«الإسكان» يستحوذ على الدعم الحكومي .. ومطالب بـ «استراتيجية» موحدة

«الإسكان» يستحوذ على الدعم الحكومي .. ومطالب بـ «استراتيجية» موحدة

اتفق اقتصاديون على أن المرحلة المقبلة تتطلب رفع مستوى التنسيق بشكل عال بين الجهات الحكومية المعنية بقطاع الإسكان وعلاج أزمته في المملكة، من خلال استراتيجية موحدة للإسكان تجمع جهود تلك الجهات في مسار واحد تصب نتائجه في الهدف الذي تسعى الدولة إلى تحقيقه، المتمثل في حصول المواطنين على مساكن تكفل لهم العيش الكريم.
كما أكدوا في المقابل على أهمية دعم أجهزة الهيئة العامة للإسكان الفنية والإشرافية والرقابية وتأمين ما تحتاج إليه من الكوادر البشرية في ظل ضخامة المشاريع الملقاة على عاتقها والمطلوب تنفيذها بشكل عاجل. ويسوق الاقتصاديون مبررات هذه المطالب وفق من طرحوه إلى ما يلاحظ حاليا من تعدد الجهات المعنية بالقطاع، وأن كل جهة تعمل وفق مرئياتها دون التعامل مع الجهات الأخرى.
وتأتي هذه المطالب في ظل صدور القرارات الملكية أخيرا، التي منها اعتماد بناء 500 ألف وحدة سكنية في مناطق المملكة كافة وتخصيص مبلغ إجمالي لذلك قدره 250 مليار ريال، وتولي الهيئة العامة للإسكان مسؤولية تنفيذها، إلى جانب تشكيل لجنة إشرافية برئاسة وزير الشؤون البلدية والقروية، وزير المالية، وزير الاقتصاد والتخطيط (الهيئة العامة للإسكان) لوضع الترتيبات اللازمة لذلك، والإشراف على هذا المشروع والرفع للمقام السامي بتقرير شهري حوله، وكذلك تشكيل لجنة من وزارات الشؤون البلدية والقروية، العدل، المالية، والهيئة العامة للإسكان لحصر الأماكن التي لا تتوافر فيها أراضٍ حكومية وتتطلب الحاجة تنفيذ وحدات سكنية فيها.
وتحفظ الاقتصاديون خلال حديثهم لـ "الاقتصادية" تجاه ما طرح أخيرا كأحد الحلول لمعالجة التحديات التي يواجهها قطاع الإسكان بالنظر بجدية في توحيد الجهات الممولة والمسؤولة عن توفير الإسكان في جهة واحدة، معللين ذلك بأن الأجهزة المعنية والمسؤولة عن هذا القطاع رغم تعددها إلا أن لكل منها تخصصها، وأن فكرة دمجها ليست بالضرورة الحل الأمثل. وقالوا إن هيئة الإسكان على سبيل المثال لديها قدر من المرونة في أداء عملها وبدأت بالفعل تستكمل أجهزها التابعة لها، لذا فإن من الأجدى أن تبقى هيئة مستقلة لها شخصيتها الاعتبارية مع ضرورة دعمها بالكوادر البشرية وإعطائها مزيدا من المرونة الكافية في أداء عملها، وأن تتمتع بالإمكانات الإدارية والفنية اللازمة بعيدا عن الإجراءات والبيروقراطية الحكومية.
وهنا علق المهندس محمد القويحص عضو مجلس الشورى، قائلا إنه في ظل ضخامة المشاريع الملقاة على عاتق هيئة الإسكان، المطلوب تنفيذها بشكل عاجل، فإن الأمر يتطلب تطوير أعمال الهيئة وتدعيم أجهزتها الفنية والإشرافية والرقابية، والتفكير في إيجاد أساليب جديدة لتنفيذ هذه المشاريع من خلال الاستفادة من التجارب والخبرات العالمية في مجال عملها، والتعاون مع شركات استشارية متخصصة في هذا الشأن. وتابع "كما يعد صندوق التنمية العقارية جهة تمويل ليس له علاقة بطبيعة عمل هيئة الإسكان، وبالتالي فإنه بدلا من فكرة دمج هاتين الجهتين، يجب أن يخضع عمل الصندوق لتوجهات وتطويرات أخرى ليواكب ما حدث من المستجدات والتغيرات على مستوى الأنظمة العقارية وعلى مستوى أجهزة الإسكان، بما يمكنه من التغلب على التحديات التي تواجهه لأداء مهمته والاستمرار في تقديم خدماته، التي منها على سبيل المثال المقترح المطروح في هذا الإطار بتحويله إلى بنك عقاري يتعامل بالأسس التجارية في قضية تقديم القروض والاعتمادات".
وفي هذا الجانب، يرى بعض المختصين في الشأن العقاري أن أمام الصندوق خيارين ليتمكن من التغلب على المعوقات التي تعترض أداء واجبه على الوجه الأمثل، تتمثل في تحويله إلى بنك عقاري متخصص برأسمال ضخم وإعطائه مزايا تفضيلية أو على أقل تقدير إلى مؤسسة إقراض عقاري، مع السماح باستثمار جزء من رأس المال لتخفيف العبء عن الخزانة العامة.
وبشأن قطاع البناء والتشييد وما تتطلبه المرحلة المقبلة بضرورة العمل فورا على تأهيل هذا القطاع لاستيعاب الإنفاق الهائل على البنية التحتية، عاد القويحص ليؤكد أهمية التحرك الفعلي لدعم هذا القطاع خلال هذه المرحلة وبالأخص المقاولات، لافتا في هذا الصدد إلى أهمية النظر بجدية في حاجة القطاع إلى إنشاء مظلة أو مرجعية واحدة تعنى به. وهنا أكد الاقتصاديون أهمية إطلاق هيئة للمقاولين السعوديين تعنى بتحسين بيئة المقاولات وإنشاء البنية التحتية لهذا القطاع المهم والمؤثر في الاقتصاد الوطني، إلى جانب توضيح جميع المشكلات التي يعانيها المقاولون وتطوير البيئة الصحية لعملهم المتمثلة في مجموع العلاقات التي تربط المقاول بالجهة الحكومية وسوق مواد البناء وسوق العمل والجهات الحكومية المانحة للتراخيص اللازمة للعمل، إلى جانب القضاء الإداري (ديوان المظالم) عند وجود أي خلاف. وكذلك تتمكن هذه الهيئة من إعادة هيكلة هذا القطاع وتطويره وتوجيهه حتى يتماشى مع المتغيرات الاقتصادية المحلية والدولية، خاصة في ظل ما يواجهه من التحديات الكثير، أبرزها ضرورة قيام هذا القطاع بتنفيذ المشاريع الحكومية التنموية والخدمية في الأوقات المحددة وحسب الشروط والمواصفات الخاصة بتلك المشاريع بقصد إحداث قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وإيجاد مزيد من الوظائف للمواطن السعودي، وتحقيق خدمة المشاريع الخدمية للمواطنين، وكذلك وقوف هذا القطاع منافساً قوياً للمقاول الأجنبي، والتعامل بفاعلية مع المعوقات التي تعترض طريقه.

الأكثر قراءة