رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


همومنا كثيرة .. فهل من حلول؟

هناك أمور كثيرة وهموم أكثر في حياتنا نود لو أنها تتغير إلى الأفضل، وتصرفات من البعض منا تربك أمزجتنا وتجعلنا نظن أن غيرنا أقدر منا على تلافي حدوثها أو على أقل تقدير علاجها، بدلا من محاولة التعايش معها. ولدينا أمثلة كثيرة من المنغِّصات التي نحن في حاجة إلى النظر في أمرها والعمل على إزالتها أو تسهيل التعامل معها من المسؤولين، كل فيما يقع تحت اختصاصه. ولعلنا نذكر هنا عددا يسيرا منها، دون إبداء الأفضلية.
يذكر أحد الاخوان أنه أخذ والدته المسنة إلى مكتب الأحوال المدنية الذي يبعد عن مقر سكنه ما يقارب 20 كيلومترا، لكنه عانى مشقة الوصول إلى دائرة الأحوال بسبب الازدحام وكثرة أعمال الصيانة في الشوارع، فلما قدمت والدته كامل أوراقها إلى المسؤولة، أخبرتها الأخيرة بأن النظام لا يقبل صورة الوجه مع نظارة، والابن لم يكن يعلم بذلك من أي مصدر. فعادوا إلى مسكنهم، بعد أن حصلوا على موعد قادم للمراجعة. وبعد عودتهم إلى البيت وجدوا أن لديهم صورا مناسبة ومن دون نظارة. فلما حان وقت الموعد ذهبوا إلى الأحوال المدنية وهم مطمئنون بأن أمورهم ستسير على ما يرام. وبعد انتظار أخذ وقتا طويلا عادت إلى ابنها الذي كان ينتظرها في الشارع، لكنها فاجأته بأن عليها أن تُحضر صورا حديثة لها، مع أن الصور التي قدمتها لم تكن قديمة، وهي بكل الأحوال سيدة كبيرة السن. وبموجب المنطق السليم، فإن الصور الجديدة ستكون قديمة بعد عدة سنوات! لكن المفاجأة هذه المرة أن المسؤولة في المكتب وجهتها إلى محل تصوير بجانب مكتب الأحوال لا يستغرق إخراج الصور فيه أكثر من 30 دقيقة، فكان الابن يتمنى لو أنهم ذكروا لها ذلك في اليوم الأول. وعند انتهاء والدته من جميع الإجراءات المطلوبة، اكتشف صاحبنا أنهم أخذوا لها صورا جديدة داخل المكتب! إذاً لماذا يُصرون على طلب إحضار الصور مع أوراق التقديم؟ الله سبحانه أعلم. ومن المؤكد أن هذه هي طريقتهم مع جميع المراجعين، ومنهم منْ يحضر من قرى نائية قد تبعد أكثر من 200 كيلومتر.
وتذهب إلى أحد مطاراتنا الدولية قرب منتصف الليل من أجل أن تستقبل عاملة منزلية جديدة، فتضطر إلى الانتظار ساعات طويلة دون أن تجد من يمنُّ عليك بمعلومات بسيطة عن وجودها من عدمه ومتى تنتهي إجراءاتها. فإذا كنت محظوظا وناداك المسؤول بطرف أنفه، فعليك ألا تُكثر الأسئلة وانتظر حتى يأتي دورها وتخرج. لقد شاهدنا في مطار الدمام، على سبيل المثال، منْ يأتون من منطقة الأحساء والخفجي والنعيرية، من مسافات تتعدى 200 كيلومتر، ولا تختلف معاملتهم عن أولئك الذين يأتون من المدن القريبة من المطار. فأحيانا لا تنتهي إجراءاتهم إلا بعد منتصف الليل، وعليهم أن يعودوا إلى مقر سكنهم خلال ما تبقى من الليل! هذه الممارسات وعدم المبالاة بالحالات الخاصة لا تتناسب مع توجيهات خادم الحرمين - حفظه الله - وندائه المتكرر للمسؤولين بتسهيل أمور المراجعين.
وعندما تسير بمركبتك في معظم شوارع مدننا وقرانا تعود بك الذاكرة إلى أيام ما قبل تعبيد الطرق، فأنت تنتقل من مطبِّ إلى آخر، بعضها من سوء التنفيذ والبعض الآخر نتيجة الإهمال. وما الحكمة من ترك جميع فوهات فتحات المجاري والصرف التي في وسط الشوارع الرئيسة أنزل من مستوى الطريق، ولا تُشاهدها إلا بعد أن ترتطم بها المركبة؟ وماذا عن المطبات الصناعية المنتشرة في وسط الأحياء، أليس هذا دليلا على بعدنا عن أدنى مراتب الحضارة؟
تسافر من مدينة إلى أخرى داخل المملكة - حفظها الله من كل مكروه، فتصادفك في الرخاء والشدة عدة نُقاط تفتيش. وتتمنى لو أنك تجد رجل مرور واحدا داخل المدن لضبط فوضى السير في أوقات الذروة ويُعاقب المخالفين، وما أكثرهم. وهذا لا يعني أن البلاد خالية من وجودهم، فأنت أحيانا تشاهد أحد رجال المرور قابعا تحت أحد الجسور أو مرابطا عند مفترق طرق.
يتضاعف عدد المركبات في بلادنا كل حين، ويتناسب ذلك طرديا مع عدد السائقين الشباب المؤهلين وغير المؤهلين وعكسيا مع أعمارهم، أي أن معدل أعمار سائقي المركبات ''الصغيرة'' تقل مع مرور الوقت بسبب السماح لصغار السن بقيادة المركبات دون تدريب، وربما أن البعض منهم من دون الحصول على رخصة القيادة. ونتيجة لذلك، فالحوادث المرورية تزداد كل عام، وأغلب الضحايا هم ممن لا يتقيدون بربط أحزمة الأمان. فهل عجزنا عن أن نفرض نظام ربط الحزام ومعاقبة المخالفين، وهو أبسط ما يكون وفوائده لا تُعد ولا تُحصى؟ دعك من إهمال أمور السلامة المرورية الأخرى.
وقد تحدثنا وتحدث غيرنا عن ''العقوم'' الأسمنتية التي استولت على نصف مساحات شوارعنا من دون أي حق، لمصلحة مالكي أحياء السكن الخاص الذي غالبا ما يسكنه أجانب. وربما كان هناك في فترة من الزمن حاجة إلى وجود مثل ذلك الردم قبيح المنظر من أجل حماية الأجانب من عبث العابثين. لكننا لا نرى اليوم أي ضرورة تستدعي وجودها، خاصة أنها تُعرقل أكثر من 50 في المائة من حركة السير. ثم لماذا لا يتحمل صاحب الأرض نفسه مسألة حماية القاطنين داخل أملاكه، بدلا من تحميلنا نحن وزر حمايتهم وهو الذي يقبض الأجر منهم؟ فهذه أمور تُنغِّص علينا حياتنا وتُعرضنا لكثير من الحوادث المرورية التي نحن في غنى عنها.
وهل يعلم القارئ الكريم أنه لا يوجد فرد واحد من العشرين مليون نسمة في هذه البلاد يعمل بأي صفة في بناء المساكن أو المنشآت الأخرى؟ أي أنه من المستحيل أن تُكوِّن اليوم فريقا سعوديا من 20 فردا بجميع تخصصات متطلبات بناء فيلا واحدة، من التصميم إلى تسليم المفتاح! وقد كنا قبل جيل واحد نبني مساكننا بأيدينا. إنها الثروة الوهمية التي لم نحسن استغلالها، أفرزت أجيالا تعتمد في معظم شؤون حياتها على الآخرين من ذوي الأجور المتدنية، ولا يُدركون أن العواقب قد لا تكون في مصلحتهم.
والكل غافل عن التوسع الفاحش في استخدام المركبات الثقيلة لنقل البضائع والمعدات بين المدن الرئيسة، بدلا من نقل معظم الأثقال بواسطة السكك الحديدية، كما هي الحال في الدول الأخرى. فهذا الكم الهائل من المركبات وما تستهلكه من الوقود المُخفَّض وما يتطلب تشغيلها من مئات الألوف من العمالة الأجنبية وتدميرها للطرق، إلى جانب كونها عامل تهديد لسلامة المرور، كل ذلك يحتاج إلى دراسة اقتصادية واجتماعية لنقارن بين سلبياتها وإيجابياتها. ومن الملاحظ خلال السنوات الأخيرة تلك المركبات أصبحت تحتل في سيرها أكثر من مسار واحد، وهو مما يزيد من خطورتها على المسافرين، خصوصا خلال الليل.
ومن الملاحظ أن السير بالمركبات داخل المدن في السنوات الأخيرة أصبح من الهموم التي يحملها المواطن، فالازدحام والفوضى المرورية وصلا إلى مرحلة لا تكاد تُطاق. فالمرء يتمنى ألا يكون له حاجة إلى الذهاب إلى عمق المدينة، لكن هيهات. والوضع العام يتحول سنويا من سيئ إلى أسوأ بسبب زيادة عدد المركبات. ولنتخيل الوضع لو سُمح للمرأة أن تدخل عالم قيادة المركبات، وهو أمر وارد! لكن ليست هذه كل المشكلة، فالقادم أعظم، فالذي يهمنا أكثر هو مصير مستقبلنا بعد عشر و20 سنة إذا استمرت نسبة زيادة المركبات على ما هي عليه اليوم، وهو أمر طبيعي. وهل هناك في الأفق أي نوع من الحلول، دون توسعة الشوارع عن طريق هدم البيوت المجاورة المستحيل؟ وعلى العموم، فنحن في حاجة إلى رجال يملكون قسطا وافرا من الحكمة والإخلاص وبُعد النظر، إضافة إلى الإمكانات اللازمة.
قليل من كثير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي