رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


نقاش حول برنامج «ساهر» لضبط المخالفات المرورية (2)

الحمد لله الهادي إلى سواء السبيل، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وبعد، فإنه ارتباطا واستكمالا لما سبق أن كتبته في المقال الأول، وما وعدت به من الكتابة عن إيجابيات وسلبيات برنامج ''ساهر'' والخطط التنفيذية، فإن ذلك يقتضي التركيز على تحقيق الأهداف والغايات من إيجاد البرنامج، فكلما كان الاهتمام منصبا على الأهداف تكون الإيجابيات، وكلما ابتعد عن الأهداف والغايات واهتم بالوسائل لتحقيق أكبر تحصيل لمبالغ الغرامات تكون السلبيات، وقد ألمحت لذلك في المقال الأول عندما أوضحت تذمر وشكوى كثير من الناس من أسلوب الترصد وليس الرصد والضبط، وقرأت كثيرا من المقالات عن ذلك، وعددا من الكاريكاتيرات المعبرة عن التذمر والشكوى، وإن كان في بعضها مبالغة، ولا ينكر أحد أن خطط البرنامج قد حدت من السرعة الجنونية، فقلّت الحوادث، لكن النجاح وظهور الإيجابيات بشكل أفضل ستتحقق إذا ما حُسنّت الوسائل - تنفيذا وتطبيقا - بأن ركبت (الكاميرات) في الطرق والشوارع، وبشكل متقارب بحيث لا يكون لأي سائق فرصة أن ينتهز عدم وجود (الكاميرا) فيسرع، فإذا ما تحقق هذا فإن البرنامج وخططه سيحققان الأهداف والغايات، وبذلك يمتثل كل السائقين للانضباط، والتنظيم الذي يحول دون حصول الحوادث، ويكون هذا شيئا عاديا ومعتادا تعوده كل السائقين على اختلاف مستوياتهم العلمية والثقافية، ومدى الوعي بأهمية الانضباط والتنظيم، وبالتالي ينتظمون تلقائيا كأمر عادي وطبيعي؛ إذ نعرف أن كثيرا من المواطنين عندما يسافرون إلى الدول المتقدمة ينتظمون لأنهم يدركون أن التقيد بالقانون المروري واجب ومفروض على كل السائقين، وهذا يجب أن يكون لدينا - أيضا - بتطبيق البرنامج وخططه بدقة، أن يكون تنفيذ العقوبات عاما، وبحزم دون استثناء أحد، سواء كان سائقا عاديا أو سائق أمير أو وزير أو صاحب جاه ومركز رفيع، فالعدل يقتضي ذلك لتلافي الحوادث، ولا شك أن تحسين الوسائل كفيل بتلافي السلبيات التي أثيرت مثل استخدام (الكاميرات) بالسيارات العادية المتنقلة من مكان إلى آخر، وبأسلوب الترصد وليس الرصد والضبط، وكأن الهدف هو تحصيل الغرامات المالية ورفع قيمتها عند التأخر عن التسديد بعد مضي شهر، ولا أدري إن كان ما يحصل منصوصا عليه في النظام واللائحة التنفيذية، فإن لم يكن به نص صريح، إنما مجرد اجتهاد من المنفذين، فإنه يُعدّ مخالفة للنظام؛ ولذا قلت في مقالي الأول يفترض التريث في تحصيل الغرامات التي هي عقوبة مالية حتى يصدر بها حكم من المحكمة المختصة، ومتى توافرت الضمانات لتحقيق العدل والإنصاف، فإن البرنامج والخطط التنفيذية سيحققان الأهداف والغايات في ضبط كل مخالف يرتكب المخالفات المرورية المنصوص عليها في النظام واللائحة التنفيذية، من تجاوز السرعة، وقطع الإشارات، والوقوف في الأماكن الممنوع الوقوف فيها، والتحدث بالهاتف الجوال، وعكس السير الذي كثيرا ما يحصل في الشوارع المزدوجة داخل الأحياء، وعدم ربط حزام الأمان، وغير ذلك من المخالفات المذكورة في النظام واللائحة التنفيذية، ولا شك أن توافر التجهيزات الفنية والتقنية الكافية، والكوادر المدربة، والتوعية الكاملة في الجامعات والمدارس والمنتديات وعمل محاضرات في الغرف التجارية الصناعية، وخطب الجمعة بالتحذير الشديد من ارتكاب المخالفات المرورية، وما يصاحب ذلك من حوادث قاتلة وضارة، ونقاش كل ذلك كفيل بتحقيق الإيجابيات، وتلافي كل السلبيات التي ظهرت مع بداية تطبيق البرنامج وخططه؛ ما جعل النقد للتطبيقات الحاصلة يردد بالحديث عنه في المجالس العامة والخاصة، وفي الصحف السيارة، ويمكن لإدارة المرور الاستفادة من النقد البنّاء الواضح للإصلاح، وتلافي كل الأخطاء بوضع لوحات إرشادية واضحة بالسرعة القصوى في الطرق العامة داخل المدن وخارجها، والشوارع الكبيرة والصغيرة داخل الأحياء، وتحديد السرعة القصوى بشكل دقيق في كل طريق وشارع بما يتناسب مع حجم الحركة وكثافة المارة، وليس بشكل تقديري غير دقيق، فضلا عن أهمية برمجة الإشارات الضوئية بحيث تكون متوالية لمنع الزحام والاختناقات التي تعمق السير بانتظام، وغير ذلك من الترتيبات الضرورية التي تمكن من حسن التطبيق لبرنامج وخطط ''ساهر''، وتلافي السلبيات، ولعلني أشير إلى ما كتبه الأستاذ محمد بن عيسى الكنعان في مقاله ''عدالة (ساهر) بين حق المشاة وقطع الإشارة'' في صحيفة ''الجزيرة'' بتاريخ 2/2/1432 هـ الموافق 6/1/2011؛ فقد أثنى على برنامج ''ساهر'' باعتباره نظاما تقنيا متقدما، وذكر بعض الإيجابيات بالنسبة للحد من السرعة، لكن أبدى ملحوظة ينبغي على إدارة المرور دراسة ما ذكره عن مخالفة الوقوف على خط المشاة لتلافي قطع الإشارة (ومعالجة هذه المشكلة الفنية)، وما ذكره - فعلا - حري بالدراسة؛ لأنه قد يحصل فعلا وقوف السائق على جزء من خط المشاة؛ تلافيا لقطع الإشارة، وفي الوقت نفسه حتى لا تصطدم به السيارة التي خلفه، فضلا عن أهمية الاستفادة من النقد الذي يُرى أنه وجيه وصائب يحقق المصلحة العامة، والله الموفق، آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي