أما آن الوقت لتنظيم عضوية مجالس الإدارات والهيئات واللجان الحكومية؟
ذكرت في مقال سابق أن الحوكمة أصبحت في الوقت الحالي ضرورة ملحة؛ لكونها تعطي محصلة نهائية في تحسين الأداء الإداري والاقتصادي والاستثماري والمالي، من خلال مجموعة من الإجراءات والعمليات، التي يتم من خلالها توجيه الهيئات أو المؤسسات والتحكم فيها، بحيث يتضمن الإطار العام للحوكمة تحديد وتوزيع الحقوق والمسؤوليات على مختلف الأطراف في الهيئة أو المؤسسة من مجلس إدارة ومديرين ومساهمين وغيرهم من أصحاب المصلحة، حيث تزايدت أهمية الحوكمة؛ نتيجة اتجاه كثير من دول العالم إلى التحول إلى النظم الاقتصادية التي يعتمد فيها بدرجة كبيرة على الشركات الخاصة؛ لتحقيق معدلات مرتفعة ومتواصلة من النمو الاقتصادي.
من هذا المنطلق حدد نظام وزارة التجارة والصناعة عضوية رجل الأعمال في مجالس إدارة الشركات المساهمة المسجلة في السوق بخمس عضويات فقط، ثم جاءت أخيرا موافقة مجلس الشورى خلال جلسته العادية الـ 12 على مشروع المادة 76 من مشروع نظام الشركات، المتعلقة بمكافأة أعضاء مجالس إدارات الشركات، التي حددت بـ 500 ألف ريال سنويا كحد أعلى .. من كل هذا نفهم أنه آن الأوان كي تتجه الحوكمة إلى الجهات الحكومية التي قد تتشابه مع حوكمة القطاع الخاص من حيث الإشراف والإدارة والتدقيق وغيرها من الجوانب.
فمثلا عضوية مجالس الإدارات والهيئات واللجان الحكومية تتشابه مع عضوية مجالس إدارات الشركات المساهمة المتداولة في السوق المالية، فلِـمَ لا يتم تحديد عضوية الشخص بعدد معين من مجالس الإدارات والهيئات واللجان الحكومية أسوة بإدارة مجالس الشركات، حيث يوجد عدد من المسؤولين رؤساء أو أعضاء لأكثر من 30 أو 40 ذراعا؟.. فأين الوقت الذي يستطيع المسؤول من خلاله تحقيق الهدف من ضمه إلى جميع هذه المجالس والهيئات واللجان الحكومية؟
لكن عند تحديد عدد معين من مجالس الادارة والهيئات واللجان الحكومية لا يتعدى خمسة مثلا، فمن الطبيعي وجود الوقت للمتابعة والإشراف بشكل فعلي وعملي متقن، أكثر من السابق، كذلك عند تحديد عدد معين للعضوية للشخص أو المسؤول الواحد، لا بد من النظر في المكافآت التي يتقاضاها نظير العمل لهذه المجالس والهيئات واللجان، ورفعها بشكل أجزى من الوقت الحالي؛ كي يكون هناك حماس لتقديم الأفضل في هذه المجالس والهيئات واللجان الحكومية، وكي يتحقق لدينا التكامل في الأعمال.
وفي الختام ندعو إلى وضع نظام ينظم عضوية مجالس الإدارات والهيئات واللجان الحكومية، وتحديد المسؤوليات والواجبات والمكافآت، إضافة إلى تبني لائحة حوكمة لما ذكر تسند إلى جهاز حكومي مستقل يشرف عليها ويطورها، وبالتالي تخلق التنافسية، وتتحقق الشفافية التي نادى بها خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله وأطال عمره - في ظل ما تشهده المملكة من طفرة كبيرة في مختلف المجالات.. طفرة تحتاج إلى مواكبة من جميع الأنظمة والقوانين الفعلية.