رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


فاعلية وسائل الإفصاح في الشركات المساهمة

الإفصاح إحدى الدعائم الأساسية لنظام حوكمة الشركات الجيد، عرف Choi (1973) إفصاح الشركات بأنه ''نشر أي معلومات اقتصادية ذات علاقة بالمنشأة، التي تساعد على اتخاذ قرار استثماري''. فيما أعطى Gibbins وآخرون (1990) تعريفا شاملا للإفصاح المالي بأنه ''أي إعلان مدروس للمعلومات المالية، كمية أو كيفية، إلزامية أو اختيارية، باستخدام الوسائل الرسمية أو غير الرسمية''.
يؤثر مستوى الإفصاح في رفع مستوى الشفافية، وطمأنة فئات المستفيدين كافة Stakeholders بما فيهم حملة الأسهم Shareholders. تعاظم الحاجة إلى وجود نظام إفصاح فاعل نتجت عن مخاطر تضارب المصالح Conflict of interest وعدم تكافؤ الفرص في الحصول على المعلومات نفسها Information asymmetry بين الإدارة وبقية المستفيدين. لذلك جلب رؤوس الأموال وتحقيق الاستدامة في عمليات الاستثمار في حاجة إلى نظام إفصاح قوي, وهذا ما توصلت إليه العديد من الأبحاث في هذا المجال.
يعد البحث في قنوات الإفصاح من أكثر الموضوعات حداثة وتجددا. فمع نشأة الشركات والتوجه لتعدد الملكية، بدأت الحاجة ماسة إلى وجود قنوات للتواصل بين الملاك ومن ينوب عنهم في إدارة الشركات. الحاجة إلى هذا التواصل كانت مرتبطة بصدور القرارات الاستثمارية. لهذا يمكن تصنيف قنوات الإفصاح للشركات إلى قسمين، القنوات الرسمية، من خلال التقارير المالية التي تصدرها الشركات، والقنوات غير الرسمية التي تشمل تسريب المعلومات الداخلية، والإشاعات, وهي ما يعاقب عليها أي نظام.
يبقى الحديث عن القنوات الرسمية للإفصاح كأداة التواصل الوحيدة بين إدارات الشركات وملاكها والمستثمرين الحاليين والمحتملين في المستقبل. وهذا النوع سيطرت عليه التقارير المعدة من قبل الشركات لعقود طويلة، وكان الحديث يدور حول كم وكيفية الإفصاح، ووضعت لها المعايير المنظمة. لكن مع ظهور وسائل الاتصال الحديثة التي تمثلت في شبكات الإنترنت، وزيادة قاعدة المستثمرين وتنوعهم أصبح لزاما أن تتجه هذه الشركات لتوفير المعلومات اللازمة للمستثمرين الحاليين والمحتملين من خلال قنوات الجذب والتواصل الحديثة.
يعد الإفصاح المالي من خلال الإنترنت Internet Financial Reporting أداة فاعلة للشركات في سبيل التواصل مع المستثمرين، ولخفض تكاليف الطباعة والتوزيع للتقارير التقليدية، كما أنها تسهم في استمرارية التواصل اللحظي بين الشركة ومستفيديها، وتزيد من حجم ونوعية البيانات المعلنة FASB (2000). الإفصاح عن طريق الإنترنت يسهم بشكل ملحوظ في خفض التأثيرات السلبية في البيئة. لكن في كثير من دول العالم لا يزال الإفصاح من خلال هذه القنوات إفصاحا اختياريا، وغير خاضع للتنظيمات الرسمية، على الرغم من أن الإنترنت تعد قناة مهمة في جذب الفرص الاستثمارية.
نتيجة لارتفاع عمليات الاحتيال المحاسبي اتجهت العديد من الجهات التنظيمية لتنظيم وتطوير الإفصاح المالي للشركات باستخدام الإنترنت لزيادة مستوى الشفافية، وذلك من خلال حث الشركات على استخدام الإنترنت كوسيلة رئيسة للإفصاح اللحظي Kelton & Yang (2008).
عند مقارنة الوضع الحاصل في الشركات السعودية المساهمة، التي تعد النافذة، التي يطل منها العالم الخارجي على الوضع الاقتصادي والمالي للشركات في المملكة، بما يمارس ويطبق في الدول المتقدمة، أو حتى بعض الدول النامية، نجد أن موضوع استثمار قنوات الإنترنت كأداة فاعلة للتواصل والإفصاح بين الشركات ومستثمريها الحاليين والمحتملين، لا يزال في مراحل لا تستحق الإبراز.
علما أن هيئة سوق المال، ومنذ إصدار لائحة حوكمة الشركات في تشرين الأول (أكتوبر) 2006، ألزمت الشركات للالتزام بموضوع التوقيت للإفصاح، ونجحت فيه نجاحا مشهودا. لكن يبقى دور الهيئة مع الجهات المختلفة كوزارة التجارة والجهات المهنية المختصة بموضوعات الإفصاح، للتواصل مع الشركات والمساعدة في رفع مستوى الإفصاح وطرقه.
بعملية بحث بسيطة لزيارة مواقع الشركات المساهمة، نجد أنها تراوح بين مواقع جيدة إلى مواقع أقل من جيدة، تستخدم أغلبها لنشر معلومات أساسية عن الشركة، وعدد من هذه المواقع تحاول التواصل مع مساهميها وتوفر لهم التقارير المالية أو تقارير الإفصاح التخصصية.
التواصل مع مديري هذه المواقع، أو مسؤولي علاقات المستثمرين، قد يكون غير مفعل في أغلب هذه المواقع، وهذا يدل على عدم إيمان هذه الإدارات بأهمية هذه القنوات في التواصل، وهو ناتج عن ضعف في التوعية والإلزام من قبل جهات الاختصاص.
في موقف لا يخلو من الطرافة، حصلت على تقرير سنوي من إحدى الشركات الرئيسة، مطبوع بجودة عالية، ومضمن به نسخة إلكترونية على (سي دي)، العجيب عند دخول موقع تداول TADAWUL للتحقق من التقرير نفسه، أجد أن الموقع الرسمي لـ ''تداول'' لا يحوي إلا صورة بجودة رديئة لأجزاء من هذا التقرير، وهنا يأتي السؤال الأهم هل تداول غير قادرة على الحصول على نسخة ذات جودة عالية من التقرير، أم أن التوقيعات المدرجة على الصورة غير الواضحة هي الأهم؟
وهنا يمكن استعراض العديد من الميزات التي يمكن تحقيقها من خلال رفع مستوى الإفصاح والشفافية فيما يتعلق بطرق وقنوات الإفصاح الحديثة، وفوائدها على الاقتصادي الوطني، ومن أبرزها:
1- التسهيل على المستثمرين من خلال التواصل وتوفير المعلومات اللازمة لهم.
2- مساعدة الباحثين ومراكز البحث على الحصول على المعلومات التي سينتج عنها رفع مستوى البحث ومناقشة المشكلات المتعلقة بها.
3- المساعدة على تقليل فرص عدم تكافؤ الفرص في الحصول على المعلومات، أو ما يعرف بتسرب المعلومات.
4- المساعدة على تقليل حجم الشائعات التي ترتبط بالمعلومات المالية للشركات.
5- المساهمة في رفع مستوى الإفصاح عن المخاطر التي تواجه الشركات في المنظور القريب، والتغيرات الحاصلة عليها, التي قد تؤثر في القرار الاستثماري.
وغير ذلك العديد من الفرص التي لا يمكن حصرها في هذا المقال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي