رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


كرسي الأمير نايف والحلول الناجعة للمشاكل السلوكية

يشتكي كثير من عناصر الأسواق من مسؤولي هيئات منظمة لضعف جهودهم في تنظيم أسواقهم وتطويرها وحماية المتعاملين فيها واكتفائهم بالعمل وفق الأنظمة بعقلية تسيير الأعمال دون التفكير بمتابعة متغيرات السوق وفق المتغيرات المحلية والدولية وتحديد متطلبات تطويره وتعزيز قدرات عناصره للنهوض بمهامهم في المنظومة الاقتصادية، بل إن الأمر يصل ببعضهم إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة بتاتا تضر بالأسواق بشكل بالغ، مقابل مسؤولين آخرين يعملون بكل جد واجتهاد وبإقدام كبير وفي أطر تتجاوز تحقيق أهداف الأسواق التي ينظمونها إلى المساهمة في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التنموية المستدامة والشاملة، فما هو الفرق بين هاتين الفئتين من المسؤولين؟
يشتكي أحد المسؤولين من أغلب موظفيه لأنهم يعملون بالحد الأدنى من الجهد الذي يعفيهم من المسؤولية بل إنهم يسخرون عقولهم وفكرهم للتهرب من العمل وتأجيله، في حين تتحمل القلة القليلة معظم العمل لتنجزه نيابة عنهم ليصار بالمحصلة إلى معاقبة المنتج ومكافأة المقصر، ويضيف أنه في حالات كثيرة عندما تتوافر دورات تدريبية يتم إرسال المقصرين لسهولة الاستغناء عنهم وحرمان المنتجين لأن العمل دونهم سيقف، وهي مكافأة أخرى على التقصير مقابل عقاب المنتج المجد. والسؤال ما الذي جعل المجتهدين يعملون بإخلاص ليقدموا أفضل ما لديهم مقابل أولئك المتقاعسين الذين يقدمون أسوأ وأقل ما لديهم؟
آباء كثر يحرمون بناتهم من حق الزواج بعضلهن للاستئثار والاستحواذ على رواتبهن رغم ما يترتب على ذلك من معاناة شديدة ومشاكل نفسية واجتماعية كبيرة وطبعا دون رفض من مجتمع أو معاقبة من نظام، مقابل آخرين يفرحون لزواج بناتهم الموظفات مع التخلي الكامل عن رواتبهن والتوصية بالتعاون مع زوجها لمواجهة ظروف الحياة وتحدياتها، بل إن البعض يدعم ابنته دائما بما يستطيع من مال إذا رآها في ضائقة مالية أو من باب رفع مستوى حياة أسرتها إذا كان ميسورا، والسؤال ما السبب الذي يقف وراء هذه الفروقات؟
أزواج وزوجات يعتبرون الطلاق الخيار الأول وفي أحسن الأحوال الخيار الثاني عند أي مشكلة أو خلاف يحدث بينهما، وعندما يقع الطلاق يشن الطرفان أو أحدهما حربا شعواء على الآخر لتضييق عيشته وتنكيده وإن كان بينهما أبناء فسيذهبون ضحية لهذه الحرب، ليتضرر بالمحصلة المجتمع من أبناء هم أقرب لمشاريع مجرمين منهم لمشاريع سواعد بناء وإنتاج وعطاء، بينما أزواج وزوجات آخرين لا يفكرون في الطلاق بتاتا وهمهم إن واجهتهم أي نوع من المشاكل والتحديات الحفاظ على استقرار الأسرة وتربية أبنائهم في بيئة صالحة تجعل منهم سواعد بناء لا معاول هدم، والسؤال لماذا البعض يطلق لأتفه الأسباب في حين يصبر البعض الآخر وإن كانت الأسباب كبيرة ومنطقية؟
طلاب وطالبات رغم ظروفهم السيئة في بعض الأحيان يتمسكون بالدراسة ويحققون نجاحات كبيرة بتفوق دون أعذار ليرتقوا سلم العلم والعمل معظمين نتائج جهودهم وجهود الدولة في تأهيلهم مقابل طلاب وطالبات يضيعون أفضل الفرص التعليمية في جامعات خاصة محلية وأخرى خارجية رغم ما يتكبده أهلهم من تكاليف وألم الفراق ورغم ما تتكبده الدولة من تكاليف باهظة لتعليمهم، فما هو السبب؟ لماذا هذا الفرق؟
وبعد بحث عميق في أسباب النجاحات وآثارها الإيجابية، وأسباب المشاكل بكافة أنواعها وآثارها السلبية توصلت إلى حقيقة مهمة وهي أن أسباب النجاحات والمشاكل متعددة في كل سوق أو مجتمع أو مؤسسة، ولكن السبب الرئيسي والأهم الذي يفوق كل الأسباب الأخرى أهمية وتأثيرا هو منظومة المعارف والقيم والمفاهيم الراسخة في أذهان البشر رجالا ونساء إذ إنها تشكل بمزيجها وتداخلاتها السبب الرئيسي للنجاح أو الفشل في التصدي للتحديات ومواجهة المشكلات، وأعتقد أن تركيز الجهود لمواجهة أسباب المشاكل في كل قطاع أو مجتمع أو مؤسسة أو غير ذلك لن يجدي نفعا وإن كان مهما إذا لم يدعم بتركيز أكبر على معالجة منظومة المعارف والقيم والمفاهيم المتعلقة بها بشكل مباشر أو غير مباشر.
وهذا يتضح جليا من اختلاف المواقف والسلوكيات بين الأفراد كل من موقعه رغم تشابه الأحداث والمعطيات، وبكل تأكيد اختلاف منظومة المعارف والقيم والمفاهيم الراسخة في نفس هؤلاء الأفراد أثر كبير في اختلاف المواقف والسلوكيات وبالتالي النتائج التي قد تكون إيجابية، وهو ما نريد أو سلبية وهو ما لا نريد، وبالتالي فإن المعالجات القيمية التي تهتم بالغوص في الصّور القيمية التي تبني آراء الأفراد تجاه قضاياهم ومجتمعاتهم ومؤسساتهم وتحرّكهم نحو مواقف وسلوكيات معينة تعتبر من المعالجات المميزة التي تفوق المعالجات الأمنية والإعلامية والتربوية أثرا لكونها تمثل الأرضية الأساسية لبقية المعالجات وتجسّد الشراكة المجتمعية في تحقيق الأهداف التنموية من جهة تعزيز المحفزات ومعالجة العوائق والمشكلات.
ولقد سرني أيما سرور ما أعلنه المشرف على كرسي الأمير نايف بن عبد العزيز للقيم الأخلاقية في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور سعيد الأفندي أن سموه وجّه فريق العمل القائم على الكرسي بأهمية العمل على تعزيز القيم التي كانت تسود مجتمعنا في السابق ومن أبرزها (التراحم الأسري، الأخوة، حقوق الجار، الوفاء، الأمانة، والترابط بين أفراد المجتمع)، وأن الكرسي سيسعى إلى إعداد الدليل القيمي الأخلاقي المشترك بين أبناء الإنسانية بالتعاون مع عدد من المراكز البحثية العالمية: دليل أخلاقي مشترك للقيم الإنسانية .. وإعادة الروح لأخلاقيات المجتمع السابقة، وأن الكرسي سعى لنشر القيم الإيجابية بين فئة الشباب والمقبلين على الحياة الوظيفية للإخلاص في العمل والتعامل فيه من منظور ديني ووطني وتنفير المجتمع من الفساد الوظيفي الذي حدث من بعض منسوبي الدوائر الخدمية في الفترة السابقة.
والأمل كل الأمل أن تتواصل أطراف القضايا كافة والجهات المعنية بها مع القائمين على الكرسي للتكامل والتعاون والتنسيق في معالجات قيمية جذرية لتلك القضايا واستثمار دليل القيم استثمارا أمثل لتعزيز منظومة القيم والمفاهيم السليمة المعززة للنجاحات والداعمة بالمحصلة للخطط التنموية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي