أهمية تأسيس جمعية للعاملين في القطاع الخاص
تحدثت في مقالين سابقين عن محورين مهمين من محاور السعودة: أهمية إيجاد أرضية مناسبة للسعودة وكيفية زيادة مميزات العاملين في القطاع الخاص بعيدا عن تدخل التجار. ولعلي في هذا المقال أن أتحدث عن محور آخر يتركز حول أهمية وجود جمعية للعاملين في القطاع الخاص. فالكل تحدث عن سعودة القطاع الخاص سواء المسؤول الحكومي الرسمي أو التاجر المخول بتطبيق سياسات السعودة، لكن موظف القطاع الخاص-المقصود من كل هذا الحوار- لم يتحدث أو يوجد له قناة يعبر من خلالها عن همومه. ومما يبرر تأسيس هذه الجمعية أن سعودة القطاع الخاص مرتبطة بجهات عدة كوزارة العمل ووزارة التجارة ووزارة الاقتصاد والتخطيط الوطني ووزارة المالية والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وصندوق الموارد البشرية.
كما أن التجار والمتقاعدين وغيرهم لهم جمعيات تمثلهم لدى العديد من الجهات الحكومية والأهلية لكننا لا نجد جهة تمثل من هم على رأس العمل والذين هم عصب الاقتصاد في أي بلد. فالغرف التجارية مثلا تقوم بدور مشكور بإيصال هموم التجار وتسهل أعمالهم وفروعها منتشرة في أغلب مدن المملكة. بل إن الغرف التجارية تتمتع باستقلالية ويتم اختيار أعضائها عبر انتخابات مباشرة من قبل التجار. أما المتقاعدون فلديهم جمعية تقوم بدور مشكور في المطالبة بحقوقهم لدى جهات حكومية وغير حكومية عديدة.
كما أن الأوامر الملكية الأخيرة نصت على ''الرفع بشكل ربع سنوي لمن لم يلتزم بسعودة الوظائف من التجار'' مما يتطلب وجود جهة أهلية تعبر عن صوت العاملين في القطاع الخاص وتشارك في فضح من لم يلتزم بالسعودة من داخل القطاع نفسه. فالاجتماع الذي حصل بين وزيري التجارة والعمل من جهة ورجال الأعمال من جهة ثانية وصفه بعض التجار بأنه مضيعة للوقت، لذا أرى أن تأسس جمعية للعاملين في القطاع الخاص مهم جدا من أجل المشاركة كممثل للعاملين في القطاع الخاص في مثل هذه الحوارات.
ويؤكد أهمية وجود مثل هذه الجمعية كون السعوديين العاملين في القطاع الخاص أقلية فهم يشكلون أقل من 10 في المائة من مجموع العاملين في القطاع الخاص. فكتب إدارة الموارد البشرية مجمعة على تعرض الأقلية للظلم وهضم للحقوق. لذا يحتاج السعوديون العاملون في القطاع الخاص إلى صوت يقوي من صوتهم المبحوح. فالعامل في القطاع الخاص تمر عليه لحظات صعبة ولعل أشدها الفترة المصاحبة لتجديد عقده السنوي، ويزداد الأمر صعوبة عندما يكون المشرف على العامل السعودي غير سعودي ينظر له كمنافس على لقمة عيشه. المعاناة التي يعانيها العاملون في القطاع الخاص مبكية وتجبر ''مدور العيشة'' من الشباب السعودي على التنازل عن بعض حقوقهم النظامية لأن الخيار الآخر يقود إلى نتائج سلبية كعدم تجديد عقودهم المستقبلية. لذا يُجبر من لديه التزامات عائلية ومالية أن يرضى بالمر خشية حصول ما هو أمر منه.
كما أن بعض السعوديين يعملون مع مؤسسات أو شركات خاصة غير سعودية تعمل تحت مظلة هيئة الاستثمار. فهؤلاء السعوديون يواجهون تحديات صعبة جدا مما يبرز أهمية وجود جهة أهلية تحتضنهم وتسهم في توطن أعمالهم لدى هذه الشركات.
ولعلي أرى أن يرتبط اسم رئيس مجلس إدارة الجمعية إداريا بشخصية حكومية رسمية يعطي الجمعية قوة ويسهل عملها لدى الجهات الحكومية الأخرى التي ذكرت جزءا منها في هذا المقال.
أتمنى أن يتم البت في تأسيس هذه الجمعية في القريب العاجل وأن تكون صوتا جهوريا وقلبا نابضا لكل العاملين السعوديين في القطاع الخاص. كما أتمنى أن يسهم تأسيس هذه الجمعية في خلق توازن عادل بين متطلبات التجار ومتطلبات العاملين. ختاما أتمنى أن يسهم تأسيس هذه الجمعية في أن نسمع الجزء الآخر من حقيقة دعوى الصعوبات التي يواجهها العاملون السعوديون في القطاع الخاص.
ولعلي في الأسبوع القادم أن أتناول محورا آخر من المحاور المساعدة على زيادة نسبة السعوديين في القطاع الخاص وليس بالضرورة سعودة القطاع الخاص لأن سعودة القطاع الخاص ليست هدفا منطقيا على المدى القصير.كما أننا بحاجة للخبرات غير السعودية التي تضيف قيمة حقيقية للاقتصاد الوطني أو تسهم في صقل المواهب الشابة العاملة في القطاع الخاص.