السودان يتخذ إجراءات عاجلة لحفظ حقوق المستثمرين السعوديين بعد الاستفتاء
بددت حكومة السودان مخاوف المستثمرين السعوديين من مصير استثماراتهم بعد الانتهاء من نتائج استفتاء جنوب السودان الذي يحدد وضع البلاد سواء في الوحدة أو الانفصال، عبر اتخاذها إجراءات وتدابير احترازية عاجلة تحفظ حقوق المستثمرين السعوديين، وتساعد على نموها خلال الأعوام المقبلة.
وكشف لـ''الاقتصادية'' حسين سليمان كويه المستشار الاقتصادي في سفارة السودان لدى المملكة، عن أن الاستثمارات السعودية في بلاده لن تتأثر بنتائج الاستفتاء المصيري، مشيرا إلى أن حكومة بلاده شرعت في اتخاذ إجراءات وتدابير احترازية عاجلة تمكنهم من الاستفادة من العوائد المالية التي تحققها مشاريعهم الاستثمارية، خاصة وأن المستثمرين السعوديين يحظون باهتمام وتعامل خاص من قبل رئاسة الجمهورية، التي تسعى دوما إلى تذليل جميع المعوقات التي تعترض استثماراتهم وتحد من نموها.
وأوضح المستشار الاقتصادي أن الزيادات الأخيرة التي أعلنتها حكومته في أسعار المحروقات سيكون لها تأثير محدود في الاستثمارات السعودية وغيرها من الاستثمارات الأجنبية الأخرى، خاصة على القطاعين الزراعي والصناعي لاعتمادهما على الطاقة الكهربائية، بدلا عن المنتجات البترولية التي تعد مساهمتها في المشاريع الإنتاجية محدودة.
وأضاف: ''أن الانفصال لن يؤثر في الاستثمارات السعودية في الشمال لوجود البنى التحتية، لكنه توقع أن يكون هناك أثر فيما يتعلق بالعملات الأجنبية، حيث إن الشمال سيفقد نحو 70 في المائة من حصته من عائدات النفط، وأن هذا الأمر ربما ينعكس على المستثمر في حال رغبته في تحويل أرباحه أو جزء منها خارج السودان، خاصة أن بنك السودان ''البنك المركزي'' قد يواجه شحا في توافر العملات الأجنبية، ومن ثم لا يستطيع مقابلة طلبات التحويل من قبل المستثمرين''.
بيد أن المستشار الاقتصادي في سفارة السودان أكد هذا الجانب، حيث قد تمت معالجته بالاتفاق مع مؤسسة ضمان الاستثمار لرفع سقف السودان إلى 300 مليون دولار، وسيكون بمقدور المستثمر السعودي تحويل أرباحه أو جزء منها عن طريق المؤسسة التي تقوم فيما بعد بتسوية الأمر مع البنك المركزي.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين السعودية والسودان خلال عام 2010 نحو خمسة مليارات ريال. وأن هناك عددا كبيرا من الشركات السعودية الكبرى التي تعمل الآن في السودان خاصة في القطاع الزراعي، إضافة إلى شركات صغيرة ومتوسطة لها أنشطة تجارية وعقارية في السودان.
وزاد كويه: ''الحكومة السودانية وجهت بـ ''تعظيم'' عائدات الإيرادات غير النفطية كالذهب، وبقية المعادن، والصمغ العربي، والحيوانات الحية، وبعض المحاصيل الزراعية التي يتوقع أن تزيد من إيرادات الدولة، إضافة إلى أن هناك اتجاها لتحسين آبار النفط في الشمال التي تمثل 30 في المائة، وزيادة طاقتها الإنتاجية باتباع تكنولوجيا وتقنيات متطورة، إلى جانب توسيع فرص استكشاف النفط في الشمال، إضافة إلى العائد المتوقع تحقيقه من تأجير مصافي البترول وخطوط نقل وتصدير النفط إلى البحر الأحمر، مؤكدا أن هذه الخطوات ستساعد قدرة البنك المركزي على توفير النقد الأجنبي في حال الانفصال''.
وأشار المستشار الاقتصادي في سفارة السودان لدى المملكة إلى أن من ضمن القرارات والإجراءات التي تم اعتمادها أخيرا لتهيئة مناخ الاستثمار، إعادة تكوين المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية ونائبه وعضوية الوزارات ذات الصلة بالاستثمار وولاة الولايات، وذلك بهدف إزالة أي تضارب بين قرارات الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات، والعمل على تنقيح قانون تشجيع الاستثمار الاتحادي لكونه القانون الإطاري عن كل ولاية، وإعادة صياغة قانونها الولائي ليواكب القانون الإطاري وإزالة أي مادة أو بند لا يتوافق والقانون الإطاري.
وبحسب كويه فستتضمن الإجراءات أيضا مناشدة الحكومة المواطنين الذين يدعون ملكية أرض تم تخصيصها لمستثمر أن يقوموا برفع دعوى ضدها وليس ضد المستثمر. على أن تتم المقاضاة بين الطرفين دون أن يتأثر المستثمر بالدعوى أو إيقاف مشروعه، ومن ثم تعمل الحكومة على تعويض المواطن إذا ثبت صحة دعواه بحيث لا يكون المستثمر طرفا في الدعوى.
وتابع: ''تم تأسيس محكمة خاصة بقضايا الاستثمار حتى لا يتأخر الفصل في هذه القضايا، حيث إنه في حال واجه المستثمر أي مشكلة تعوق نشاطه فعليه رفع شكوى إلى الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل مستشار رئيس الجمهورية الأمين العام للمجلس الأعلى للاستثمار للسعي إلى إيجاد الحل المناسب، وأنه في حال تعذر ذلك ترفع للمجلس في وجود الجهات المعنية توطئة لحلها، كما تم الاتفاق مع مؤسسة ضمان الاستثمار لمقابلة أرباح وتحويلات المستثمرين خصما على سقف السودان لدى المؤسسة التي تبلغ 300 مليون دولار على أن تتم التسوية بين المؤسسة والبنك المركزي لاحقا''.