قرارات لتعزيز فرص العمل والحد من البطالة
ما شهده مطار الملك خالد الدولي في الرياض من احتفال الرياض بعودة خادم الحرمين الشريفين مشهد يبعث على الاعتزاز والسعادة. فما أن وطأت قدما خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أرض الوطن، حتى تسابق هو والإخوة، والأبناء، ليحييهم وليرحبوا به في بلده الذي افتقده كثيراً، في مشهد يعكس التلاحم والتآزر في هذا الوطن، وفي زمن تشهد فيه الأمة العربية أكثر التحديات التي مرت بها. مشهد مؤثر، يستحق أن نحمد الله عليه كثيراً، ونحن نرى من حولنا تتقاذفهم أمواج الانقسام والتفرقة والفتنة.
لم ينتظر ـــ حفظه الله ـــ كثيراً، ليعلن عدداً من القرارات التي تصب في سبيل خدمة المواطن، وإتاحة المزيد من فرص العيش الكريم له. قرارات اتخذها ـــ حفظه الله ــــ إدراكاً منه للحاجة لتأكيد حرص القيادة على أن خدمة المواطن هي المحور الرئيس الذي تعمل في إطاره الحكومة بكل أطيافها. فالقرار الأول يؤكد مسؤوليته هو ـــ حفظه الله ـــ في توفير العيش الكريم للمواطن، والثاني على مسؤوليته في توفير حلول عاجلة لمشكلة البطالة، والثالث يؤكد مسؤولية الدولة في تحقيق الاكتفاء لمستحقي الضمان الاجتماعي، والرابع أهمية توفير السكن الكريم لأبنائه وبناته من المواطنين، وقرارات أخرى تؤكد مبادئ راسخة لعلاقة الحاكم بالشعب، وللمسؤوليات التي يتحملها تجاههم.
القرارات تميزت بشموليتها، حيث يستفيد منها فئات الشعب كافة، وتغطي عدة جوانب، تشمل العاملين في القطاع الحكومي بشقيه المدني والعسكري، والقطاع الخاص، ولتكافح البطالة، وتحد من الفقر، وتعزز أوجه الاستثمار بإتاحة المزيد من الفرص للشباب. فمن لم يستفد من قرار تعديل بعض مزايا الوظيفة الحكومية، سيستفيد حتماً من قرارات دعم صندوق التنمية العقاري، أو دعم بنك التسليف، أو هيئة الإسكان، أو دعم الضمان الاجتماعي، أو فرص الابتعاث أو غيرها من القرارات التي غطت أكثر من 40 جانباً مختلفاً، شملت قطاعات الإسكان، والبطالة، وتعزيز فرص العمل، والتعليم، والضمان الاجتماعي، ومحاربة الفقر، وزيادة الحوافز للعاملين في القطاعات الحكومية، وقطاع الرياضة، والأندية الأدبية، وغيرها من الجوانب الأخرى.
أهم ما في هذه القرارات في نظري تلك المتعلقة بتعزيز فرص العمل للشباب السعودي، ومكافحة البطالة، حيث إن قرار صرف بدل إعانة بطالة للمواطنين من موارد صندوق الموارد البشرية لمدة عام، تتم خلالها دراسة وضع تأمين للبطالة من خلال التأمينات الاجتماعية، وقرار تعزيز موارد بنك التسليف، لدعم فرص المشاريع المتوسطة والصغيرة التي ستكون فرصة لإتاحة المزيد من فرص العمل الكريم للشباب السعودي، تأكيداً على أهمية التعامل مع مشكلة البطالة، سواءً من خلال أعراض المشكلة المتمثلة في وجود عدد كبير من الشباب العاطلين عن العمل، أو من خلال جذورها المتمثلة في محدودية فرص هؤلاء للعمل في القطاع الخاص. إعانة بدل البطالة ستوضح الصورة حول أرقام البطالة، وهذا سيفرض على وزارة العمل بشكل جدي على التعامل بشكل عاجل مع هذه المشكلة من خلال إجراءات جادة لإصلاح سوق العمل.
البطالة في المملكة لا تعكس محدودية فرص العمل، وعدم قدرة الاقتصاد على خلق الوظائف، ولكنها تعكس مشكلة في هيكل سوق العمل وفي السياسات التي تحكم آليات العرض والطلب فيه. هذا يعني أن جزءاً كبيراً من حل مشكلة البطالة سيكون من خلال وضع حلول لإصلاح سوق العمل، بإعادة التوازن المنطقي إليه، بأن يكون هذا السوق جاذباً للعمالة الوطنية على حساب العمالة الأجنبية وليس العكس كما هو حاصل حالياً. وأخيراً، فإن ما هو أهم الآن، هو متابعة تنفيذ هذه القرارات لتحقق الهدف المرجو منها ـــ بإذن الله. وأدام الله على هذا البلد استقراره وأمنه وقيادته.