رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


شركة المياه الوطنية والعمل في أطر واسعة

سألت رئيسا تنفيذيا لإحدى الشركات الكبرى العاملة في أحد القطاعات الاقتصادية المهمة ماذا تعني شركته برؤيتها التي تقول إن شركتهم ''ستكون الشركة القيادية في القطاع''؟ وكانت إجابته سريعة وواضحة بشكل ينم عن وضوح الرؤية بالنسبة له، حيث قال لي إن قيادة القطاع تتطلب العمل في إطار واسع وتجاوز مرحلة المصالح الضيقة المتعلقة بتحقيق الأرباح للشركة فقط إلى مرحلة تحقيق الأرباح في إطار تحقيق تنمية القطاع الذي ننشط به وتحقيق الأهداف التنموية الاقتصادية والاجتماعية بالمحصلة عبر طرح أفكار ومنتجات مميزة ومتفردة متعددة الأبعاد ومن خلال إثارة حوارات لمناقشة محفزات القطاع وعوائقه والعمل على تعزيز الأولى ومعالجة الثانية، وهذا ما نصبو للوصول إليه.
ويضيف هذا الرئيس التنفيذي أن الشركة القيادية تكاد تلعب دورا كبيرا مشابها لدور الهيئات المنظمة التي تستهدف تنمية القطاع الذي تشرف على تنظيمه وتطويره وحماية المتعاملين فيه في إطار تحقيق الأهداف التنموية المستهدفة ذلك أنها تنتقل من بدائل تطبيق الأنظمة كما هي وتحمل عوائقها أو كسرها أو عصرها لتجاوز تلك العوائق إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث تعمل على التأثير الإيجابي لصناعة الأنظمة المحفزة والمطورة للقطاع، موضحا أن الشركات الكبرى التي لا تنهض بدورها القيادي الذي يتناسب وحجمها أو تلك التي تقوم بدورا مخالفا من خلال استثمار قدراتها وقوتها لتحقيق أهدافها على حساب القطاع إنما هي شركات ذات أثر سلبي كبير على التنمية الوطنية بكل أشكالها في المديين المتوسط والطويل وإن بدا لقيادتها أن ذلك ذو أثر إيجابي في المدى القصير.
تذكرت هذا الحوار بعدما اطلعت على خبر فوز شركة المياه الوطنية بالمركز الأول، وحصولها على جائزة أفضل مشروع بيئي لعام 2011م خلال مؤتمر جوائز المياه العالمية لعام 2011م عن مشروع تجفيف بحيرة الصرف الصحي في محافظة جدة الذي حظي بإشادة وتنويه من مجلس أمناء الجائزة العالمية، حيث تم تجفيف البحيرة خلال ربع المدة بعد صدور الأمر السامي الكريم إذ نجحت الشركة في تجفيف كامل بحيرة الصرف الصحي في جدة خلال ثلاثة أشهر وقبل الموعد المحدد بتسعة أشهر باستراتيجية ذكية لكونها شملت إضافة لتجفيف بحيرة الصرف الصحي إطلاق مشروع أسهم بشكل كبير في عملية تجفيف البحيرة، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، وبالتالي الاستفادة من مصاريف التجفيف مستقبلا في عملية ضخ مياه الصرف الصحي المعالجة إلى نقاط التوزيع الخاصة بأمانة محافظة جدة للاستفادة منها في مشروع الغابات الخضراء التابع لها.
أيضا من الجميل في استراتيجية الشركة المتبعة في تجفيف البحيرة رفع الطاقة الاستيعابية في محطات معالجة الصرف الصحي وإيقاف تفريغ المياه في البحيرة وتحويلها إلى محطات المعالجة القائمة حاليا لاستقبال كميات مياه الصرف الصحي المنقولة بواسطة الصهاريج، وذلك بعد تطويرها وتوسعته، وبالتالي منع تكون البحيرة أو ما هو مشابه لها مستقبلا.
هذا الخبر يقول إن الشركات القيادية يمكن أن تتجاوز تحقيق مصالحها الضيقة المتمثلة بتعظيم الأرباح إلى العمل في أطر واسعة تشكل نمطا مطلوبا من آليات العمل في إطار تنمية شاملة ومستدامة مستهدفة، نعم قد يقول قائل إن شركة المياه الوطنية شركة مملوكة بالكامل للحكومة متمثلة في صندوق الاستثمارات العامة وأنشئت لتقديم خدمات المياه والصرف الصحي وفقا لأحدث المعايير العالمية، وبالتالي ما قامت به ما هو إلا مهمة طبيعية من مهامها، ولكن وللأمانة يجب أن نقدر هذا الإنجاز السريع والمتميز لتحفيز القائمين عليها للمزيد من الإنجاز والإبداع، كما ننتقد التأخير أو الإخفاق لتحفيز المسؤولين المعنيين بالنقد للمعالجة.
محور التقدير والذي أرجو أن يكون راسخا في ذهن كل مسؤول لشركة خاصة كبرى هو أن هذا الإنجاز يشير بكل تأكيد إلى رسوخ مفهوم تميز نجاح العمل الخاص إذا كان في إطار التنمية المستدامة المساهمة في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والصحية، ورسوخ مفهوم العمل في أطر استراتيجية ذكية تتجاوز الأعذار التقليدية والتي أدت لتخلف الإنجاز في كثير من المشاريع الوطنية المهمة والحيوية من قبل كثير من الأجهزة الحكومية، كما أشارت تقارير ديوان المراقبة العامة فضلا عن تأخر مشاريع كثير من الشركات الخاصة.
ولا أخفيكم سرا إذا قلت لكم أن معظم مشكلاتنا في ظل الموازنات الضخمة التي توفرها حكومة خادم الحرمين الشريفين ــ حفظه الله ــ لتحقيق الأهداف التنموية وفي ظل الوفرة المالية التي ينعم بها الاقتصاد السعودي نتيجة ارتفاع أسعار النفط والآثار الإيجابية المترتبة على برنامج خادم الحرمين الشريفين للإصلاح الاقتصادي والذي أدى لتعزيز دور كثير من القطاعات الاقتصادية في إجمالي الناتج المحلي، أقول إن معظم مشكلاتنا تأتي من وراء موقف كثير من المسؤولين على الأجهزة الحكومية وقيادات القطاع الخاص وبعض مؤسسات المجتمع المدني من العمل في أطر واسعة، إذ يغلب عليهم الموقف السائد وللأسف الشديد وهو العمل في أطر ضيقة تنحصر في تسيير الأعمال بما يعفيهم من المساءلة بالنسبة لمسؤولي الأجهزة الحكومية، وتحقق لهم الأهداف الربحية بالنسبة لقيادات القطاع الخاص، وتحافظ على صورتهم لجمع مزيد من التبرعات بالنسبة للقائمين على مؤسسات المجتمع المدني.
ختاما، آمل من شركة المياه الوطنية أن توثق إنجازاتها وأن تطرحها في ورش عمل مشتركة مع الأجهزة الحكومية والشركات القيادية كنماذج لنجاحات إدارية وفنية تؤكد أنه إذا خلصت النيات وتوافرت الإرادة وبذلت الجهود التخطيطية والاستشارية تتحقق الإنجازات بجودة عالية وبأوقات قياسية وبتكاليف متناولة لصالح الجميع الشركة والمجتمع والوطن معا، وأن الأعذار ما هي إلا حجج الفاشلين المتقاعسين المترددين الذي لا يرون للدراسات والتخطيط والاستشارات أهمية تذكر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي