المتحدث الإعلامي الصامت
حسنا فعلت منشآت حكومية عدة، إذ عمدت إلى تسمية متحدث إعلامي أو أكثر باسمها. هذا السلوك الإيجابي يعني أن هذه الجهة أو تلك أتاحت خطا ساخنا مع وسائل الإعلام يمكن من خلاله توضيح كثير من الأمور التي يدور حولها لغط، وبالتالي يحد من سريان الشائعات السلبية.
لكن أداء عدد من المتحدثين الإعلاميين يشوبه قصور وتعثر، يضع البعض مسؤوليته على الجهة التي عينت المتحدث الإعلامي، ثم طالبته بالصمت عن الكلام. وهو ما يتناقض مع مسوغات تسميته متحدثا إعلاميا.
ويبدو أن إعلان هذه الجهات عن تسمية متحدث إعلامي أتى كنوع من البرستيج، واستجابة لتوجيهات القيادة العليا، لكنها لم تتقبل ذهنيا هذه الرؤية المنفتحة. والنتيجة استمرار سيل الشائعات والتسريبات الخاطئة التي تحتاج إلى من يوضحها للجمهور بشكل عاجل.
في المقابل شهدنا أن جهات أخرى، تفوق أداء المتحدث الإعلامي فيها، وأصبح وجوده ظاهرا، ولا يتردد في تقديم أي توضيحات تتعلق بهذه المسألة أو تلك.
ولعل أول نموذج إيجابي يقفز إلى الذهن المتحدث الإعلامي باسم وزارة الداخلية. فقد استطاع هذا الرجل أن يضفي على مهمته فاعلية جعلت مهام المخبر الصحافي أكثر يسرا وسهولة.
لكن جهات عملها أقل حساسية من عمل وزارة الداخلية، تجد أن المتحدث الإعلامي فيها يمارس الصمت، وهو غالبا يحتفظ بأرقام الإعلاميين الذين يتواصلون معه على جواله، وغالبا يتعمد عدم الرد على اتصالاتهم لأنه لا يملك إجابات على الأسئلة التي قد يطرحونها عليه، ولا توجد لديه اتصالات مباشرة بالمعنيين عن هذه القضية أو تلك. وفي أغلب الأحوال تأتي الاستجابة بطيئة للغاية، وبعد أن تكون القضية البسيطة قد أخذت أبعادا كبيرة نتيجة إلزام المتحدث الإعلامي بالصمت.