الكهرباء ضرورة.. بين الواقع والمأمول
باتت الكهرباء في وقتنا الراهن ضرورة من ضرورات الحياة، وقد يصل شأنها إلى شأن الماء والغذاء، ولا يمكن الاستغناء عنها في عديد من المجالات، سواء كانت في حياتنا اليومية والعادية، أو لدعم التطور والنمو الاقتصادي؛ فالكهرباء تعد من أهم مصادر الطاقة المستحدثة التي يستفيد منها الإنسان بشكل يومي ومتواصل.. وذلك لا يخفى على الجميع.. ومن هذا المنطلق عملت الحكومة الرشيدة على دعم الكهرباء بشتى الطرق والوسائل.. كي يتم تقديم هذه الخدمة للمواطن على أعلى مستوى وبكل سهولة ويسر.
لقد بذلت الشركة السعودية للكهرباء جهودا كبيرة منذ إنشائها، لتحقيق رسالتها وأهدافها المتمثل بعضها في المساهمة في تحسين الحياة المعيشية وتعزيز المركز التنافسي لاقتصاد المملكة في جميع المجالات، إضافة إلى اعتبارها جميع مشتركيها جديرين بالاهتمام، ويحق لهم الحصول على الخدمة الممتازة وفي الوقت المناسب بما يفي بتطلعاتهم أو يزيد، إلى جانب تعزيز مستوى تقديم الخدمات الكهربائية لمختلف فئات المشتركين.. لكننا لم نسمع يوما أن شركتنا الموقرة صرفت تعويضا لمواطن أو مستثمر جراء انقطاع الكهرباء من جهتها وتسببها في خسائر لهم.. كذلك اشتملت مرتكزات أعمال الشركة على أربعة مرتكزات عامة تعمل على أساسها كإطار لإعداد الخطط التشغيلية والرأسمالية القصيرة وطويلة المدى.. ولم نسمع أيضا عن خطط بعيدة المدى وإن وجدت نريد متابعة تطبيقها على أرض الواقع.. فلدينا حاليا 500 ألف وحدة سكنية جديدة.. لم توضح لنا الشركة كيف ستوفر لها الكهرباء وهي تواجه مشكلات كبيرة في انقطاع التيار الكهرباء خلال أوقات الذروة في فصل الصيف؟
إن ما يقارب 53 في المائة من استهلاك الكهرباء يتم في القطاع السكني فيما يستهلك القطاع الحكومي 14 في المائة، والقطاع الصناعي 18 في المائة، و11 في المائة للقطاع التجاري، فيما يستحوذ القطاع الزراعي والمستشفيات الخاصة والمساجد والجوامع على ما نسبته 4 في المائة، حيث إن الحكومة - أيدها الله - لا تزال تدعم قطاع الكهرباء ليتم بيعه بسعر أقل من التكلفة وتبحث في الحلول لتقليل هذا الدعم عن طريق طرح سعر مناسب للمستهلكين ليتم الاستفادة من الدعم في مشاريع تنموية أخرى.. من هذا نستنتج أن القطاع السكني هو من يستحوذ على نصيب الأسد من استهلاك الكهرباء، فلماذا ترفع الشركة تعرفة الفاتورة الصناعية عن غيرها من القطاعات؟ لما لا ترفع الشركة تعرفة القطاع السكني الأكثر استهلاكا وتتحمل الحكومة وليس المواطن فرق السعر من منطلق مسؤوليتها الاجتماعية.. ففي كثير من الدول عندما يكون لديها حراك صناعي أو على الأصح نمو صناعي، تعمل على تخفيض التعرفة الكهربائية للمصانع لأهداف عدة، منها جذب مزيد من الاستثمار الصناعي، وخلق سوق تنافسية صناعية في المنتجات ذات الأهمية والقيمة المضافة للاقتصادات الوطنية، إلى جانب منافسة المنتجات المستوردة وبما يحقق العدالة، وخاصة للصناعات الصغيرة والمتوسطة التي تأثرت كثيرا بارتفاع تكاليف الإنتاج، وعلى رأسها سعر الكهرباء.
إن المملكة - حفظها الله - دولة مترامية الأطراف وتضم عديدا من المناطق التي تختلف جغرافيا عن بعضها بعضا، فمثلا تكلفة توفير الخدمة الكهربائية في الرياض أو الدمام أو جدة، تختلف عنها في أبهاء لوجود الجبال والتضاريس الوعرة؛ مما يعني تكلفة أكبر في توفير هذه الخدمة، كذلك استهلاك الكهرباء خلال فصل الصيف يزداد في مدن شديدة الحرارة كالرياض والدمام عنها في المدن الجنوبية من المملكة.. أي أنه لِمَ لا تأخذ الشركة السعودية للكهرباء في الحسبان التوزيع الجغرافي والمناخي للمناطق في تعرفتها، ويتحمل المستثمر التكلفة الحقيقية التي عليه، مع التزامها بتوفير خدمة كهربائية تتماشى مع التعرفة التي تتقاضاها؟
وفي الختام لا بد على الشركة السعودية للكهرباء من شفافية وواقعية أكبر في خططها، لتحقيق ما تصبو إليه للحصول على مستوى متقدم من الرضا لدى مختلف العملاء من خلال تحقيق توقعاتهم، والتفاعل الإيجابي معهم، وتقديم قيمة مضافة في المنتجات والخدمات، إلى جانب تزويد عملائها بخدمة كهربائية مأمونة ذات موثوقية عالية، وعلى أعلى مستوى.