رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


مسيرة منتدى الرياض الاقتصادي في متابعة التنمية والتطوير الاقتصادي نحو تنمية مستدامة

الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علما، وأصلي وأسلم على من أرشدنا إلى كل خير، وعلمنا ما لم نعلم، وبعد، لقد كانت سعادتي غامرة وأنا أتصفح دراسات وبحوث منتدى الرياض الاقتصادي في دوراته الأربع، ففي الدورة الأولى 1424هـ/ 2003، كنت متابعا حلقات وورش الاجتماعات، وكان أكثر اهتمامي بالبنية التشريعية والقضائية في المملكة لكونها تدخل في مجال اختصاصي الدراسي، بل ولي مشاركة محدودة في مراجعة الدراسة المعد عن البنية التشريعية والقضائية، فاستفدت من ذلك كثيرا، وفي الدورة الثانية للمنتدى (1426 هـ/ 2005) لم تتح لي الفرصة لحضور حلقات وورش الاجتماعات بسبب عدم التمكن لانشغالي بأعمال عضوية مجلس الشورى، وكذلك الحال بالنسبة للدورتين الثالثة والرابعة، ولكن باطلاعي على الدراسات التي قدمت في الدورات الثلاث، فقد تبين لي أنها على مستوى جيد من الطرح، والمناقشات المفيدة في كل المجالات المبحوثة التي لها صلة بالاقتصاد، والأهداف الرامية إلى التنمية والتطوير، وكنت من خلال المطالعة أركز أكثر على الدراسات التي تتعلق بالبنية التشريعية والقضائية (العدلية)، وقد ظهر لي مدى الجهد المبذول في الدراسات المقدمة، ورغم أنه في المنتدى الثاني لم تقدم دراسة مستقلة، بل كانت ضمن دراسة مقدمة عن العلاقة بين القطاعين العام والخاص، وسبل تطويرها؛ إذ الفصل الثاني استعرض استبيانات عن الأنظمة واللوائح القرارات، والتغيرات المهمة فيها لمعرفة الآراء حولها، ومدى الثقة في النظام القضائي، واستخلص من ذلك آراء تعكس انطباعات من شاركوا في الاستبيانات كل على حسب مستواه العلمي والثقافي، والذي أود أن أبديه أن العيب قد لا يكون في الأنظمة واللوائح، بل قد يكون في الممارسات العملية، فقد لا يكون التطبيق سليما أو دقيقا، وبالتالي يُعتقد أن هذا بسبب عيب في النظام، فضلا عما قد يحصل من تعطيل لبعض النصوص، وما إلى ذلك مما يحصل في الممارسات العملية كالخطأ في تفسير النصوص باجتهادات من غير المختصين، ويستثنى من ذلك بعض الأنظمة القديمة التي قد تحتاج إلى تعديل بعض نصوصها بما يتواءم مع التنمية والتطورات الحديثة مثل الأنظمة التي تحكم العلاقات والمعاملات التجارية والمالية، ومكافحة الفساد؛ إذ إنها في تطور مستمر.
أما في الدورة الثالثة فقد قدمت دراسة مستقلة عن (البيئة العدلية ومتطلبات التنمية الاقتصادية) باعتبارها ذات أهمية في تحقيق التنمية والتطوير، وركزت الدراسة على جوانب متعددة من إجراءات إصدار التشريعات وضمان تطبيقها، وتقويمها من حيث فعاليتها في التطوير والتنمية، وتطوير القضاء، وما يستتبع ذلك من تحسين إجراءات التقاضي، وتنفيذ الأحكام القضائية، وهذا أعتقد أنه قد تحقق بصدور نظام القضاء، ونظام ديوان المظالم في شهر رمضان عام 1428هـ/2007 فيما بعد إعداد الدراسة، وقبل موعد انعقاد الدورة الثالثة التي عقدت في شهر ذي القعدة 1428هـ/ كانون الأول (ديسمبر) 2007، ولكن من حيث العمل بالنظامين فقد كان هناك تأخير طويل لأسباب عديدة، وقد كتبت عن هذا في مقالي المنشور في هذه الصحيفة في يوم الأحد 17/3/1432هـ الموافق 20/2/2011 بعنوان (نظاما القضاء وديوان المظالم.. نقاش وآراء)، فإذا ما عمل بالنظامين بشكل متكامل، فأعتقد أن فيهما تطويرا وإصلاحا من حيث جعل التقاضي على ثلاث درجات (محكمة عليا، ومحكمة استئناف، ومحكمة درجة أولى)، فضلا عن التطويرات الأخرى من حيث الأخذ بالاختصاص النوعي في القضاء المتمثل في (محاكم عامة بدوائر متخصصة تنفيذية وإثبات وإنهاء ومرور، ومحكم جزائية، وأحوال شخصية، وتجارية وعمالية) ''المادة 9، 19 من نظام القضاء''، وتأهيل القضاة بالدراسات والتدريبات، وجدية الرقابة القضائية لتكون ذات حياد واستقلال ''التفتيش على أعمال القضاة/ الفصل الرابع مواد 55 - 57''، وإيجاد جهات لتنفيذ الأحكام (دوائر للتنفيذ) ''المادة/ 19 من نظام القضاء''، ولعل العمل بالنظامين يكتمل بعد صدور نظام المرافعات الشرعية المعدل، ونظام الإجراءات الجزائية المعدل، ونظام المرافعات أمام ديوان المظالم، والمهم حسن التطبيق، وشموليته التامة، حيث لا يعطل العمل بأي نص من نصوص النظامين.
وباطلاعي على الدراسات التي قدمت في الدورة الرابعة، وجدت أن ما يتعلق بالتشريعات القضائية قد أدرجت ضمن عنوان (الأنظمة التجارية السعودية ومتطلبات التنمية)، وفي البحث الثاني تم استعراض التطور التاريخي للقضاء التجاري في المملكة خلال مدة طويلة من عام 1350هـ إلى صدور نظامي القضاء وديوان المظالم في عام 1428هـ، ولكن - كما أسلفت - أن النظامين لم يبدأ العمل بهما من الناحية الموضوعية، وإنما اتخذت بعض الإجراءات والتعيينات التشكيلات، وهذه تُعد إجراءات شكلية، إذ لم يبدأ العمل الموضوعي بالترافع والتقاضي الذي هو المقصد والهدف من إصدار النظامين كأمر ضروري للتطوير والإصلاح، وهو ما أوضحته في مقالي الذي أشرت له آنفا.
ولا شك أن منتدى الرياض الاقتصادي اهتم اهتماما كبيرا بهذا التطوير في الدراسة عندما ركز في الفصل الثالث على (الأنظمة التجارية والاختصاص القضائي) وفق النظام الجديد بوجود الاختصاص النوعي بالنص على المحاكم التجارية، وغيرها من الاختصاصات الأخرى، وليس هذا فحسب، بل تُطرق إلى التحكيم التجاري وفق نظام التحكيم السعودي الصادر عام 1403 هـ بتوضيح الملامح العامة للنظام ولائحته التنفيذية، ثم التطرق بدراسة تحليلية رُئي من خلاله أهمية التعديل أو إلغاء النظام، وإصدار نظام جديد للتحكيم التجاري؛ لأن النظام القائم يُعد نظاما للتحكيم بشكل عام، وليس تجاريا فقط (ص/60 - 69 من الدراسة للأنظمة التجارية السعودية ومتطلبات التنمية)، وهذه الدراسات سوف تحقق تطلعات المشاركين في منتدى الرياض الاقتصادي بمثل ما تحقق كنتيجة للدراسات والتوصيات التي تمت في الدورات السابقة، وتم رفعها لولي الأمر، وهو ما يرجوه كل مواطن مخلص، والله الموفق، والهادي إلى سواء السبيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي