الدولار القوي يوجه ضربة قاصمة لاندفاع الأسهم
في البداية ساعدت بيانات النمو القوية من البلدان الأوروبية الرئيسية المستثمرين وأمدتهم بانتعاش حذر في النشاط الاستثماري القوي. وكانت هناك عمليات شراء انتقائية في أصول النمو، على خلفية آمال بأن الاضطراب الأخير في مجمَّع السلع لم يزد عن كونه إزالة للزبَد الناشئ عن المضاربات، ولم يكن إيذاناً بموجة من التباطؤ في النمو الاقتصادي.
لكن يظل المشاركون في السوق مقتنعين تماماً بالنظرة القائلة إن شهية المخاطرة لا تنسجم مع الدولار القوي، وإن استعادة العملة الأمريكية عافيتها بعد التراجعات التي سُجِّلت في الجلسات السابقة هي السبب في انتكاس الأسهم وعدد من السلع.
وبلغ سعر خام غرب تكساس المتوسط معدل الذروة عند 100.70 دولار للبرميل، لكن مع تزايد قوة الدولار عند اقتراب الإقفال في البورصات الأوروبية تراجع السعر قليلاً وسجل ارتفاعاً عن مستوى الإقفال السابق بنسبة 0.5 في المائة، عند 99.44 دولار للبرميل. كما سجل النحاس، الذي يعتبر رمزاً للسلع الصناعية، ارتفاعاً بنسبة 0.9 في المائة، حيث وصل السعر إلى 400.50 دولار للأونصة، بعد أن كان قد ارتفع في بداية جلسة التعاملات إلى 404.70 دولار.
من جانب آخر تراجع مؤشر فاينانشيال تايمز لعموم الأسهم العالمية بنسبة 0.5 في المائة، لكنه ارتد إلى الأعلى مبتعداً إلى حد ما عن أدنى مستوى له أمس. وفي "وول ستريت" أقفل مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بتراجع مقداره 0.8 في المائة. كذلك تراجع مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا بنسبة 0.4 في المائة.
بصورة عامة، سجلت البورصات الأوروبية مستويات أعلى، حيث تجاهل المستثمرون أحدث زيادة في متطلبات الاحتياطي الرأسمالي في البنوك الصينية. وكانت أبرز حركة في الأسهم هي في مؤشر نيكاي 225 في طوكيو، الذي تراجع بنسبة 0.7 في المائة، بسبب التراجع في أسهم الشركات المالية على خلفية التقارير التي أفادت بأن طوكيو تسعى لتوسيع الألم الناجم عن المتاعب التي تعانيها شركة كهرباء طوكيو، بسبب الأضرار التي لحقت بالمفاعلات النووية في محطة توليد الطاقة الكهربائية في فوكوشيما.
وكانت هناك أنباء عن أن الناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا سجل في الربع الأول من العام زيادة بنسبة 1.5 في المائة (وفي فرنسا سجل الناتج زيادة مقدارها 1 في المائة في الربع الأول). وقد ساعدت هذه الأنباء إلى حد ما على إبعاد المخاوف من أن النشاط الاقتصادي كان في حالة تعثر في وجه الارتفاع الذي شهدته أسعار السلع، وفي وجه الإجراءات التي ستتخذ من حيث رفع أسعار الفائدة في منطقة اليورو، ناهيك عن الاستجابة النشطة من أهل السياسة النقدية بخصوص التضخم في البلدان ذات النمو السريع.
وعلى خلفية تلك الأنباء ارتفع سعر اليورو، الذي كان يعاني في الفترة الأخيرة بسبب المخاوف حول أزمة السندات الحكومية اليونانية. لكن اليورو أصيب بعثرة، وتراجَع الآن بنسبة 1 في المائة ليصل السعر إلى 1.40 دولار، ما ساعد على دفع الدولار بنسبة 0.8 في المائة على أساس الوزن التجاري النسبي ليصل إلى 75.82 نقطة، وهو أعلى مستوى له منذ نيسان (أبريل).
ومن الصعب التوصل إلى سبب يبرر قوة الدولار، وذلك بالنظر إلى أن بيانات التضخم في أسعار المواد الاستهلاكية عن نيسان (أبريل) في الولايات المتحدة كانت حميدة نسبياً، كما أن الاستبيان حول ثقة الأُسر كان أقوى بصورة يسيرة فقط عما كان متوقعاً.
والواقع أن الحركة في سوق سندات الخزانة الأمريكية تشير إلى أن المستثمرين يشعرون بقلق أكبر بخصوص التباطؤ في الاقتصاد، حيث تراجع العائد على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات بواقع خمس نقاط أساس ليصل إلى 3.17 في المائة. كما تراجعت العوائد على سندات الخزانة الألمانية، التي كانت أعلى كذلك في أعقاب صدور بيانات النمو في الناتج المحلي الإجمالي، بنسبة ثلاث نقاط أساس لتصل إلى 3.08 في المائة.