في عودة ملك
يحتفل أبناء المملكة وبناتها هذه الأيام بما منّ الله به علينا من عودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله ورعاه - رفرفت القلوب فرحا بالمقدم الكريم ولهجت الألسن بالدعاء للمولى - عز وجل - أن يحفظ قائد هذه البلاد وأن يسبغ عليه النعمة وأن يمده بالتوفيق.
قالها خادم الحرمين الشريفين ''دامكم بخير فأنا بخير'' وخاطب بها شعبه باعثا من خلالها رسالة عميقة في التجلي من الذات والحرص علي شؤون أبناء شعبه. لقد كانت هذه الرسالة جزءا يسيرا من التعبير بمقدار الحمل الذي يحمله قائد هذه البلاد على كتفيه، حتى وهو يذهب في رحلة علاجية، من مسبباتها هذا الحمل الذي يحرص عليه - حفظه الله - ليل نهار.
لقد رأينا جميعا مدى الحرص والمتابعة التي كان عليها خادم الحرمين الشريفين منذ سفره إلى الولايات المتحدة، وعند خروجه للنقاهة، هناك ثم في طريق عودته ليقضي بعض الأيام في المغرب. لقد كان الشأن الوطني هو الملازم الأول له، وكان مدار الحديث والاتصالات، حتى ظننا أنه في رحلة عمل لهذا الوطن العظيم.
نعم، لقد أخذنا من وقتك يا ملك القلوب ومن صحتك الجزء الكبير، لقد بذلت لنا كل ما أوتيت؛ ولهذا أملنا كبيرة في عودتك سالما لمن أحبوك. وأملنا أن تجد قضايانا الوطنية الرعاية المباشرة منكم وكما عهدناكم.
شباب هذه الأمة يتطلع منكم يا خادم الحرمين الشريفين للمضي قدما في إصلاحاتكم البناءة التي بدأتم مسيرتكم بها، استكمالا لنشر التعليم العالي، والرفع من جودة التعليم، توسيع قاعدة الاستثمار وخلق فرص العمل الدائمة، محاربة الفساد وتفعيل ممارسات الشفافية والإفصاح التي اتخذتموها نبراسا.
يا خادم الحرمين.. المملكة أرضا وبشرا تحتفل بعودتكم الكريمة؛ ولأن الكلمات تعجز عن وصف المشاعر والرسائل التي نحملها لملكنا، فإني أستميحكم عذرا لنقل المقطع التالي من مقال الكاتب البليغ نجيب الزامل في هذه الصحيفة، التي عبرت عما نكنّه جميعا، وهي للذكرى ليس إلا:
''مرض مليكُنا .. فهل نحن أمرضناه؟''.
إن كنا أمرضناه بما يتخاطف في الإعلام؛ لأنّ كل يوم لنا قضية جديدة ضد بعض. كل يوم مقال يتشاتم ويعيب فيه شخص أو مجموعات، وكل يوم مسؤولون لا يقومون بواجب المسؤولية، ومسؤولون يُساءُ فهمهم قبل تسلم المسؤولية. كل يوم شكاوى وصراخ بلا عمل حقيقي وبلا طرح واقعي للحلول، كل يوم تفتيش عن العيوب من داخل الزي الساتر للأمّة فننشر عيوبَنا بأنفسنا للعالمين أجمعين بلا تريث وبلا لقاء ولا تشاور في اجتماعاتٍ مسبقة؛ لأن هذا ينفرُ من هذا، وهذا يمرّر أجندةً عبر إقصاءِ ذاك.
إذا كنتُ، وأنا المشاهدُ البسيط، تمرضني الحواراتُ التي تترامى كأحجار منجنيق ملتهبة بين طرفين، ويمرضني أن أجد من يصِم عالم دين بالتخلف والانقطاع الساذج، ويؤلمني أن أرى من يأتي مستبسلا ممثلا معسكر الدين فيرمي آخرين بقذى الأوصاف وساقط الألقاب.. وفي النهاية الأول خرج عن أدبيات الشرع والدين، والثاني خالف ما نهى عنه الدين في التنابز بالألقاب.
أرجو يا مليكي ألا نكون نحن الذين أمرضناك، وأرجو أن يمر عليك هذا العيد والشفاء اكتمل لك بحول الله، فلطالما حولتَ لنا أياما أعيادا.
وإن كُنا أمرضناك .. سامحنا، فنحن همّك لأننا نحن أمانتك!