة وفي دول الخليج لمشتقات البترول. وأوضح أن الدول ذات الاقتصاديات الكبيرة بما فيها المملكة يهمها عدم السماح للأسعار بالزيادة غير المنطقية التي تتسبب في مشكلات للاقتصاد العالمي، كما قد تتسبب في توجه بعض البلدان إلى بدائل طاقة مختلفة، وتحرص الاقتصاديات الكبرى في العالم على التوزان بين العرض والطلب. وأشار إلى أن الدول التي تحرص على كبح الإنتاج تسعى للحصول على عوائد مرتفعة بارتفاع أسعار البترول أو قد يكون لديها عائق في القدرة الإنتاجية، واستبعد وجود دوافع سياسية وراء معارضة تلك الدول لرفع الإنتاج، مشيرا إلى أن جميع عوامل الرفض اقتصادية.
من جانبه، نفى سداد الحسيني خبير اقتصاديات النفط والغاز، أن يكون لقرار عدم زيادة الإنتاج تأثير في الأسعار، مبينا أن علاقة الأسعار بزيادة الإنتاج أو خفضه ليست كالسابق، مشيراً إلى وجود عوامل أخرى لها تأثير أكبر في الأسعار مثل المضاربات على عقود النفط في الأسواق العالمية، إضافة إلى الاضطرابات السياسية والأمنية في الدول المنتجة. ونفى أن يكون لارتفاع الطلب في بداية الصيف تأثير في الأسعار.
وقال الحسيني إن هناك في الأساس زيادة في إنتاج دول "أوبك"، فبعد اتفاق عام 2008 بخفض الإنتاج بمقدار 4.2 مليون برميل تم تخفيض الإنتاج بمقدار ثلاثة ملايين برميل فقط أي أن هناك زيادة في الإنتاج بمقدار 1.2 مليون برميل ثم زاد الإنتاج مليون برميل آخر، وتوقع أن يقر المجتمعون حجم الإنتاج الحالي مع الأخذ في الحسبان توقف ليبيا عن تصدير إنتاجها النفطي الذي يبلغ 1.6 مليون برميل يوميا. وأكد الحسيني أن المملكة هي الدولة الوحيدة القادرة على تعويض النقص النفطي في الأسواق العالمية، وفي حال إقرار أي زيادة في الإنتاج ستتكفل المملكة بالجزء الأكبر منها، وذلك لأنها الدولة الوحيدة التي كان لديها رؤية بعيدة المدى وخطط استراتيجية قديمة في تطوير منشآتها النفطية، وجعلها مستعدة لتعويض أي نقص يطرأ على السوق.
واستعرض الحسيني أوضاع دول "أوبك"، قائلا إن الأوضاع في نيجيريا وليبيا والعراق متأزمة، كما أن الكويت والجزائر وإيران وفنزويلا والإمارات لا تملك إمكانات لزيادة الإنتاج.
وأضاف أن الصين تستهلك أكثر من 9.5 مليون برميل، وهذا الاستهلاك مرشح للزيادة 200 أو 300 ألف برميل في فترة الصيف. وأوضح أن زيادة الطلب في الصين لا تستدعي زيادة الإنتاج، لأن الاقتصاد الغربي يعاني حاليا، وسيؤدي ذلك لتراجع الطلب على النفط في الغرب، ما سيشكل فائضا في العرض يغطي زيادة طلب دول الشرق. وأكد الحسيني ضرورة المحافظة على أسعار النفط من الارتفاعات الحادة لتأثيرها السيئ في الاقتصاد العالمي الذي لن يتحمل ضغوطا إضافية في ظل المعاناة التي يمر بها، مشيرا إلى أن الارتفاع الحاد لأسعار النفط سيشكل ضررا على الجميع بما فيها الدول المنتجة.