.. ودعوات اقتصادية تطالبه بالتعلم من دروس الأزمة لتفادي الهفوات التي ارتكبت
اتفق اقتصاديون على ضرورة أن يمارس صندوق النقد الدولي دوره الرقابي بشكل أكبر على جميع اقتصادات الدول دون استثناء والتنسيق معها لإيجاد الآليات المناسبة للتعامل مع أي أزمات اقتصادية قد تحدث في المستقبل، خاصة مع عدم وجود أي ضمان أن أزمات شبيهة بما وقع أخيرا لن تحدث.
وتحفظ الاقتصاديون اتجاه إلقاء اللوم بالكامل على صندوق النقد لعدم تقديره بشكل صحيح المخاطر التي أدت إلى اندلاع الأزمة المالية العالمية وحجمها وبعد ذلك تداعياتها، معللين ذلك أنه بالرغم من الدور المهم للصندوق في مراقبة ورصد اقتصادات الدول الأعضاء وأنظمتها المالية، إلا أنه يعد في الأساس تكميليا لأدوار السلطات النقدية في الدول نفسها، قائلين "إن الأزمة المالية في أمريكا حدثت نتيجة فشل السلطات النقدية والمالية هناك واختلاط الأدوار أكثر من أي شيء آخر". وطالبوا صندوق النقد في المقابل بأن يتعلم في المقابل من الاستفادة من الدروس التي أفرزتها الأزمة العالمية وتداعياتها، والمتمثلة في "أن الضعف ليس موجود في اقتصادات الدول الصغيرة أو الناشئة فقط، وأن الكوارث الاقتصادية تنبع من الاقتصادات الأكبر في العالم" وذلك لتفادي الهفوات التي ارتكبت وضمان عدم حدوثها في المستقبل، إلى جانب العمل على تفعيل إدارة الرقابة المالية لديه ورصده لاقتصادات الدول الأعضاء وأنظمتها المالية، والسعي لتطوير نظام للإنذار المبكر للأزمات الاقتصادية.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور إحسان بوحليقة، إن صندوق النقد له دور مهم ولكن يبقى في النهاية مكملا لأدوار السلطات النقدية في الدول الأعضاء وأن وجوده في الأساس كان للتعامل مع الأزمات الاقتصادية التي تفوق الدول، مضيفا أن الأمر الأهم في الوقت الراهن أن يستوعب الجميع الدروس المستفادة من الأزمة المالية العالمية التي حدثت أخيرا سواء المتعلقة بمسببات هذه الأزمة ونقاط الانكشاف التي حدثت خلالها والتجاوزات التي أدت لحدوثها، ثم كيف بوسع كل دولة أن تستفيد منها من جهة، وكيف يمكن أن يكون هناك تنسيق بين الدول والدور التكميلي لصندوق النقد ليتم التعامل بصورة أفضل مع أزمات اقتصادية شبيهة من جهة أخرى، خاصة أنه لا يوجد أي ضمان أن أزمات مثل هذا النوع قد لا تحدث في المستقبل.
كما دعا بوحليقة، إلى ضرورة العمل لإيجاد البيئة المناسبة لضمان التعامل المهني من قبل المؤسسات المالية وأيضا المسؤولة عن التصنيف الائتماني والابتعاد عن الجشع، لافتا في هذا الصدد إلى أن العديد من المؤسسات المسؤولة عن التصنيف والتي كان يفترض بها المهنية في عملها قد لعبت دورا في حدوث الأزمة العالمية من خلال السعي لزيادة عوائدها المالية من تقديم الخدمات الاستشارية أو للتصنيف الائتماني للمؤسسات المالية.
من جانبه، اتفق الاقتصادي أحمد الحديد إلى حد كبير مع ما طرحه بوحليقة قائلا "إن تشعبات الأزمة كان من الصعب التنبؤ بها والقريب من الحدث ليس كالبعيد عنه الذي يقرأ أرقاما اقتصادية قد لا يقدر مدى المبالغة فيها، لذا لا ألقي اللوم على الصندوق بقدر اللوم على أساس جذور الأزمة الاقتصادية نفسها وهي أمريكا، حيث الواضح أن الإخفاق الكبير كان من قبل البنك الاحتياطي الأمريكي وإدارة الخزانة". ولفت الحديد إلى أن أولويات الصندوق تنصب في الأساس على خلق نوع من التوافق الاقتصادي العالمي ودعم الدول المحتاجة ماليا واقتصاديا ومحاربة الفقر، وبالتالي تركز مجرى بحثه خلال الفترة التي سبقت وقوع الأزمة المالية العالمية على هذا الجانب".