بقالة لكل عاطل.. هل تنجح؟
عادة ما تتأثر أفعالنا بردود الفعل العائدة من التجارب الحياتية التي نمارسها إيجابا وسلبا. وحتى لا ننشئ أسبابا تقضي على مبادرات محاربة البطالة بين الشباب، يجب أن نخضع أية مشاريع تقدم في هذا المجال للدراسة العلمية والميدانية التي تتواءم مع مكونات واحتياجات المجتمع. استكمالا لمقال الأسبوع قبل الماضي عن مبادرة وزارة الشؤون الاجتماعية لتحجيم نسب البطالة من خلال مشروع المشاركة في تأسيس ومشاركة الشباب في افتتاح مشاريع صغيرة لهم. فقد مررت باستبانة دراسة بهذا الخصوص موجودة على الرابط التالي: http://www.dokaani.com/survey (الرابط على صحيفة ''الاقتصادية'' الإلكترونية).
مع الأسف, لا أملك معلومات أكيدة عن الجهة التي تبنت إعداد هذه الدراسة أو عن الأهداف الحقيقية وراء الدراسة, لكن افترضت أن جهة ذات علاقة بموضوع مشروع البقالات هي التي أعدت الدراسة، ولهذا أدعو الجميع للدخول إلى موقع الدراسة والمساهمة في استكمال الاستبيان المرفق بها، حتى نسهم في خلق وصياغة النتائج التي تخدم المبادرة في سبيل القضاء ولو جزئيا على البطالة، وربما تخرج الدراسة ببعض التوصيات أو التوجهات المساعدة على إصدار قرار حول المشروع.
مع وجود ملاحظات على طريقة إعداد الدراسة ومحتوياتها ومقاييسها، التي آمل أن تكون قد مرت بخطوات البحث العلمي، وحكمت بواسطة متخصصين حتى نضمن مصداقية النتائج، إلا أن هذه المبادرة تعد عملا إيجابيا على الطريق الصحيح للمساهمة في إعداد الدراسات المتعلقة بالنواحي المجتمعية, التي قد تسهم في تحوير وصياغة القرار، وفقا للمعطيات المتوافرة على أرض الواقع.
مشاركة المجتمع الوزارة في إعداد وصياغة أهداف وخطط مستقبلية للمحاولة الجادة في دحر وإبقاء نسب البطالة في أضيق الحدود، أمر محمود، ويجب أن تتضافر فيه الجهود بين جميع الوزارات المختصة لإقامة وتنظيم اللقاءات العلمية والورش التدريبية للمساهمة في إعداد الخطط المستقبلية، واتخاذ الإجراءات التنفيذية التي تتناسب مع مخرجات التعليم وحاجات المجتمع.
بعد أن ناقشنا العوامل الاقتصادية والاجتماعية لمشروع البقالات المزمع تنفيذه، بقي أن نشير إلى بعض المعوقات التي تواجه هذا المشروع، على الأقل من وجهة نظر محايدة ومستقلة. انتشار هذه البقالات الصغيرة ــ وفقا للمبالغ المرصودة ــ يعني أن ندخل هؤلاء الشباب في حرب تجارية مع العديد من ملاك هذه البقالات المنتشرة من الأساس، أيضا يجب أن نشير إلى أن البقالات في الغالب يسيطر عليها العمالة الوافدة التي تقوم باستئجار هذه المحال من ملاكها بمبالغ زهيدة، وكسب الأموال الطائلة من وراء ذلك.
أيضا فالتصريح بهذه البقالات مع وجود المقدرة لدى طيف كبير من المجتمع على إنشاء مثل هذه المشاريع، سيدخلنا في حالة تراكم وتكدس لبضاعة ومشاريع، ستتناقص وفقا لمبدأ القوة، وهنا الخسارة ستكون مؤلمة للشباب أولا ولمن أقدم على التصريح بهذه المشاريع، ولن يحقق فائدة منها إلا قليلون هم في غنى عن هذا الكسب.
أعتقد أن السوق السعودية تعرضت لصدمة تجارية عندما استغلت إحدى الشركات العاملة في المملكة حاجات الشباب لإيجاد مشاريع خاصة, فدخلت هذه الشركة مع مجموعة من الشباب في شراكات احتكارية دون أن تحقق لهم الحماية اللازمة، والنتيجة أن العديد من الشباب أعلن إفلاسه وتخلى عن هذه المشاريع، وأصبحت محالهم خاوية على عروشها.
إذا تكامل الأنظمة مع أي خطوة لحل مشكلة البطالة يجب أن يكون النقطة الأساس لأي توجه في هذا المجال, فعندما نقر مشاريع ولا نحميها بأنظمة تجارية وسيادية، فهذا يعني أننا نحكم عليها بالفشل المبكر، والهدف الأساس هو إيجاد الحلول بفاعلية، وليس التجربة والتعلم منها. أيضا فإن الاختصاص في إعداد الدراسات ومشاركة جميع الجهات الرسمية ذات العلاقة بالفكرة يكفلان- بعد توفيق الله- نجاح التطبيق مستقبلا.