رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


جمعة 11 مارس.. المجتمع يجدد تلاحمه

كما توقع العقلاء والعارفون بطبيعة المجتمع السعودي وعلاقته الوثيقة مع قيادته التي سخرت كل الإمكانات وعلى مدى تاريخها المتجاوز لثلاثة قرون من الزمن، فقد كان يوم الجمعة يوم اكتشاف لحجم الكذب والمزايدة على استقرار بلاد الحرمين الشريفين من زمرة شقت طريقا غير سالك فكانت:
كناطح صخرة يوما ليوهنها
فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
وما يستوقف أي متابع للأحداث الجارية في بعض الدول العربية أن هناك من يحاول بغباء شديد إقناع الآخرين باستنساخ تلك الأحداث متناسيا انعدام المقارنة تماما بين بلاد الحرمين الشريفين ودول عربية حكمتها الثورات ثم تراجع الثائرون إلى استئثار بالسلطة وتعسف في استخدامها واستحواذ على الشرعية حتى فقدوها بثورات تصحيحية جاءت من عمق الشعوب التي حكمت على تلك الثورات بالفشل في تحقيق أهدافها أو تقديم ما يستحق مع نظامها البقاء، فكان التغيير حتميا لا مفر منه.
أما الجديد في الحكم على الحاقدين على بلاد الحرمين الشريفين، فإنه محل اتفاق بين الجميع، فهناك متربصون يراقبون المواقف والمستجدات عن قرب وهم مدعومون من جهات لم يعد خافيا ما تكنه للمملكة من عداء يظهر أحيانا جهرا ثم يختفي ليعود مجددا مرتديا ثوب الإصلاح، كما أن حكمنا عليهم لم يتغير فأولئك مفسدون وإن ادعوا الإصلاح، ولكن لعظم فسادهم انعدم لديهم التفريق بين الحق والباطل، وبين الصواب والخطأ، ولذا نجدهم يتوسلون المال من كل طرف يمكن أن يتبنى قضيتهم الخاسرة ضد المملكة أو يمكن أن يدعمهم بالمال أو بالمعلومات أو حتى بالمؤازرة المعنوية.
إن الجمعة المباركة في السادس من ربيع الثاني كانت فرصة لاكتشاف قوة القناعة بالقيادة والاستعداد بالتضحية والفداء لحماية بلاد الحرمين ومقدساته وقيادته الرشيدة ومكتسباته وتلاحم مواطنيه حول رايته، كما كشفت هذه الجمعة المباركة أن من يراهن على ولاء الشعب للقيادة فهو لا يراهن على جواد خاسر، وأن صيحته صيحة في واد، وأن نفخته نفخة في رماد، كما أن حجم الخذلان الذي أصاب من في قلبه مرض كاف لإعادته إلى جادة الصواب، فالبلاد عن بكرة أبيها رحبت بعودة خادم الحرمين الشريفين، ووقفت صفا واحدا تعبر عن شكرها لله ـــ سبحانه وتعالى ـــ على منه وكرمه أن أعاد خادم الحرمين من رحلته العلاجية بكامل صحته وعافيته.
لقد جدد الشعب للقيادة الرشيدة بيعته، وهي بيعة تضحية وفداء، وتقديم للغالي والنفيس، دفاعا عن هذا الوطن الغالي الذي يؤمه الحجاج والمعتمرون والزائرون، وتتوجه إليه الأمة الإسلامية في صلواتها مستقبلة بيت الله الحرام، وهي متعلقة في عواطفها ومشاعرها بأمن هذا البلد واستقراره، كما أن هذه البيعة التي تتجدد اليوم تعبر عن تفهم الشعب لما يحاك في الخفاء، وما يتمناه الأعداء، ولذا نجد المواطنين الذين يتشرفون بالسلام على خادم الحرمين الشريفين يجددون له التأكيد على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وفي الرخاء والشدة.
وإن ما يدعو إلى الاعتزاز ذلك المنهج الواعي في خطب الجمعة في جميع مساجد المملكة، وفي مقدمتها المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، حيث أوضح الخطباء منهج أهل السنة والجماعة في التعامل مع هذه المواقف، وما يحث عليه ديننا الحنيف من نبذ للفرقة والخلاف، وترك لأسباب الفتن واتباع لما يفتي به علماء الأمة، وما يجب على المسلم من تقديم النصيحة لولاة الأمر، بل والدعاء لهم، لأنهم حصن الأمة، وبالالتفاف حولهم تتوحد الكلمة، وتأمن الأوطان، ويندحر المغرضون والحاقدون الذين كشروا عن أنيابهم فوجدوا أمامهم سدا منيعا عادوا دونه مهزومين، وهم يجرون أذيال الفشل والخيبة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي