رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


حتى لا تغرق المحاكم في القضايا البسيطة

في المحاكم تظل الناس لسنوات تترافع حول قضايا ونزاعات بسيطة، وغالباً ما تقوم على (كلام) وادعاءات ولا توجد وثائق أو عقود واضحة ومعتمدة من جهات رسمية .. تمضي الناس سنوات ولا تجد القضايا من يحسمها وينهي النزاعات ويوطن النفوس ويترك الناس تتفرغ لأعمالها وشؤونها، وبالتالي تُحترم مؤسسات القضاء ورموزها، وتتعزز هيبة النظام وهيبة الدولة.
ثمة حقيقة علينا قبولها وهي أن هناك (بعض) أصحاب الفضيلة القضاة في المحاكم ممن يحتاجون إلى المتابعة والتوجيه والتحفيز ومواصلة التأهيل لكي تتطور آليات عملهم وترتفع إنتاجيتهم .. هذه حقيقة علينا التعايش معها وتفهمها، وهي حالة موجودة في كل القطاعات الخدمية والإنتاجية سواء العامة أو الخاصة، فالموارد البشرية في منظمات العمل الحديثة المطالبة بتحقيق أهداف وتقديم خدمة لا يمكن أن تكون على قلب رجل واحد وتكون مخرجاتها متساوية الكفاءة والفعالية .. ومساعدة القضاة على عملهم تتحقق عبر ترتيب المتطلبات الضرورية قبل أن تصلهم القضايا.
النزاعات والقضايا التي تُغرق المحاكم وتشغل ولي الأمر والناس يمكن الحد منها بشكل كبير عبر اتخاذ آليات/ إجراءات بسيطة وغير مكلفة.
من هذه الخطوات ضرورة (إلزام الناس) باللجوء إلى (العقود) حتى في الأمور البسيطة جداً، التي تجري في حياة الناس مثل إصلاح الأعطال المنزلية أو الزراعية، أو مشاكل إصلاح السيارات وصيانتها .. وغيرها من الأمور البسيطة التي هي محل نزاعات دائمة، فهذه العقود يجب أن تكون أساسية ولا يقبل النظر في المحاكم إذا لم تكن متوافرة.
إعداد العقود يفترض أن تباشره وزارة العدل عبر دعوة قضاة ومحامين ومتخصصين في المجالات الأساسية، بحيث يعملون على إعداد عقود موحدة توفر المتطلبات الضرورية التي تساعد مؤسسات ولجان القضاء المختلفة والإدعاء العام ليكونوا إزاء معالم قضايا قابلة للنظر وتساعد المحاكم على تحري الحق والبت السريع في القضايا.
هذا المشروع أرى أنه جزء من التربية الوطنية الذي يفترض أن تباشره الدولة عبر مؤسساتها المختلفة، فتعويد الناس على الصيغ التعاقدية في كل شؤون حياتهم ضروري مع تعقد أمور الحياة واختلاف الناس وتعدد مصالحها، نحن في مرحلة تتطلب التحول إلى التوثيق والضبط وإعداد العقول والنفوس لكي تصل الناس إلى حقوقها عبر المؤسسات الشرعية والقضائية .. أي عبر النظام ومؤسساته.
وحتى تأخذ الأمور منحى التدافع الإيجابي .. ربما وزارة العدل بحاجة إلى نظام فعال ومتطور لمتابعة سير القضايا في المحاكم حتى تكون هناك رقابة موضوعية لسير القضايا ولمعرفة لماذا تتأخر القضايا، ومثل هذا الإجراء هدفه التقييم المستمر، ويتيح حصر الجوانب التي تحتاج إلى التطوير في سير إجراءات التقاضي، ولا بد من الإشارة إلى أن وزارة العدل في إطار مشروع تطوير القضاء لديها أشمل وأعمق مما نقترح.
وأرجو أن يكون الاهتمام بالعقود وضرورة لجوء الناس إليها في أولويات مشروع تطوير القضاء .. فتطوير البيئة المحيطة بمؤسسات القضاء لا يقل أهمية عن تطوير المرافق ذاتها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي