رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الإحصاءات تولد أدواراً وطنية مهمة في مسيرة التنمية

طلبة وطالبات الجامعات والمؤسسات التعليمية العالية كنوز تمشي على الأرض، يعرف قيمتها من يتعمق في دراستهم ويستفيد من بياناتهم وما يمكن أن يوفروه من بيانات لأنفسهم والجامعات المنتمين إليها. من المعروف أنه بتخرجهم تبدأ رحلة العمل والإنتاج أو التطلع لاستكمال الدراسة وفي كل الأحوال يعود ما ينتجونه أو يشاركون في إنتاجه لصالح الوطن ـــ بإذن الله. عند التقديم لوظيفة أو الاستمرار في الدراسة أو حتى التطوع لعملٍ، كثيرة هي المؤسسات التي تطلب معلومات من ضمنها الصحية التي قد تكون موفرة أو قد لا تكون. وبالتالي يلجأ هذا الخريج إلى منشآت صحية أخرى لإصدار بيانات جديدة لا يعلم مدى صحتها ودقتها أحد. هذا ما يلعب دورا رئيسا في بيانات القوى العاملة وبالذات الصحية، فنجد أن الحالة الصحية "سليم/سليمة" ولكن قد تكون هناك أعراض بل إصابة أخفيت لسبب ما أو لآخر وقد تكون العاقبة وخيمة. لذلك لماذا لا تقنن هذه المعضلة من جذورها؟
بداية .. في مراحل التعليم العام لا يقوم الطالب بالكشف الطبي الدوري في الوحدات الصحية المدرسية بانتظام لأسباب معروفة للكثير. ولأن متغيرات الحالة الاجتماعية والسكنية لظروف مختلفة قد يصعب معها تنظيم هذا الوضع، لماذا لا تكون الجامعة هي نقطة البداية لجمع البيانات الصحية للطالب التي ستكون متراكمة إلى حين تقاعده وما بعده؟ هذا أيضا ينطبق على الكليات أو المعاهد التأهيلية المختلفة سواء ارتفق بها مرفقا صحيا أو تعاقدت معه للتغطية الصحية لطلابها. قد يتساءل فرد عن التأمين الصحي، ولكن من المعروف لدى المتخصصين والمسؤولين أن مسألة التأمين ما زالت معضلة في هذه الفترة العمرية وفي هذه الفترة من عمر هذا المشروع. لذلك فالحل يمكن أن يكون في اتخاذ خطوة إيجابية عملية في هذا الجانب ثم من بعد ذلك يمكن أن نعول على بيانات التأمين الصحي، حسبما يثار من وقت إلى آخر.
يمكن تلخيص الفوائد التي نجنيها من هكذا حل بأن: (1) تقف إدارة الجامعة على أحوال الطلبة الصحية منذ التسجيل وتضع خططها للتعامل معهم لتفادي الإخفاقات الدراسية وتحسين أوضاعهم النفسية والاجتماعية من خلال برامج طبية صحية. (2) بعد التخرج يمكن لجهة التوظيف أن تطلب تاريخه المرضي من الجامعة وليس من أي جهة خاصة أو عامة ولا تكون مكتملة. (3) تحسين المستوى الدراسي لأغلبية الطلبة إناثا وذكوراً، إن لم يكن للجميع مع العلم بأن التفاوت الفكري حقيقة لا يمكن إنكارها. (4) تفادي حدوث ما لا تحمد عقباه سواء خلال فترة الدراسة أو بعد ذلك، مثل تعاطي المخدرات وشرب المسكرات والقيام بغريب التصرفات. (5) تعضيد العلاقات بين الجهات التعليمية والتشريعية والخدمية المختلفة (وبالذات الصحية) لبناء مجتمع أقرب ما يكون خاليا من الأمراض العضوية والعلل النفسية التي تشتكي منها أمم أخرى وما زالت تبحث عن حلول. (6) تحفيز الاستفادة من الإحصاءات في الدراسات العلمية وتحقيق الاستفادة الكاملة من أبناء الوطن وعلى مدى طويل في حقبة من العمر لا يمكن تكرارها.
في بحث علمي جديد أجرته Feinberg School of Medicine في شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية وبالتحديد فيNorthwestern University الذي نشر في أواخر العام الماضي 2010، وأعلن عن نتائجه في كانون الثاني (يناير) من هذا العام 2011، وجد أن الطلاب كانوا يعانون من إحباط نفسي لم يكن ليعرف ويحدد، لولا أن مثل هذه الدراسات تمت وحددت بالتالي أهمية وخطورة الوضع. لقد كانت نتائج الفحوص الطبية دالة على أن النسبة ليست بسيطة بين منسوبي الجامعة من الطلاب (بنين وبنات). وقد استخلص من البحث أن هذا الكم من الطلاب كان من الممكن أن يفشلوا أو ينسحبوا أو يَسرّبوا نتيجة معاناتهم بمثل هذه الأعراض النفسية من دون أن تكشف الجامعة أسبابا حقيقية وراء ذلك وتتعامل معها. هذا البحث سبقته أبحاث حديثة أيضا أجريت في جامعات أخرى وكانت المواضيع المبحوثة ذات أهمية بالغة يمكن لنا أن نستفيد منها على جميع الأصعدة.
فأساتذة علم النفس في الجامعات أو في مواقع أخرى، وأساتذة العلوم المختلفة ذات العلاقة هم الأقدر على أن يجعلوا هذه الصروح التعليمية بيئة نظيفة، فقيمة ما يقوم به أساتذة ومنسوبو الجامعات ليس في كم المعرفة التي توفر للأجيال فقط، بل فيما يمكن أن يساعدهم على تقديم ما لديهم في سبيل أن ينعموا بحياة كريمة في وطن كريم مزدهر.
الوحدات الصحية أو العيادات الطبية في الجامعات في هذه الحالة لا بد أن تكون ذات طابع تنظيمي عال جداً. كما تكون مجهزة بأحدث الأدوات والأجهزة، ويعمل فيها أساتذة الجامعة المتخصصون في العلوم المختلفة، وفي مجال الطب بالذات بتخصصاته الممكن تحديدها من قبل إدارة الجامعة، أو لجنة مختصة فيها حتى تكون المعلومات مدققة ومنظورة دائما من قبل أصحاب الاختصاص. إن الاستفادة من البيانات لن يكون عقبة أمام أي جامعة، فالبيانات محفوظة رقميا ويمكن الرجوع لها والاستفادة منها كيفما ومتى ما شاءوا. كما أن من أراد البدء الآن فالمجال خصب ليكون التنظيم وبداية الحصول على البيانات بطريقة الاستبيان والإحصاء والطلب بالمراجعة الدورية منشئاً لملف طبي نموذجي من الآن فصاعدا. بالطبع الجامعات ليست من مسؤوليتها أن توجد الوظائف وتجري عملية التوظيف أو تستكملها ولكن إتاحتها لمثل هذه البيانات يعود بالنفع الكبير حسبما ذكر، والله المستعان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي