الأطفال والسياسة
شعرت بقدر من الرعب والشفقة، وأنا أجد أطفالا لا تتجاوز أعمارهم العاشرة، يخوضون في الشأن السياسي، خلال الأحداث المتلاحقة التي يشهدها العالم العربي. من المبكر جدا على طفل أو طفلة صغيرين في السن، أن تتلوث عقولهما بأحاديث ومناكفات الساسة والسياسيين. لكن حالة الإغراق الإعلامي التي نعيشها حاليا حول هذا الحدث أو ذاك، تجعل من الصعب عزل هؤلاء الأطفال عن الأحداث.
إقحام الطفل في غمرة الأحداث والقلاقل التي تشهدها بعض المجتمعات العربية، فيه كثير من الظلم لهؤلاء الأطفال. إذ إن المطلوب أن تتم تنشئة هذه الغرسة بعيدا عن المناكفات وعن حالة اللا استقرار. من المؤلم جدا أن تشاهد عبر الشاشة طفلا لا يتجاوز عمره ثلاث أو أربع سنوات وهو يرفع شعارا سياسيا. هذا الإفراط في التعاطي مع الأحداث لا ينسجم مع أدبيات حقوق الطفل، ولا يتسق مع السلوك التربوي الذي يضع اشتراطات ضرورية تتطلب الحرص قدر الإمكان على أن يكون المضمون الذي يتلقاه الطفل مناسبا لسنه، ولا ينتج عنه قلق أو خوف من المستقبل وتداعياته. لقد انتقل هذا القلق إلى كل المنازل العربية، وصار الأطفال يسألون الأسئلة الصعبة حول ما يجري ولماذا يجري؟ وتختلف ردود أفعال الآباء والأمهات تجاه مثل هذه الأسئلة، وبعضهم قد لا يملك إجابة واضحة ودقيقة، فيكتفي بالغمغمة، أو بتقديم معلومة عابرة للتخلص من ثقل السؤال.
ولكن الشيء المؤكد أن مخيلة الطفل تتعرض يوما بعد آخر للعبث سواء من الحدث اليومي السياسي أو من تعديات الفضائيات العربية المتواصلة من خلال ضخ مضامين تزعم أنها تخاطب عقول الأطفال، وهي تسبب لهم ضررا فادحا.