هل يتعالى مسؤولونا على التدريب؟

لو تتبعنا برامج التدريب لدينا في المملكة، سواء كانت في القطاع الحكومي أو الخاص، نجدها تقتصر فقط على فئة معينة من العاملين، وخصوصا حديثي العمل.. وهذا شيء جيد لوجود التدريب بحد ذاته.. ولكن لم نلحظ يوما أن وجدنا مسؤولا كبيرا في هذين القطاعين يخضع لدورة تدريبية.. فمثلا هل سمع أحد أن مسؤولاً لوزارة ما، ينخرط في دورة تدريبية سواء خارج المملكة أو داخلها ؟ والحال ذاته في القطاع الخاص، هل سمع أحد عن صاحب شركة أو عضو منتدب أو رئيس تنفيذي يستفيد من برنامج تدريبي؟ بطبيعة الحال ستكون معظم الإجابات بلا، وهل السبب هو التعالي أو الكسل أو الاستحياء أو ...؟
في هذا المقام، لا أود أن أذهب بعيدا، وأقول إنني وجدت كثيرا من أصحاب المناصب العليا في دول متقدمة، يخضعون لدورات تدريبية يستفيدون منها في أعمالهم، ولكني أريد أن أذهب قريبا، حيث وجدت في أحد المعاهد المتخصصة في التدريب في أمريكا عندما كنت أخضع لدورة تدريبية، وكلاء وزارة، لدولتين خليجيتين يستفيدون من دورة تدريبية لا تعقد في بلديهم، ويستفيدون منها لأجل الجهات المكلفين بقيادتها.. السؤال هنا لمَ لا يكون لدينا تدريب أيضا للمسؤولين؟ أم أنه إذا وصل أحدنا لسن معينة يتعالى على التدريب رغم الفوائد الجمة التي يتحصل عليها من هذا التدريب؟ أليس العلم في تطور دائم في جميع المجالات، وأن هناك نظريات قد تتغير، وتجب مواكبتها بالتعلم والتدريب؟ أم أن الذي يصل إلى المناصب العليا يصبح تلقائيا موسوعة علمية متحركة؟
إن التدريب يعد من الوسائل العملية لرفع مستوى العمل بغض النظر عن الفئة العمرية أو المستوى الوظيفي، كما يعمل التدريب على تحسين مستوى أداء الفرد والتنظيم، وبالتالي رفع الكفاءة الإدارية والإنتاجية، كذلك يعمل على تنمية معرفة الأفراد ومهاراتهم وقدراتهم واتجاهاتهم في مجالات أعمالهم، وتغيير سلوكهم للوصول إلى السلوك الذي يوصل إلى الأداء المرجو تحقيقه، إلى جانب تخطيط القوى العاملة وتنميتها باعتبارها أحد الموارد المهمة للجهات العملية والمجتمع، وهذا يؤدي إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الوقت نفسه.
لقد لفت نظري في هذا المجال فئة واحدة من العاملين، وهم الأطباء، وذلك لحرص السواد الأعظم منهم على التدريب وتنمية مهاراتهم، ومتابعة كل ما هو جديد في مجال أعمالهم، وسواء كانت نظرية أو عملية، بهدف تحقيق النجاح العملي، والتميز في الأداء، فلو اقتدت المجالات الأخرى بالمجال الطبي من ناحية التدريب، أو الالتزام، أو الحرص على التميز، لوجدنا مجالات الأعمال الأخرى من الرأس إلى القاعدة الهرمية، يبدعون في أعمالهم ويقدمون أفضل الخدمات.
في الختام ومن منبرنا المميز.. نطمح إلى أن نرى استراتيجية جديدة للتدريب لدى المسؤولين في القطاعين الحكومي والخاص لجميع المجالات، وتشمل المستويات الوظيفية كافة، فالتدريب يضاهي العلم الذي هو نور للعقل، وبه ينال الشرف والعز.. "خذوا العلم من المهد إلى اللحد".

عضو مجلس إدارة غرفة الشرقية، رئيس لجنتها الصناعية، نائب رئيس اللجنة الصناعية في مجلس الغرف السعودية، رئيس لجنة الصناعة والترويج في اتحاد الغرف الخليجية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي