البنوك السعودية تتحفظ على إقراض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

البنوك السعودية تتحفظ على إقراض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

كشفت تقارير اقتصادية متخصصة، أن البنوك السعودية تتحفظ على إقراض قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في السعودية، التي تمثل أكثر من 90 في المائة من إجمالي الشركات، وتقدر بنحو 500 ألف شركة، ويمثل التمويل أحد أهم الدعائم لاستمرار القطاع.
وأكد لـ ''الاقتصادية'' نفيد صديقي، الرئيس التنفيذي لمجموعة ''كابيتاس جروب الدولية، أن المؤسسات المالية تهتم في المقام الأول بإدارة مخاطرها، ومن وجهة نظر المصارف ومصادر التمويل الأخرى، فإن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة غالبا ما تعتبر ''عملاء مرتفعي الخطورة'' بالنسبة لإجمالي محافظهم الاستثمارية، وأرجع الأسباب الرئيسة لهذه النظرة إلى الافتقار إلى المعلومات المنظمة والموثوقة والمتوافرة بسهولة عن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وحتى عندما تتوافر هذه المعلومات، فقد يكون من الصعب معالجتها.
وقال معظم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ليس لديها بيانات مالية مدققة، وهذا النقص في البيانات المالية الموثوقة يزيد من مخاطر الإقراض المتوقعة بالنسبة للمصارف، كما أن الافتقار إلى بيئة قانونية راسخة وضمانات موثقة للأصول المنقولة يعيق استرداد الحقوق في حالة التقصير في السداد.
وأوضح، أن البيانات المالية في العديد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تتسم بالبساطة أو حتى البدائية؛ ما يتطلب من الممولين إنفاق المزيد من الوقت والجهد وتقديم المساعدة والدعم لهذه المؤسسات، وهذا بدوره يزيد من تكاليف التشغيل؛ ما يدفع الممولين إلى تحميل تكلفة إضافية كبيرة لمثل هؤلاء العملاء، أو تجنب تمويلهم من الأساس.
وبيّن، أن القطاع المصرفي السعودي يعتبر بشكل عام الأكثر تحفظا وتجنبا للمخاطرة في المنطقة؛ ولذلك فإن القروض المتعثرة قليلة في المجمل، ونسبتها 3 في المائة، وتكمن مشكلة المشاريع الصغيرة والمتوسطة في عدم حصولها على التمويل أصلا، وهذا بدوره يعود إلى شح البيانات المالية المدققة، وعدم كفاية الضمانات، وندرة برامج الدعم الحكومية التي تولي عناية خاصة بتمويل هذه المؤسسات.
وأضاف: ''تعاني المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من صعوبة الحصول على التمويل، وفي المنطقة، هناك ما بين 20 إلى 40 بالمائة من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تحتاج إلى برامج تمويل، لكنها تعجز عن تأمينها؛ ما أدى إلى حدوث نقص في التمويل تتراوح تقديراته ما بين 110 و140 مليارا، في منطقة الشرق الاوسط وشمال إفريقيا؛ إذ عادة ما تحتاج الشركات في بداياتها إلى رأسمال تأسيسي كاف؛ حتى تتمكن من النمو، لكن المنطقة تعاني ندرة رأس المال المجازف والصناديق التي تقْدِم على تمويل المشاريع الناشئة، ما يصعّب كثيرا من مهمة أصحاب هذه المشاريع.
وعن موقف البنوك ونظرتها تجاه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بعد الأزمة المالية العالمية، قال: ''على المستوى العالمي، يقود قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التعافي الاقتصادي، لكن بوتيرة بطيئة؛ ولذلك فإن النمو على المدى المنظور سيأتي من المؤسسات الصغيرة وليس الشركات الكبيرة، وقد بدأت المصارف تدرك ذلك وتعمل على تغيير توجهاتها، وتتطلع إلى تحسين أدائها وعائداتها عن طريق إقراض القطاعات الواعدة، وبدأت الآن بعض البنوك في تصحيح مفاهيمها السابقة بشأن إقراض المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ففي المؤسسات العائلية مثلا (وكثير منها يصنف في فئة الشركات الصغيرة والمتوسطة)، غالبا ما ترتبط ممتلكات العائلة ومصدر رزقها بهذه المؤسسات''.
وتطرق إلى مقدار مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تشغيل قوى العمل السعودية حتى العام2010، مؤكدا أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تشكل ما يصل إلى 90 في المائة من الشركات في المملكة، وهي توظف أكثر من 80 في المائة من إجمالي القوى العاملة.
وأشار إلى أن غالبية السعوديين يفضلون العمل في القطاع العام؛ ولهذا فهم لا يشكلون سوى 13 في المائة فقط من القوة العاملة في القطاع الخاص، وهذا يبيّن ضرورة أن تعمل الحكومة على الترويج لمبادرات الأعمال الخاصة وتشجيع المواطنين على إطلاق مشاريعهم الخاصة كخيار مهني فعّال ومجدٍ.
وأبان أن مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الناتج المحلي السعودي منخفضة، وبينما تبلغ هذه النسبة 64.3 في المائة في إسبانيا، و44 في المائة في النمسا، وأكثر من 50 في المائة في الولايات المتحدة، فإن نسبة مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي للمملكة لا تتجاوز 33 في المائة، وتظهر هذه الأرقام ضرورة اعتماد برامج وأنظمة دعم مناسبة لتعزيز مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في اقتصاد المملكة.
وشدد على ضرورة مساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الحصول على القروض وتأمين رأس المال التأسيسي، وذلك من خلال تقديم الحوافز للمصارف والممولين، فضلا عن تقديم ضمانات حكومية تسهم في تقليل المخاطر المتوقعة من إقراض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وعن الشركات الصغيرة والمتوسطة في السعودية بيّن أنها تمثل أكثر من 90 في المائة من إجمالي الشركات وتشكل نحو 24.7 في المائة من مجموع العمالة، وهناك ما يقدر بـ 500 ألف شركة صغيرة ومتوسطة مسجلة في المملكة، أكثر من 30 في المائة منها مقرها في المنطقة الشرقية، وهي تواجه عددا من القضايا تتمحور في عدم وجود الموارد البشرية الماهرة السعودية في العديد من المجالات مثل إلادارة والمحاسبة والتسويق والتقنية والتكنولوجيا، والمهارات الأساسية الأخرى، قلة مصادر التمويل، نقص المعلومات، عدم وجود هيكل السياسات، والتنظيم وعدم وجود حوافز، ضعف السندات بين الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الكبيرة، غير قادرة على الاستفادة من التكنولوجيا، تحتاج إلى قاعدة واسعة من الدعم، رأس المال، الخدمات والتدريب.

الأكثر قراءة