رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


قرارات تضرب هامة الروتين المتلكئ

الإسكان والبطالة والخدمات الصحية والغلاء أربع مشاكل يعانيها المواطنون بشكل مباشر، ورغم جهود الدولة، وتبنيها لجميع الحلول المقترحة لمعالجتها، ورغم توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـــ حفظه الله ـــ وتوفيره لميزانيات هائلة لمعالجة هذه المشاكل، إلا أنها باتت مشاكل مزمنة، وكأنها مشاكل عصية لا علاج لها رغم الإمكانات الهائلة لمعالجتها من جذورها.
وكلنا يعرف أن الروتين المتلكئ والمصالح الضيقة لفئات معينة، والتمسك بالحلول التقليدية، وضعف الجرأة في كل مشكلة من هذه المشاكل كانت تشكل المعضلة الرئيسة في عدم معالجة هذه المشاكل من جذورها رغم مخاطرها متعددة الأبعاد، نعم فمشكلة الإسكان على سبيل المثال قتلت بحثا، وتحليلا، وتشريحا، وتفكيرا من العاملين في القطاع العقاري، والمالي، والشورى، والمفكرين، والمواطنين، والخبراء حتى تم التوصل لحلول تكاملية بين القطاعين الحكومي والخاص لمعالجتها إلا أن الروتين المتلكئ، ومصالح البعض الضيقة، وعدم احترام أهمية الوقت كعنصر حاسم في حل هذه المشكلة المولدة لمشاكل كثيرة جعلت من توافر الأراضي اللازمة لتطوير المساكن مشكلة عصية، كما جعلت من أنظمة الرهن العقاري العنقاء التي نسمع بها، ولا نراها حتى باتت تصريحات المسؤولين بقرب صدور هذه الأنظمة مجال تندر وسخرية.
أيضا مشكلة البطالة بين الشباب السعوديين باتت هي الأخرى عصية عن الحل رغم توافر جميع الإمكانات، وتوافر الوظائف التي لا حصر لها، التي تعرضها صحيفة ''الاقتصادية'' في تقاريرها هذه الأيام، وكلنا يعرف أن البطالة في بلادنا هيكلية، حيث يوجد لدينا نحو تسعة ملايين وافد يعمل أكثر من نصفهم عملا ذاتيا تحت بند التستر، بينما يعمل الآخرون لدى الغير، وذلك مقابل نحو 400 ألف عاطل وعاطلة عن العمل، ورغم ذلك لم تحل المشكلة حتى بتنا نرى الطلبات تصل إلى أكثر من 40 ألف طلب لوظائف لا تتجاوز 400 وظيفة، والأمثلة كثيرة وفي أكثر من جهة.
مشكلة الحصول على سرير في مستشفى متخصص في الوقت المناسب هي الأخرى باتت من المشاكل المؤرقة للمواطنين، أما مستوى الاهتمام بالمرضى، وجودة التشخيص، ونوعية الأدوية وتوفرها فحدّث ولا حرج، أقول كل ذلك رغم الإنفاق الهائل على القطاع الصحي الحكومي والدعم الكبير للقطاع الصحي الخاص، ولكن الروتين المتلكئ يفعل فعله.
تضخم الأسعار الناشئ عن جشع التجار، خصوصا ملاك العقارات الذين يرفعون أسعار الإيجارات بشكل مفزع، كلما ارتفعت أسعار الأراضي التي حولهم، والتي أدت بالتبعية لارتفاع أسعار الخدمات والسلع بسبب جشع العاملين في المؤسسات التي تقدم تلك الخدمات والسلع أو بسبب ارتفاع الإيجارات أو لكليهما معا، أصبحت تلهب جيوب المستهلكين حتى باتت الأموال وكأنها أوراق لا قيمة لها ورغم تدخل الحكومة بدعم السلع الأساسية، إلا أن الأسعار ما زالت دون أنظمة ضبط أولا ودون رقابة ثانية، والسبب أيضا الروتين المتلكئ رغم إمكانية استخدام التقنيات الحديثة ليلعب المستهلك دور الرقيب الأقوى والفعال لتطبيق الأنظمة المعالجة للمشكلة.
تركت هذه المشاكل حتى تفاقمت بشكل مؤلم ينبئ بآثار سلبية متعددة في جميع الأبعاد السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية حتى جاءت قرارات المليك الحاسمة لتضرب الروتين على هامته لتساهم في وضع حلول جذرية لهذه المشاكل، وتضع آلية قوية وفعالة لاستكمال حلها من جذورها، وإلا فالحساب العسير مصير المتقاعسين والمتلكئين، وأصحاب المصالح الضيقة، ومن يؤمن بمقولة لا تعمل لا تخطئ لا تعاقب.
نعم بقرارات حاسمة تصب في مصلحة الوطن والمواطن سنوفر مساكن إلى أكثر من نصف مليون أسرة سعودية، كما ارتفع قرض الصندوق العقاري لـ500 ألف ريال، ليكون مبلغا معقولا لبناء مسكن ملائم متى ما توافرت الأرض، أيضا تم استحداث 500 وظيفة رقابية للتجارة مع التأكيد على إيقاع الجزاء على المتلاعبين بالأسعار والتشهير بهم، كما تم التأكيد على رجال الأعمال بعزم الدولة على المسارعة الجادة في سعودة الوظائف بشكل حقيقي، كما تم تحديد حد أدنى لرواتب موظفي الحكومة بثلاثة آلاف ريال، وهو حد أدنى سيدفع بالقطاع الخاص، ليكون هذا الراتب معياريا ـــ بإذن الله.
ومن القرارات الحاسمة التي نتوقع منها جميعا الكثير من جهة رفع الكفاءة الإدارية والمالية قرار إنشاء هيئة مكافحة الفساد التي ترتبط بخادم الحرمين الشريفين ـــ حفظه الله ــــ مباشرة، التي تشمل مهامها جميع القطاعات الحكومية والتي سيكون لها ـــ بإذن الله ـــ دورا مهما وفعالا في رفع كفاءة الإنجاز وجودته في الأوقات المستهدفة.
أخيرا كلنا نتطلع إلى أن ينهض جميع المسؤولين والعاملين في الأجهزة الحكومية بمهامهم على أكمل وجه بما يتناسب والمرحلة التي تمر بها المنطقة، وأن يرتقوا قولا، وعملا، وجهدا، وإقداما، لتطلعات حكومة خادم الحرمين الشريفين ـــ حفظه الله ـــ الذي أصدر قرارات الخير لكي لا يترك لأحد عذرا والشعب السعودي الوفي الذي كان على قدر المسؤولية، وذلك بتحقيق أعلى كفاءة إنجاز ممكنة بالتحول للعمل الابتكاري الإبداعي الجريء الموقوت والتخلص من عقد الروتين والخوف والتلكؤ والمراهنة على الوقت كحل للمشاكل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي