مقترح يمنح «الشورى» إجازة مشاريع الاستثمار الأجنبي التي تفوق 100 مليون ريال
وافق مجلس الشورى بالأغلبية أمس على ملاءمة دراسة مقترح بتعديل بعض مواد نظام الاستثمار الأجنبي في المملكة، المتضمن إضافة مادة جديدة تلزم الهيئة العامة للاستثمار بعرض جميع مشاريع الاستثمار الأجنبي التي تزيد قيمة رأس المال الأجنبي فيها على 100 مليون ريال على مجلس الشورى للموافقة عليها، على أن يصدر قراره بشأنها خلال شهر من تلقي الطلب.
وحسم أعضاء المجلس بعد مناقشة التقرير المقدم من لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة بشأن ملاءمة دراسة المقترح المقدم من قبل عدد من الأعضاء بموجب المادة ٢٣ من نظام المجلس بالأخذ به، والذي يهدف إلى إجراء مراجعة لنظام الاستثمار الأجنبي في هذه المرحلة بعد مضي ما يقارب عشر سنوات على تطبيقه لأغراض توظيف السياسة الاستثمارية، وتحسين البيئة الاستثمارية لتحقيق أهداف المملكة التنموية ودفعها لمسار أكثر استدامة، إلى جانب تعزيز موقع المملكة التنافسي في استقطاب الاستثمارات بشكل عام ومنها الاستثمارات الأجنبية لضمان تحقيق معدلات نمو اقتصادية عالية، وتوطين مزيد من التقنية ورفع معدلات التوظيف للسعوديين.
وأيدت لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة ما ورد في المقترح المقدم من أعضاء المجلس المهندس محمد القويحص، الدكتور عبد الله بخاري، والمهندس سالم المري، المتضمن إضافة مواد لنظام الاستثمار الأجنبي المعمول به حاليا، من أبرزها النص على ألا يقل رأس المال الأجنبي المستثمر حسب هذا النظام عن عشرة ملايين ريال من النقد الأجنبي القابل للتحويل والمحول عن طريق أحد المصارف المسجلة لدى مؤسسة النقد العربي السعودي. كذلك منع المستثمر الأجنبي الذي كان يعمل في المملكة من أن يتقدم بمشروع استثماري ينافس به المنشأة السعودية التي كان يعمل فيها إلا بعد خروجه من المملكة لمدة لا تقل عن خمس سنوات.
ويلزم المقترح أيضا المستثمر الأجنبي بإعطاء الأفضلية في المشتريات والتوظيف في مشروعه المقترح للصناعة والأيدي العاملة المحليتين وفقاً لما تحدده اللائحة، كما يدعو الهيئة العامة للاستثمار إلى تطوير شراكات بين المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال السعودية الصغيرة والمتوسطة في مشاريع ذات مردود اقتصادي. وتستوجب التعديلات أيضا قيام الهيئة بوضع برامج مختلفة لتشجيع رؤوس الأموال السعودية التي في الخارج على العودة للوطن في الداخل، وأن تدرس نتائج تطبيق نظام الاستثمار الأجنبي وتحديثه طبقاً لكل ذلك كل عشرة أعوام.
ومن التعديلات الجديدة التي تضمنها المقترح تحديد وتفسير هدف نظام الاستثمار الأجنبي، وتنص على ''يهدف هذا النظام إلى تشجيع وتنشيط الاستثمارات الأجنبية في أراضي المملكة للقيام بأنشطة مربحة تسهم في تقوية القدرة الاقتصادية والتنمية المستدامة للبلاد على أساس احترام السيادة الوطنية والاستغلال والاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية دون إضرار بالعامل أو أصحاب العمل المحليين''. وأيضا إلغاء المادة الثالثة من اللائحة التنفيذية للنظام واستبدالها بمادة تشدد على ''قيام مجلس الإدارة بصفة دورية بمراجعة قائمة الأنشطة المفتوحة للاستثمار الأجنبي، وتلك المستثناة منه واقتراح التعديلات اللازمة عليها والرفع بذلك للمجلس الاقتصادي الأعلى للنظر في إقرارها''.
وقد أورد مقدمو المقترح مسوغات لدعمه وإبداء المكاسب المتوخاة من الأخذ به، ومن ذلك التأكيد على وجود فوضى عارمة في تطبيقات نظام الاستثمار الأجنبي المعمول به حاليا، قائلين ''إنه تم الترخيص لبعض الاستثمارات الأجنبية التي تقوم بأنشطة تتناقض مع الهدف الأساس من إنشاء الهيئة العامة للاستثمار، مثل الترويج لعقارات في بعض الدول المجاورة والأجنبية، وعرض فرص استثمار خارجية على المستثمر السعودي. كما حذروا من أن التوسع في تطبيقات نظام الاستثمار الأجنبي الحالي من دون تصحيحه سيحوّل كثيرا من الأعمال البسيطة التي لا تحتاج إلى خبرات أو رؤوس أموال كبيرة ويمكن أن يقوم بها المواطنون، إلى استثمارات أجنبية تتمتع بامتيازات ورعاية خاصة من قبل هيئة الاستثمار.
وحذر أصحاب المقترح أيضا من قطاع الأعمال الصغيرة الذي يضم مؤسسات محلية وطنية غير مؤهلة وعلى مستوى كبير من الضعف، وأن توسيع هذا المستوى من المؤسسات سيضر بالبلاد وسيعني مزيدا من القضايا والمشكلات العمالية. وقالوا إن كثرة المنشآت الصغيرة التي تديرها عمالة وافدة سيشكل هاجساً أمنياً لما تحققه هذه الكثرة من تزايد أعداد العمالة الوافدة غير المسيطر عليها، ''أي أن استمرارية الوضع الحالي ستزيد من عمليات التستر التجاري وتجعله أكثر تعقيداً وكأننا نكافئ مخالفي أنظمتنا بإعطائهم الفرصة للتحايل علينا من جديد باسم الاستثمار الأجنبي''.
ومن الانتقادات التي وجهها مقدمو مقترح تعديل الاستثمار الأجنبي، الإخلال بالمنافسة العادلة وتدهور نوعية المنتج والخدمة، حيث يتجه بعض الأجانب إلى ترك أعمالهم ومغادرة المملكة بعد صدور نظام الاستثمار، ومن ثم العودة كمستثمر أجنبي في النشاط نفسه الذي كان يعمل فيه لدى صاحب العمل السعودي ليقوم بعد ذلك بسرقة عملاء هذه المؤسسات من قبل المستثمر الجديد، مؤكدين أن المنشآت التي تنشأ بهذه الطريقة وتديرها عمالة وافدة لن تسعى إلى تحقيق الجودة والديمومة في السوق بقدر ما تسعى إلى الربح السريع؛ حتى لو اضطرها ذلك إلى استخدام الخامات الرديئة متدنية السعر واللاعب بالمواصفات والمعايير القياسية، بل قد تقوم بالمتاجرة بالتأشيرات واستخدام صلاحيات الاستقدام لأغراض خاصة.