رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


رجال الأعمال مواطنون غيورون.. والاتهام بالجشع ظلم

يتفق معي الجميع على أن جميع شرائح المجتمعات أو فئاتها أو من يمثلون المهن فيها، تجد فيهم الصالح والطالح، والنزيه والفاسد. ومن غير العدل أو الإنصاف أن نتهم فئة بأكملها عند خطأ ارتكبه أحد ممثليها، ومن غير المنطقي أيضا أن نطبق مقولة الخير يخص والشر يعم، فهذا يعتبر إجحافا في حق من تحلى بالنزاهة وتربى عليها وطبقها في حياته مع جميع الناس، ومقارنته بشخص من فئته يأخذ الخطأ طريقا ومبدأ يسير عليه.
لقد شهدت الفترة الماضية ارتفاعا في معدل الأسعار لعديد من السلع المختلفة، وتذمر المستفيدين بشكل كبير من هذا الارتفاع، مما أدى إلى تعميم الاتهام لجميع التجار ورجال الأعمال بالجشع والطمع، وعدم الحرص على مصلحة البلاد وغيرها من الاتهامات، التي يعتبر السواد الأعظم من رجال الأعمال منها براء، ونسي الجميع أن السوق السعودي سوق حر، وأن عملية ارتفاع الأسعار يحكمها عديد من العوامل التي منها الأسعار العالمية للسلعة، حيث من المفترض في وزارة التجارة قبل مراقبة الأسواق المحلية، أن تقوم برصد مستمر للأسعار على مستوى العالم، وتقارنها بالأسعار المحلية، وبالتالي تتبرأ ساحة رجال الأعمال أمام المستفيدين.
إن الجميع يريد أن تستقر الأسعار في أي سلعة كانت، ولكن هذا الأمر لا بد ألا يكون على حساب طرف على طرف آخر، فقبل فترة وخلال الأزمة العالمية تعرض رجال أعمال بارزون لخسائر كبيرة جدا وصلت إلى عدة مليارات بسبب ارتفاع السلع عالميا، ولم يجدوا من يساعدهم على تعويض خسائرهم، فمن الضروري ألا نلقي التهم جزافا على رجال الأعمال بالجشع أو الاستغلال، فمنهم كثير يكتفي برأس المال أو يخسر، مقابل ألا يزيد سعر سلعة معينة، فأحادية النظرة إلى الآخرين أو منهج العداء والكراهية وتعميم الحكم على الجميع منهج يضاد الشريعة الإسلامية السمحة، فقاعدة التعميم في كل شيء وعلى كل شيء محض جور وظلم للآخرين.
ليس من المنطقي أن نتهم جميع التجار أو الشركات الأخرى بالجشع والطمع، دون علمنا أن المتحكم الرئيس في أسعارهم هي الأسعار العالمية، وهم يتماشون معها، وليس التجار الذين ليس لهم ضمير، فلا يحكم على فريق من الناس بحكم واحد، بل يحكم على الناس بما يناسب حالهم، وكما قلت آنفا لا يوجد مجال إلا وفيه الصالح والطالح، فرجال الأعمال الأغلبية منهم غيورون على هذه البلاد الخيرة، ويعملون لأجل الصالح العام، فهم في نهاية المطاف ليسوا من كوكب آخر، وهم مواطنون تهمهم مصلحة البلاد حالهم كحال غيرهم.
إننا كرجال أعمال لسنا ضد معاقبة المخطئ، بل نشدد عليها، ولكننا ضد التعميم الذي يضر بالجميع، فإن ما تقوم به وزارة التجارة والصناعة من جولات ميدانية ورقابية أمر مهم وضروري تشكر عليه، ولكن كان من المفترض، أنه إذا كانت هناك سلوكيات سلبية تؤثر في السوق، وتؤثر في العرض والطلب، فمن الواجب أن تتدخل الوزارة في هذه الحالة أيضا، حيث يقف معها جميع رجال الأعمال ضد أي ممارسات تؤثر في نظرية العرض والطلب، وإحداث الخلل في السوق لأي سلعة كانت، وذلك من أجل استقرار السوق وعدم حدوث فوضى وإخلال.
كل ما وددت من مقالي هذا هو التأكيد على أن رجال الأعمال شأنهم شأن أي مواطن غيور، حريصون على تطور البلاد ونموها والمحافظة عليها، فعند الخطأ لا ينبغي تعميم الحكم عليهم جميعا، فلهم من المساهمات الكبيرة في عديد من المجالات سواء الخيرية أو الاجتماعية، فتعميم الأحكام يخالف العقل والواقع، ويخلق فجوة كبيرة من التباعد بين طرفي المعادلة.. واختتم بتشبيههم بالمثل القائل، عومة مأكولة ومدمومة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي