الشركات المساهمة.. والتصويت التراكمي

تقوم سوق المال السعودية منذ بداياتها غير الرسمية في الخمسينيات بدور جيد مقارنة بذلك الوقت، إلى أن وضعت الحكومة التنظيمات الأساسية لسوق المال في الثمانينيات، مواصلة دورها بتطور مستمر وفعال، وإنشاء هيئة سوق المال، حيث عمل على تطوير هذا الجهاز رجال أكفاء، أمثال جماز السحيمي الذي رأس الهيئة في فترة سابقة، كانت له في أثنائها بصمات واضحة في هذا التطوير، من خلال وضعه الأسس والمبادئ التي جعلت من هذه السوق أكثر تنظيما وتطورا.
وفي الوقت الحاضر عمل الدكتور عبد الرحمن التويجري رئيس هيئة سوق المال السعودية، بجهد كبير وملحوظ على وضع هذه السوق على خريطة الساحة العالمية ومواكبة جميع التطورات .. ولا أغفل أيضا الفريق المواكب لهذا التطور، ممن يحملون المؤهلات والخبرات التي أهلتهم لقيادة مثل هذه السوق، التي أصبحت اليوم تضاهي كبيرات أسواق المال العالمية .. هذا الفريق الذي عمل أيضا على تنظيم وإصدار اللوائح والقواعد والتعليمات اللازمة لتطبيق أحكام نظام السوق المالية، بهدف توفير المناخ الملائم للاستثمار في السوق، وزيادة الثقة به، والتأكد من الإفصاح الملائم والشفافية للشركات المساهمة المدرجة في السوق، وحماية المستثمرين والمتعاملين بالأوراق المالية من الأعمال غير المشروعة في السوق.
ومن هذا المنطلق، وتماشيا مع هذا التطور الذي تشهده سوق المال السعودية، ولاحتضانها عددا كبيرا من الشركات المساهمة، ممن لها حضور دولي كبير على مختلف الأصعدة الاقتصادية سواء التجارية أو الصناعية .. يطمح صغار المستثمرين قبل كبارهم في هذه السوق إلى المزيد من التطور الذي منه اعتماد عملية (التصويت التراكمي) في مجالس إدارات الشركات المساهمة، وذلك لمنع احتكار الأكثرية لمجالس الإدارات وعدم تمثيل الأقلية، إضافة إلى عدم السماح لذوي الحصص الكبيرة بالسيطرة على اختيار جميع أعضاء المجلس، كما سيعمل هذا التصويت على تفعيل حقوق الأقلية من المساهمين في اختيار أعضاء يمثلونهم ويرعون مصالحهم، وإلغاء تحكم صاحب الحصة الكبيرة في اختيار أعضاء المجلس، وما يترتب على ذلك من ولائهم له ولقراراته، وعزل الأقلية عن آلية اتخاذ القرار، كما إنه يفعل دخول عقليات شابة في مجالس الإدارات، مما يعمل على خلق تجانس بين هذه العقليات والخبرات في مجالس إدارات الشركات، والذي يصب بدوره في تطوير الشركات وتوسعها، من خلال الربط بين جيلين، أحدهما يحمل الأفكار والطموح، والآخر يحمل الخبرة والدراية.
يأتي ذلك، عند انعقاد الجمعية العمومية للشركة المساهمة، التي يتم انتخاب أعضاء مجلس الإدارة فيها عن طريق الانتخاب السري المباشر من قبل المساهمين، ويكون لكل مساهم عدد من الأصوات مساو لعدد ما يملكه من أسهم، ويحق له التصويت بها جميعا لمرشح واحد أو تقسيمها بين من يختاره من المرشحين وذلك من خلال بطاقة التصويت، بحيث يكون إجمالي ما أعطاه من أصوات مساويا لعدد الأسهم التي يملكها، حيث يكون ذلك بحضور مندوب من الهيئة لتلك الاجتماعات، للتأكد من تطبيق آليات الحوكمة المنصوص عليها في نظام الهيئة، وبالتالي تحقيق العدالة، والكفاءة والشفافية، وتطوير الضوابط التي تحد من المخاطر، إلى جانب تنظيم ومراقبة الإفصاح عن المعلومات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي