رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


تأملات الحديقة الخلفية

بعد أن أحيل إلى التقاعد، جلس لمراجعة حساباته. قال: إنه لم يكن ينظر إلى الأمور بهذا الوضوح. كان يتلقى الصورة من مدير مكتبه، الأمور كلها تبدو بيضاء جميلة، لم يكن يسمع كلمة نقد. الصحيح أن مدير مكتبه لم يكن يسمح لكلمة النقد أن تصل إليه. الكلمة الوحيدة التي كان يسمعها هي: أبشر. لم يتعود أن يسمع لا. هو أصلا لا يحب الكلمة. ولا يحب كلمة: ولكن. يراها تسويفية. لا يرددها إلا من لا يرغبون في العمل. أما الذين يحبون العمل فلا يقولونها. هو يدرك الآن أن: (ولكن) ليست كما كان يتصور. هو الآن يستعرض الصور. الناس الذين أبعدهم لأنهم يقولون لا. الناس الذين لم يحبهم لأنهم كانوا يقولون: ولكن.
هذه الصورة أو القصة تنطبق على كثيرين ممن كانوا يشغلون مكانا في العمل العام، بعضهم يعملون في مراكز عادية، مديرو مدارس مثلا، أو مسؤولو إنتاج في منشآت مختلفة، أو مديرون عامون في هذا المكان أو ذاك.
لحظة التقاعد، والانتقال من الفناء الأمامي إلى الحديقة الخلفية، يعطي فرصة سانحة للتأمل والمراجعة. هذه الفرصة لا تسمح بالتعديل أو التبديل. لكنها تعطي فرصة لمعاتبة النفس ولومها على قصور الفهم الذي رافق تجربة هذا الشخص أو ذاك.
إن كم الأكاذيب والمؤامرات والمماحكات التي تملأ دنيا البشر، لا تعطيهم فرصة لتأمل الحقيقة. هم يتحدثون حاليا عن سقوط هذا الرئيس أو ذاك، مع أن لديهم نماذج أصغر من هؤلاء. لن يحمل المرء معه وهو راحل إلى حديقته الخلفية انتظارا للموت سوى صحيفة عمله، وشهادات الناس التي تترحم عليه، أو تسأل الله أن لا يعيد أمثاله إليهم. طيب الله أوقاتكم بصحبة الناس الطيبين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي