رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


السعودة والقطاع الخاص .. الخلاصة

يجب الإقرار بأن سياسة الجزرة والعصا مع التجار لم تسهم كثيرا في زيادة نسبة السعودة في القطاع الخاص. لذا لا بد من وضع خطط تستهدف السعوديين طالبي العمل مباشرة لا التجار، حيث تسهم في حصول السعوديين العاملين في القطاع الخاص على حياة كريمة وتزيد من ثقتهم في العمل في القطاع الخاص. فالسعوديون في القطاع الخاص لم يستفيدوا من تثبيت غلاء المعيشة، كما أنهم يعانون من ارتفاع غلاء المعيشة، كل هذه العوامل وغيرها تجعل الغالبية العظمى من السعوديين ينظر للعمل في القطاع الخاص كمحطة انتظار لحين أن تتوافر فرصة العمل الحقيقية في القطاع الحكومي. ولعلي في مقالات متعددة ذكرت جملة من الإجراءات التي يمكن عملها ليس فقط لتغيير هذه النظرة بل لأن يصبح العمل في القطاع الخاص الخيار الأول لطالب العمل السعودي. فما زال القطاع الخاص يستقطب غالبا من لا يجد فرصة عمل في القطاع الحكومي، ما يجعل مساهمة السعوديين في تنمية القطاع الخاص محدودة. لذا أعتقد أن علينا عمل الآتي:
أولا، لا بد من إيجاد صندوق يقدم مميزات وظيفية للعاملين في الشركات أو المؤسسات الصغيرة. وتبرز أهمية هذا الصندوق إذا علمنا أن أكثر من 88 في المائة من أعداد الشركات في القطاع الخاص صغيرة الحجم، وعدد العاملين فيها أقل من 20 عاملا ما يفقدها القدرة على تقديم مميزات وظيفية للعاملين فيها كما ذكرت في مقال سابق. كما أن أعداد السعوديين العاملين في القطاع الخاص محدودة جدا ولا يتجاوز عددهم 600 ألف عامل فقط (لا يشمل الرقم العاملين في المؤسسات الحكومية). لذا فإن السعودة يجب أن تنطلق عبر زيادة مميزات التأمينات الاجتماعية لكل العاملين في القطاع الخاص. هذه الزيادة تتم على شكل بدلات ولنسمها بدل سعودة (صندوق يوضع لهذا الغرض) تقدمها وزارة المالية للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية. هذه المعونات تمّكن مؤسسة التأمينات الاجتماعية من زيادة مميزات العاملين في القطاع الخاص، حيث تكون مميزات التأمينات الاجتماعية أفضل من مميزات المؤسسة العامة للتقاعد سواء على المدى القصير أو الطويل.
ثانيا، لا بد من إنشاء جمعية خاصة للعاملين في القطاع الخاص ترتبط بشخصية اعتبارية تسهل من حل مشكلات العاملين في القطاع الخاص مع الدوائر الحكومية كافة. فالسعوديون العاملون في القطاع الخاص يحتاجون إلى صوت يقوي من صوتهم المبحوح، فكما ذكرت في مناسبة سابقة من الجميل أن يكون للمتقاعدين صوت وجمعية تدرس احتياجهم ومتطلباتهم، لكن من الأجمل أن يكون أيضا للعاملين في القطاع الخاص جمعية تحتضنهم.
ثالثا، لا بد من تحديد ساعات العمل في القطاع الخاص خصوصا قطاع التجزئة والذي يعتبر القطاع الأكثر عددا من حيث عدد الشركات، ويأتي بعد قطاع التشييد من حيث عدد العاملين فيه. فمن الظلم أن يقارن السعودي بغير السعودي في ساعات العمل، خصوصا أن العامل غير السعودي ليس لديه التزامات اجتماعية وأسرية ومالية كما لدى السعودي. فلا يستطيع السعودي أن ينافس في قطاع التجزئة بسبب بسيط أن بعض العاملين غير السعوديين ينامون في المحل ويعملون فيه ويأكلون فيه. فثلاثة من الإخوة غير السعوديين يمكنهم أن يديروا محلا للتجزئة يعمل لساعات طويلة وبأرخص الأسعار. لا شك بأن ضبط ساعات عمل قطاع التجزئة سيسهم في تشجيع السعوديين للعمل فيه خصوصا أن تجربة ضبط ساعات عمل البنوك نجحت وأسهمت في توفير بيئة عمل مرغبة للسعوديين.
رابعا، لا بد أن تكون استراتيجية السعودة جزءا من استراتيجيات كل الدوائر والمؤسسات الحكومية بما فيها هيئة الاستثمار. فكل سياسة مستقبلية يجب أن يقاس تأثيرها في سعودة القطاع الخاص سلبا أو إيجابا. لذا لا بد من إشراك وزارة العمل في الاستراتيجيات المتعلقة بالموارد البشرية التي تتبناها مؤسسات الدولة المختلفة من أجل ضمان عدم تعارضها مع سياسات السعودة.
لا أعتقد أن المحاور الأربعة المذكورة في هذا المقال هي المخرج لدعم سعودة القطاع الخاص، لكنني أعتقد جازما أنها ستسهم بشكل إيجابي في زيادتها وتحسن من النسب المخجلة لأعداد السعوديين في القطاع الخاص.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي