وصول الخام 100 دولار يضر باقتصادات منطقة اليورو
تبدو بريطانيا وأضعف اقتصادات أوروبا هي الأكثر عرضة للتضرر من ارتفاع أسعار النفط التي اقتربت من 100 دولار للبرميل والتي تهدد الانتعاش الوليد.
فارتفاع تكاليف كل شيء من البنزين إلى وقود التدفئة ووقود الطائرات ونطاق واسع من المنتجات ذات المكون النفطي يشكل عبئا على النمو، في وقت تبدو فيه آفاق النمو ضعيفة للغاية في هذه الدول.
وفي حين لا يتوقع سوى قله من الاقتصاديين أن تعود أسعار النفط للارتفاع لمستواها القياسي البالغ 147 دولارا للبرميل الذي سجلته في 2008 - بسبب وفرة الطاقة الإنتاجية غير المستغلة لدى المنتجين - فإن أسعار النفط تشكل بالفعل خطرا على الاقتصاد العالمي وبوجه خاص على أوروبا، حتى عند مستويات أقل من ذلك بكثير.
وقالت سابين سشيل محللة السلع في ميريل لينش: "كلما بلغ حجم قطاع الطاقة 9 في المائة من الاقتصاد العالمي دخلنا في أزمة".
وأضافت: "حدث ذلك في ثمانينيات القرن الماضي وفي عام 2008. والآن تبلغ هذه النسبة 7.8 في المائة وإذا تجاوز سعر النفط 100 دولار إلى 120 دولارا للبرميل نصل إلى نسبة 9 في المائة". وقال بعض الاقتصاديين: "إن ارتفاع أسعار النفط قد يزيد الضغوط على بنك إنجلترا لرفع سعر الفائدة لتعويض أثر التضخم المرتفع بالفعل".
وضعف اليورو نتيجة أزمة ديون منطقة اليورو سيصعب تحمل أسعار أعلى للنفط في اقتصادات ضعيفة مثل اليونان وإيرلندا والبرتغال وإسبانيا.
وعلى العكس، فإن سويسرا وبعض دول شرق أوروبا ستتمكن من تحمل الضغوط بسبب ارتفاع عملاتها الذي يخفف من أثر ارتفاع أسعار النفط المقوم بالدولار.
وقال ألان كلارك المحلل في بي.ان.بي باريبا: "قبل عامين عندما كانت معدلات التضخم مرتفعة للغاية بسبب تكاليف النفط والمرافق تمكن بنك إنجلترا من تجاهل ذلك". وأضاف: "لكن من الصعب للغاية تجاهلها الآن في الوقت الذي تجاوز فيه التضخم الرئيس 3 في المائة".
واستندت أحدث تقديرات بنك إنجلترا للتضخم في عام 2011 إلى سعر للنفط أقل من 90 دولارا للبرميل.
ويوم الجمعة الماضي سجل سعر العقود الآجلة لمزيج برنت خام القياس الأوروبي 99 دولارا للبرميل والخام الأمريكي نحو 90 دولارا، وتوقع المحللون أن يبلغ سعر الخام الأمريكي 100 دولار خلال الربع الأول من 2011.
ووصول سعر النفط إلى 100 دولار سيزيد تضخم أسعار المستهلكين في بريطانيا بنحو نقطة مئوية، وسيأتي أغلب التأثير من ارتفاع كبير في تكاليف المرافق؛ إذ إن أسعار الغاز الطبيعي مرتبطة بسعر النفط.
وعلى العكس، فإن مؤشر أسعار المستهلكين في إيطاليا يتحرك بوتيرة أبطأ منها في أغلب الدول الأوروبية بسبب الأهمية غير المتناسبة للرسوم الجمركية. وأسعار الكهرباء والغاز تتحكم فيها الدولة جزئيا في حين بلغ التضخم الإيطالي 2.1 في المائة العام الماضي.
وبالنسبة إلى دول الأطراف الأوروبية بشكل عام لن يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة مخاطر احتياجها لخطط إنقاذ؛ إذ إن ارتفاع التضخم قد يرفع الناتج المحلي الإجمالي الاسمي؛ ما قد يساعد في خفض نسبة الدين السيادي إلى الناتج المحلي الإجمالي. غير أنه سيقود محاولات استعادة القدرة التنافسية في دول مثل البرتغال وإسبانيا.
وقال ماركو فالي، كبير الاقتصاديين المختصين في منطقة اليورو في اوني كريديت: "القوة الشرائية ستنخفض وهي تعاني بالفعل من ضعف آفاق نمو سوق العمل".
وقال راينر برودرله، وزير الاقتصاد الألماني، الجمعة الماضي: إنه "لا يتوقع تهديدا مباشرا على ألمانيا أو أوروبا بشكل عام".
وجاء ذلك تكرارا لوجهة نظر رئيس البنك المركزي الأوروبي الذي قال: "إن أسعار الفائدة ما زالت ملائمة، على الرغم من الضغوط التضخمية، ومنها ارتفاع أسعار الطاقة".
وقال جوليان كالو الاقتصادي في باركليز كابيتال: "إن الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو قد ينكمش بمقدار 0.2 في المائة إذا بقيت أسعار النفط عند مستوياتها الراهنة". وأضاف: "غير أننا من المستبعد أن نشهد نهاية ارتفاع الأسعار؛ إذ إن ذلك يحدث عندما يكون هناك كساد أو تشديد كبير للسياسة النقدية، وكلاهما غير متوقع في وقت قريب".
ويقول الاقتصاديون: "إن سويسرا من بين الدول الأقل تضررا من ارتفاع أسعار النفط وشهدت البلاد ارتفاعا بنسبة 16 في المائة في قيمة الفرنك السويسري مقابل الدولار في الأشهر الستة الماضية ومع معدل تضخم منخفض".
وقال اليساندرو بي المحلل في بنك ساراسين: "الاقتصاد السويسري بالتأكيد من الاقتصادات التي تعاني أقل من غيرها".
وستدعم العملات القوية بولندا والمجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك.
وقال كون تشو المحلل في باركليز: "هناك قوة دفع إيجابية قوية فيما يتعلق بالنمو، خاصة في أوروبا الناشئة التي تستفيد بدرجة كبيرة من النمو الألماني".