رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أين نحن من توطين الصناعة ومشترياتها؟

يؤكد دائما خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله وأعاده سالما معافى - وفي أكثر من مقام، ومنطلق رؤيته المستقبلية الحكيمة، على أن خيارنا الأول في تحقيق تنمية مستدامة واقتصاد متين ومستمر، هو الصناعة وتوطينها، حيث بذل جهودا جبارة في هذا المجال، وقدم دعما كبيرا ومستمرا سواء كان ماديا، أو معنويا.
لكن .. مع الأسف أن هناك جهات لم تقدر هذه الجهود، أو تعي الهدف منها حتى وقتنا الراهن، فعندما نسمع عن توقيع الشركات الكبيرة عقودا بالمليارات مع شركات أجنبية، نجد أن هذه العقود تكاد تخلو من توطين الصناعة أو الخدمات المتعلقة بها، وعلى العكس تقوم جميع الشركات الأجنبية المتعاقدة بجلب كافة احتياجاتها من الخارج، على الرغم من وجود الكثير من هذه المشتريات والخدمات المساندة داخل السعودية، حيث إن هناك عددا كبيرا جدا من السلع الصناعية التي يوجد تشابه كبير بين القدرة الإنتاجية للمملكة منها وحجم الطلب الاستيرادي المرتفع، وبالتالي توجد أهمية لتوجيه الطلب على الإنتاج المحلي منها لخلق قيمة مضافة محلية، وتنمية هذه الصناعات.
إن المتتبع للاقتصاد العالمي، يجد أن هناك دولا كثيرة اتجهت في الآونة الأخير إلى توطين الصناعة، وعلى رأسها أمريكا، التي تعد من أكثر بلدان العالم حرية في هذا المجال، إلا أنها أصبحت في الفترة الأخيرة تنادي بتوطين الصناعة لديها، وتجبر الشركات سواء الأمريكية أو غيرها على استخدام وتشجيع المنتج المحلي، مما يدل على أهمية وضرورة هذه السياسة، خصوصا عند عدم استقرار الاقتصادات العالمية، ولنا في الأزمة الاقتصادية الأخيرة خير مثال.. ولكن المحير هنا أن المملكة التي تحتل مكانة اقتصادية وصناعية كبيرة عالميا، ما زالت في مجال توطين الصناعة، لم تخطُ خطوات تحسب لصناعاتها، وما زالت شركاتها الكبيرة تعتمد في عقودها على الشركات الأجنبية، إذ إنه من المعروف لدى الجميع، أن المملكة تنفق مبالغ كبيرة سنوياً في العديد من مشاريع الشركات الكبيرة، أي أن نسبة كبيرة من الاستفادة يتم دفعها إلى الشركات الأجنبية مقابل خدمات التصنيع، والإنشاءات، والتصميمات الهندسية، والدراسات الفنية، والآلات، والمعدات، وبالتالي يتم تحويل جزء لا يستهان به من العائد الاقتصادي إلى خارج البلاد من دون الاستفادة منه في تنمية الاقتصاد المحلي، حيث يكمن هنا هدف توطين الصناعة ومشترياتها.
للأسف .. هناك عديد من الصناعات التي تحتاجها المشاريع السعودية بمختلف أنواعها، داخل السعودية ولا نحتاجها من الخارج، ولكن نصطدم بواقع مرير عندما نجدها تأتي من الخارج وهي متوافرة لدينا، وحتى إن لم تكن متوافرة لدينا، لمَ لا نعمل على توطين صناعتها؟.. ونحقق قيما مضافة إلى الاقتصاد الوطني، ومن ثم تحقيق أمن اقتصادي على المستوى المحلي والمستقبلي، أي أنه في حال وجود طارئ ـــ لا سمح الله ـــ فإننا لا نحتاج إلى غيرنا، ولا تتوقف صناعاتنا.
بمعنى آخر .. عندما تشتري شركاتنا تصاميم المشروعات، لمَ لا يتم تقسيم هذه التصاميم إلى عدة مشروعات صغيرة أو متوسطة توزع على الصناعة المحلية، التي تعمل بدورها على توفير جميع احتياجاتها، وبالتالي نجد كل ما تحتاجه المشاريع الكبيرة من خدمات أو قطع غيار متوفرا لعشرات السنين، وغير مرتبط بفترة الضمان التي تفرضها الشركات الأجنبية.
من وجهة نظري، إن على وزارة التجارة والصناعة أن تقوم بدور المرجعية، وأن تكون لها الكلمة الفيصل في إلزام تلك الشركات بالعمل على توطين الصناعة والمشتريات، من خلال العقود التي تبرمها، خصوصا أن الحكومة هي من تملك تلك الشركات الكبيرة، كما تعمل على متابعة وتطبيق القرارات الملزمة على أرض الواقع، كذلك يجب على مؤسسة النقد أيضا إلزام الجهات المقرضة، أن تشترط على تلك الجهات عند إقرضها، العمل على تحقيق هذا الهدف، وأن يكون شرطا إلزاميا عليها.
من هذا المنبر الصادق .. أتساءل: أين دور الشركات الأربع الكبار: أرامكو، وسابك، ومعادن، والكهرباء؟ أين دورها في توطين الصناعة والخدمات التي تحتاجها من مشتريات وغيرها؟ أليست بلادنا أولى بالمليارات التي تذهب خارجا عن طريق الشركات الأجنبية؟ أليس من الأولى أن يلزم (الأربع الكبار) الشركات الأجنبية بتوطين صناعة لا توجد لدينا؟ أين دورها في تطبيق تطلعات خادم الحرمين الشريفين، في أن تكون الصناعة هي خيارنا الأول؟
وفي الختام .. هل نقف مكتوفي الأيدي أمام هدف يحقق لنا الأمن الاقتصادي مستقبلا، ويعطي قيمة مضافة إلى اقتصادنا الوطني، ويفتح باب الاستثمار والتوظيف لشبابنا الطموح؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي